سياسة عربية

ما هي خيارات إخوان الأردن بعد "اغتيال شرعيتهم"؟

تعاني جماعة الإخوان في الأردن أزمة داخلية كبيرة - أرشيفية
تعاني جماعة الإخوان في الأردن أزمة داخلية كبيرة - أرشيفية
وجدت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن بقيادتها الحالية، نفسها وجها لوجه أمام تحدٍ وجودي، هو الأخطر عليها طوال تاريخها الدعوي، بعد صدور الموافقات الرسمية من مجلس الوزراء الأردني، على طلب التصويب القانوني الذي تقدمت به سابقا "اللجنة التحضيرية لإصلاح الجماعة"، وفقا لما أعلنته اللجنة في بيانها، الاثنين الماضي. 

وكانت اللجنة المذكورة التي يترأسها المراقب العام الأسبق للجماعة، عبد المجيد الذنيبات، قد تقدمت بطلب ترخيص الجماعة، سعيا منها "لحمايتها" من الحظر والملاحقة الأمنية والقانونية، عبر فك ارتباطها بالجماعة الأم في مصر المصنفة جماعة "إرهابية محظورة"، بحسب تصريحات صحفية لرئيسها الذنيبات.                        
وقوبلت الخطوة التي أقدمت عليها اللجنة، بالرفض والإدانة من القيادة الحالية للجماعة، ومن قيادات سابقة وتاريخية. فقد أدان المراقب العام السابق للجماعة، سالم الفلاحات بشدة ما قام به الذنيبات ومجموعته، معلنا موقفه بوضوح، أنه "لا يمكنه الانحياز إلى هذا التصويب" بأي شكل من الأشكال. 

وقال الفلاحات في تصريحات خاصة لـ"عربي21"، إنه مع اعتراضه على القيادة الحالية للجماعة "التي أوصلتنا إلى هذه الحالة المتأزمة، لعدم سماعها نصح الناصحين"، إلا إنه سيحافظ على بيعته لها، ويرفض رفضا قاطعا ما أقدمت عليه "مجموعة الذنبيات".

وكان مجلس شورى الجماعة قد أدان في بيان صادر عنه، مساء الاثنين الماضي "السعي لإعادة تصويب أوضاع الجماعة، بعيدا عن مؤسساتها القيادية الشرعية المنتخبة، وخلافا للأصول المعتبرة.

واستهجن المجلس "قبول الحكومة للطلب المقدم بهذا الخصوص، ورفض أي تدخل في شؤون الجماعة الداخلية". وقال إن "العبث بالمركز القانوني المحفوظ للجماعة ووضعها التنظيمي المستقر، هو مخاطرة ومجازفة، ستترك آثارها العميقة على الوطن الأردني قبل أن تصيب الجماعة بأي ضرر".

من جانبه، اعتبر عضو المكتب التنفيذي للجماعة سعود أبو محفوظ، موافقة الحكومة على طلب "تصويب الجماعة"، المقدم من الذنبيات ومجموعته، اغتيالا لشرعية الجماعة، وفكفكة للتنظيم بالطريقة الناعمة. 

وردا على ما قاله عبد المجيد الذنيبات من أنه ومجموعته "سيقومون بحل القيادة الحالية والمؤسسات القائمة"، تساءل أبو محفوظ: "كيف سيفعل ذلك مع قيادة منتخبة انتخابا شرعيا من قواعد الجماعة وشعبها؟ ومن أين سيستمد شرعيته وهو الذي لا حضور له يُذكر في مؤسسات الجماعة القائمة؟".

ونبه أبو محفوظ إلى أن الإخوان رغم تسامحهم، إلا إنهم لن يتعاطوا – بأي حال من الأحوال – مع قيادة نزلت عليهم بـ"البراشوت"، لافتا إلى أن "الذنبيات لا يشغل حاليا أي موقع تنظيمي في الجماعة، حتى على مستوى الأسرة". 

وأكدّ أبو محفوظ في حديثه لـ"عربي21" أن التنظيم باق، وأنهم سيحافظون على منهجهم الدعوي السلمي، ولن يحيدوا عنه أمام كل السيناريوهات المحتملة والمتوقعة.

وحول الخيارات المتاحة للجماعة، في حال اعتبار جماعة "الذنيبات" هي الجماعة الشرعية التي تعترف بها السلطة، واعتبار جماعتهم "منظمة سرية غير مرخصة"، قال أبو محفوظ: "نحن جماعة دعوية ربانية، نفتديها بأنفسنا وأموالنا وأولادنا، وسنحافظ عليها، ونمضي في سبيلها، ونتحمل في سبيل ذلك كلما يواجهنا ويصيبنا".

وفي السياق ذاته، أكدّ المراقب العام للجماعة، الدكتور همام سعيد، في مقابلة تلفزيونية ليلة أمس الثلاثاء على قناة "اليرموك" القريبة من الجماعة، أن "قيادة الجماعة لا تشعر حاليا بأنها في مأزق، وستبقى تعمل في كل الظروف"، داعيا العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني إلى التدخل من أجل حل الأزمة الحالية.

أما عن خيارات الإخوان الممكنة، في حال حظر "جماعته"، فقد قال الدكتور همام سعيد بثقة عالية: "نحن لا نخشى على وجودنا، ولا خوف أبدا بشأن هذه القضية"، مشيرا إلى أن "خياراتنا هي أن تبقى دعوة الإخوان المسلمين مستمرة، بعد أن أصبحت دعوتنا مستقرة، وحالة مجتمعية ووطنية متجذرة".

وفي قراءة استشرافية حول ما ستؤول إليه أوضاع "الجماعة" مستقبلا، توقع الكاتب إبراهيم غرايبة أن "وجود الجماعة القائم سيؤول إلى جماعة جديدة، لكن لا يوجد شيء مادي تقريبا ترثه سوى الاسم، فالجماعة لا تسجل باسمها أموالا وممتلكات وعقارات، وسوف ينضوي "الإخوان" الرافضون للمبادرة تحت لافتة حزب جبهة العمل الإسلامي، أو ينسحبون من العمل العام، أو يعملون في السرّ..".

وذهب غرايبة في مقاله إلى القول: "ما تؤشر إليه التفاعلات حتى اللحظة، أن الجماعة الجديدة التي سوف تعلن بمجرد الموافقة عليها، سوف تُعتبر هي جماعة "الإخوان" رسميا وقانونيا، وسوف تكون قيادتها هي قيادة "الإخوان" المعترف بها لدى السلطة، وسوف ترث هذه الجماعة الجديدة الجماعة السابقة، لكن ذلك سيكون شهادة الوفاة للإخوان.."، على حد قوله.

وتعليقا على الخطوة التي أقدم عليها الذنيبات ومجموعته، وإعلانه عن أن الحكومة أصدرت الموافقة على طلبه "بتصويب الوضع القانوني للجماعة"، حذر الدكتور جمال شلبي، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الهاشمية من اللجوء إلى محاصرة "الإخوان" بالحل والملاحقة الأمنية، معتبرا ذلك خطأ استراتيجيا ليس في مصلحة الوطن. 

ولفت الدكتور شلبي في حديثه لـ"عربي21" إلى أن "الإخوان" كالقط، إذا حاصرته يتحول إلى نمر، أي إنه يتحول من العمل الشرعي إلى العمل غير الشرعي، ومن فوق الأرض إلى تحت الأرض، وهذا تحول خطر جدا، وبالتالي فإن "السياسات العربية في تعاملها مع الإخوان هي كمن يريد أن يكحل العين فيعميها".

ورأى الدكتور شلبي في مبادرة المراقب العام الدكتور همام سعيد، الداعية إلى تشكيل مكتب تنفيذي توافقي، فرصة ممكنة لتجاوز الأزمة الداخلية للجماعة، حاثّا الحكومة والجماعة على إجراء تفاوضات تفضي إلى التوصل لحلول مرضية للطرفين، معولا على عقلاء الدولة وحكماء الجماعة. 
التعليقات (2)
د.محمود أبو الرز-مخيم البقعة
الأربعاء، 04-03-2015 05:26 م
قال تعالى: {وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}-صدق الله العظيم. 1. لست حزبيّاً ولم أنل يوماً شرف عضويّة جماعة الإخوان المسلمين ، على جلالة قدر الكثير ممّن تشرّفت بمعرفتهم الطيّبة من رجالاتها ودعاتها من أصحاب الفضل والفضيلة، إبان تشرّفي بالعمل مع فضلائها في المستشفى الإسلامي وصندوق المريض الفقير (1982-1984)؛ فمن ينكر مكارم وعطاءات قامات نبيلة لهذا الوطن من أمثال : الأستاذ محمد عبد الرحمن خليفة والدكتور قنديل شاكر ويوسف العظم ( رحمهم الله) وكذلك العم سعد الدين الزميلي والدكتور عدنان الجلجولي و د. زياد أبو غنيمة والمهندس عبد الهادي الفلاحات (بارك الله فيهم ونفع بهم وبنا جميعاً البلاد والعباد). 2. بغضّ النظر عمّا يستشعره كلّ منصف من ألم على استفحال الأزمة الداخليّة في الجماعة، إلا أنّها أظهرت شفافية عامة (لعلها غير مسبوقة) عبر وسائل الإعلام والفضاء الإلكتروني ممّا يظهر تمايز المواقف واختلافها وجهود التّوفيق داخل الجماعة بصورة تبعث على تعزيز الإيمان بتجاوز الأزمة إن شاء الله بجهود ودعم كل الخيِّرين من داخل الجماعة والدولة للحفاظ على كيانها التاريخيّ الموحّد . 3. إن جماعة بهذا الحجم والعمق التاريخي والإجتماعي لم تخل يوماً من المتسلّقين والمصلحيّين بل لم تضق ذرعاً بالذين باعوا ولاءهم للجماعة وانفصلوا عند أول إغراء أوخلاف؛فبعضهم باع الدعوة بالمناصب أو أنضم لأحزاب كرتونيّة ، لكنّ أحداً لم يفكر يوماً أن يختطف الجماعة بأسرها إسماً وتاريخاً وكياناً ومؤسسات مستقوياً ببعض مراكز النفوذ - وما هكذا تورد يا (عبدُ) الإبل ؟ 4. بغضّ النظر عن سفاهات الشّامتين والمتربصّين كيداً وغيظاً من الجماعة ، فإنّ الأزمة كشفت بالمقابل عن معدنٍ حميدٍ من شرف الخصومة السياسية لدى قامات سياسية وإعلامية بارزة تندّد بمحاولات شقّ صف الجماعة واختطاف شرعيّتها وتاريخها المُشرف في خدمة بلدنا الطيّب : إقرؤا إن شئتم ماذا قال خصومٌ قوميون ويساريّون بارزون مثل؛ معالي محمد دواودية والكاتب عمر كلاّب مشكورين بحق الجماعة وتاريخها الوازن والمتّزن في الأردن الحديث. 5. كنّا نتمنى على قيادة الجماعة أن تتحلّى بمزيد من المرونة داخليّاً وخارجيّاً وخصوصاً بعد إنتكاسة الربيع العربي واستهدافها مباشرة في بلاد مركزية بالقمع والمنع والوصم بالإرهاب، وأن تكون قد وضعت أسوأ السيناريوهات وأقلها سوءاً لمواجهة هذه العاصفة العاتية ضدها للحفاظ على وحدتها بكل ثمن أولاً والإلتفاف الشعبي حولها ثانياً وتحييد المترّبصين ضدها في مراكز النفوذ بتجريدهم من أي مبرر لإلغاء شرعيّة الجماعة أو دعم اختطافها من أصحاب الأجندات الخاصة ؟ نسأل الله تعالى أن يلهم إخواننا الحق ويهدينا وإياهم سبل الرشاد وأن تبقى هذه الجماعة المباركة عموداً وعماداً واحداً مُوحّداً في خدمة ديننا الحنيف وبلدنا المُبارك المنيف.
مسلم متابع
الأربعاء، 04-03-2015 04:59 م
المتغطي بالانظمه دائماً سيظل بردان، هذه مشكلة الاخوان المسلمين، تتغطى بالانظمه وتستخدمها الانظمه وعندما تنتهي حاجتها تحاربها الانظمه من داخلها، من يريدون تصويب اوضاع الحركه هم ابناء الدولة في الحركة ويتحركون بأوامر اجهزة امنيه معروفه ويكذبون حين يقولون بأنهم يريدون تصويب اوضاع الحركه لأنهم يريدون تشتيتها رغم ان حركة الاخوان في الاردن كانت دائماً تحت جناح النظام ولا زالت وما الاستنجاد بالملك لحل النزاع إلا لأنها لا تستطيع العيش بعيداً عن جناح النظام. للأسف هي حركة حكوميه حيث تحمل ترخيص من الحكومه ولن تعمل بالسر اطلاقاً. اعتقد ان الحركة بحاجة الى اعادة تشكيل من جديد والتأكد من قضية الولاء والانتماء فزمزم لازالت ماثله للعيان وقادتها يريدون تغيير قيادات الحركة حسب الاتجاهات الاربعه وليس لمصلحة الحركة.