سياسة عربية

موقف للريسوني من "حرب داعش" يثير جدلا يضطره للتوضيح

النائب الأول لرئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أحمد الريسوني - أرشيفية
النائب الأول لرئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أحمد الريسوني - أرشيفية
فجّرت "كلمة مقتضبة" نشرها النائب الأول لرئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أحمد الريسوني، وصف فيها الحرب الجارية على الدولة الإسلامية بـ"حرب العدوان والشيطان"، جدلا واسعا في المغرب، حيث ارتفعت الأصوات المخالفة لما ذهب إليه العالم المقاصدي، ما دفعه إلى توضيح موقفه.

وأثارت كلمة الريسوني حفيظة محمد بولوز، وهو الباحث في الفكر الإسلامي، وعضو المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح، الذي عدّ أنه "متى وجب القتال ضد داعش، كان المنخرط فيه بنية الامتثال لأمر ربه مجاهدا في المقامات العليا من الدين، وشهيدا عند ربه إذا قتلوه في المعركة، بغض النظر عمن يكون القائد المسلم الذي يجري القتال تحت رايته وإمرته سواء كان برا أو فاجرا".

ودعا بولوز، في مقال نشره على صفحته، الأحد، إلى استلهام موقف النبي عليه الصلاة والسلام الذي زكَّى "حلف الفضول"، الذي كان في الجاهلية لقوم كافرين، وقال حينها: "لو دعيت في الإسلام لمثله لأجبت"، مسجلا أن "هَمّه وقضيته موضوع الاجتماع والتحالف بغض النظر عن أطرافه، الذي كان يومها نصرة المظلوم وكف الظالم".

وتابع بولوز: "لا أقول تحالف اليوم هو تحالف الأمس وأن مقصود هؤلاء هو كف الظلم ونصرة المظلوم، بل أعرف عن كثير منهم أنهم هم أنفسهم الظالمون وأن الكثيرين من أهل الدنيا يعانون من شرورهم"، قبل أن يستطرد "ولكن يهمنا موضوع التحالف المعلن، وهو استهداف كسر شوكة داعش وإضعافها، وإيقاف زحفها عن التهام مناطق أخرى والتمكن من مواقع جديدة".

وأضاف الباحث في الفكر الإسلامي، أن الواجب اليوم هو "قتال داعش بغض النظر عن الداخلين في الخط من أعداء الأمة المعروفين، والهدف إيقاف هذا الشر من الزحف حتى لا يزيد على الشرور والويلات التي تعاني منها أمتنا من زمن غير يسير".

كما أن عددا من المهتمين بالحركة الإسلامية، الذين يرون "كلمة" الريسوني "فتوى"، دعوا إلى تقنين مجال الإفتاء الفردي، مشددين على أن موقف الريسوني مثير للاستغراب، خاصة أنه صدر من عالم مقاصدي، رافض للتطرف والإرهاب.

ولم يتأخر رد الريسوني على منتقديه، حيث وضع "ست" قواعد لفهم موقفه من الدولة الإسلامية والتحالف الدولي المعلن لمحاربتها، مسجّلا بداية أن التنظيم "تَشَكَّل وتضخم وتفرعن بفعل عوامل متعددة، أكثرها وأهمها مصنَّع وموجَّه، بشكل مباشر أو غير مباشر، وأن الأيدي الأمريكية والسورية والعراقية والإيرانية ضالعة في ذلك قطعا".

وسجل أن الدولة الإسلامية مدعومة ومخترقة وموجهة، من عدة جهات معادية للعرب والمسلمين، هي ذاتها التي تتصدر الآن ما يسمى بالحرب على الدولة الإسلامية، وأن نظام بشار الأسد هو المحتضن الأول والراعي المباشر لولادة هذا التنظيم ونشأته. 

وبسط العالم المقاصدي، في ثاني قاعدة من خلال مقال "الشرح والبيان لحرب العدوان والشيطان"، نشره على موقعه، مساء الاثنين، أن "الدول العربية والأوروبية التي يتوافد منها المجاهدون والمجاهدات إلى صفوف داعش تتغاضى عن خروجهم وتَنَقُّلِهم وعبورهم، أي أنها تتركهم يلتحقون بداعش، وهي قادرة تماما على منعهم لو أرادت".

وأضاف أنه "من الواضح أن هذه السياسة ترمي إلى التخلص من أولئك الشباب، ثم إرسالهم إلى المعركة والمحرقة".

أما ثالث القواعد بحسب الريسوني، فهي أن المستفيد من "تضخيم داعش ولو مؤقتا، ثم القيام لمحاربتها عدة سنين، الأمريكيون والغرب عموما، ببيع الأسلحة وتجريبها، وتدريب العسكريين وتطوير مهاراتهم، وجلب أموال خيالية مقابل العمليات الحربية، ومقابل ما يسمى إعادة الإعمار، كما ييسر لهم مزيدا من التمكن والتحكم في المنطقة، ومزيدا من تفتيتها وإغراقها في العداوات والصراعات والحروب الثأرية التي لا تنتهي".

وفي الجهة المقابلة فإن "وجود داعش يمكّن السياسيين الإيرانيين والطائفيين العراقيين، من سحق المناطق السنية وأهلها، لفائدة التمدد الشيعي، وأما النظام السوري فإنه الرابح الأكبر من داعش، فقد أنقذه ظهور داعش من ورطة خانقة، بل من موت محقق".

وأوضح الريسوني في رابع قاعدة له: "هذه الحرب على داعش، هي بالدرجة الأولى صناعة أمريكية غربية، وهي بالدرجة الثانية صناعة إيرانية طائفية، وأما الشعوب العربية وعموم المسلمين، فليس لهم في هذه الحرب ناقة ولا جمل. ليس لهم فيها قرار ولا تخطيط ولا قيادة ولا مصلحة، بل هي عبارة عن قتل المسلمين بالمسلمين بأموال المسلمين".

وعدّ أنها "وبال عليهم في دينهم ودنياهم، في الحال والمآل".

وشدد الريسوني على أن "أي دولة منفردة من دول المنطقة -مثل السعودية والعراق والأردن وتركيا- قادرة على سحقهم وإبادتهم في بضعة أشهر، لو كان لها قرار مستقل وتدبير مستقل، فالسعودية على سبيل المثال سكانها نحو 30 مليون، وثرواتها وقدراتها التسليحية لا حدود لها، ولعلمائها ودعاتها قدرة فائقة تامة على التعبئة والتجييش والتجنيد لملايين المواطنين من داخل المملكة، ولأكثر من ذلك من خارجها".

وقدّم الريسوني دليلا على انعدام إرادة الدول في الحرب على داعش من خلال اقتراح "سبق للزعيم الجزائري عباسي مدني أن عرضه على الملك فهد، وعده بأن يأتيه بمليون متطوع من الجزائر وحدها، لأجل ألا يستقدم الجيوش الأجنبية إلى بلاد الحرمين، ولكنه رفض العرض، فجاءت الجيوش الأجنبية، ثم جاءت القاعدة، ثم جاءت داعش، ثم جاء الـحــَـوَثة، ثم لا أدري…؟".

وحسم الريسوني موقفه من الحرب حين قال: "فلو أن حربهم على طائفة البغاة المتمردين المفسدين، تمت في هذا الإطار، وعلى صعيد من هذه الأصعدة، وكانت لمصلحة الإسلام والمسلمين، لكانت حربا مشروعة واجبة، ولكانت شعوبهم وجميع المسلمين فيها ومعها".

وختم حديثه بالقول إن "الدول الاستعمارية تصر على أن يكون القرار قرارها، وأن يكون زمام الحروب بيدها، وأن يكون السلاح تحت تحكمها وإمرتها، ولصالحها ولصالح إسرائيل. ففي هذا الإطار وُجدت داعش، وفي هذا النطاق تجري الحرب على داعش. وهذا هو لب المسألة وجوهر المشكلة".
التعليقات (4)
جدار
الإثنين، 27-04-2015 02:08 م
نعم يجب على المسلمين ان لايكونو لعبة في يد الغرب وان تكون مواقفهم و قراراتهم اسلامية قرانية سنية و الا انعكست عليهم هاته السياسات فمن رايي هناك بعض الدول شرها يضاهي شر داعش او يفوقه .لماذا الدول العربية تقف مع العراق الايرانية ضد داعش بينما تفضل الحكومة العراقية ايران و الحوثيين على الدول العربية. لماذا تتخاذل الجزائر عن حرب الحوثيين و تكتفي بادانة الارهاب السني.القضية فيها مصالح وتحالفات مصلحية. او كيتمحن غير الكامبو او مول النية
مدد الخلافة
الثلاثاء، 10-02-2015 07:16 ص
شاهت الوجوة تقاتلون الإسلام بالكافرين نسيت قوله تعالى ومن يتولهم منكم فإنه منهم ونسيت قوله ولن ترضى عنك اليهود والنصارى حتى تتبع ملتهم وتقولون انكم تمثلون المسلمين كيف من يقاتل الدولة الإسلامية يصبح شهيد شاهت الوجوه الشهيد من يقاتل في سبيل الله لإعلاء راية الله وتحكيم شرعة وفرض خلافته ودينه وانتم تقاتلون من اجل عكس هذا كله فاي دين يقول انهم شهداء واي مغفل يسمع كلامكم
hoho
الثلاثاء، 10-02-2015 06:22 ص
Very good analysis
الصادق الرقيعي
الثلاثاء، 10-02-2015 02:18 ص
هذه هي الحقائق التي لا يعرفها مؤيدو داعش و أعداؤها من أبناء المسلمين ، فالقول بأنها تمثل بداية مباركة لاقامة دولة الخلافة الاسلامية خطأ ، و القول بأنها مؤامرة على الاسلام و المسلمين خطأ أيضا . ان الشباب المتحمس الذي جاء مجاهدا من كل مكان ، و لنضم الى داعش شباب قاصر العلم و الفهم ، خاصة في فهم السياسة الشيطانية التي يصنعها الغرب و عملاؤه من حكام العرب ، و لكن قيادات داعش تنفذ مخططا بعيدا عن الاسلام ، و هم أنفسهم لم يعرفوا يوما بأنهم من علماء الأمة و مجاهديها الأتقياء الأنقياء .

خبر عاجل