مقالات مختارة

اتفاقيه أثيوبيا وإهدار الحق التاريخي

محمد جابر
1300x600
1300x600
كتب محمد جابر: وقع السيسي يوم 23 آذار/ مارس 2015 اتفاقية مع أثيوبيا والسودان بشأن سد النهضة الأثيوبي وهذه الاتفاقية التي ظلت مبادئها سرية غير معلنة لا يعلم الشعب المصري عنها شيئاً، حتى تم التوقيع عليها وتسربت بعض بنودها، والتي يظهر منها إهدار كامل للحقوق التاريخية لمصر في المياه والثابتة منذ اتفاقية عام 1902، ثم اتفاقيه عام 1959 والتي حددت حصة مصر في المياه بنحو 55 مليار متر مكعب ونصف المليار متر مكعب من مياه النيل، الآن وبعد هذه الاتفاقية لم يعد لمصر الحق في المطالبة بتلك الحصة لأنها لم تعد محددة بنص الاتفاقية. 

عندما تنص اتفاقية على أن تتخذ الدول الثلاث كافة الإجراءات لتجنب الضرر فهذا يعني العلم الكامل لدى الأطراف بحتمية تحقق الضرر، وبالرغم من ذلك لم ينص على أي شكل من أشكال العقوبات في حال تحقق الضرر، مما يدين الموقعين بالتواطؤ والتهاون في حقوق الشعب المصري. 

ثم تقدم الاتفاقية مبدأ جديداً غريباً على عالم السياسة وغريباً على التعاملات الدولية، بل غريب أيضاً حتى على صغار المستثمرين والشركات وهو حسن النية.

من يبرم اتفاقاً يقوم على حسن النية في الوقت الذي يظهر فيه للعيان حجم الضرر الواقع على شعبه من وراء الاتفاق، فهو غير مقدر لمسؤوليته تجاه الأجيال، بل هو يجرم في حق تلك الأجيال. 

كما أننا لأول مرة نعرف نوعاً جديداً من الدراسات اللازمة لبناء السدود، وهي الدراسات القائمة على حسن النية. 

بحثتُ في البنود لم أجد بنداً واحداً مفيداً لمصر أو مقيداً أثيوبيا في عدم إلحاق الضرر بمصر، أو حتى يحافظ على حقوق مصر في حصتها في المياه. 

وبالرغم من كل الأضرار المتوقعة الحدوث والتي تؤكدها الأبحاث العملية والتي تشمل انخفاض الرقعة الزراعية في مصر بما يقارب 4 مليون فدان، وتوقف التنمية الزراعية واستصلاح الأراضي وارتفاع أسعار السلع الغذائية وانخفاض إنتاج الكهرباء بالسد العالي، وتحمل مصر تكاليف وأعباء إضافية للبحث عن مصادر بديلة للمياه من حفر للآبار وتحلية لمياه البحار وما إلى ذلك من تكاليف باهظة، فضلاً عن زيادة التصحر وارتفاع نسبة ملوحة الأراضي، بالرغم من ذلك وغيره وقع السيسي تلك اتفاقية، فما هي الدوافع لذلك التوقيع؟

كان من الممكن أن لا يوقع السيسي وتستمر أثيوبيا في بناء سدها وتشغيله دون توقيع مصر وخصوصاً أن الاتفاق لم يعط مصر الحق في أي شيء، إلا أن السيسي لم يفعل ذلك ووقع على الاتفاق مما يعكس شعوراً برغبة جارفة من السيسي في تسريع الحصار على الشعب المصري وتجويعه وتفتيت مؤسساته بعد أن نجح في تفتيت شعبه. 

ثانياً: هو محاولة للإبقاء على ما تبقى من حلفائه مثل الأمارات وإسرائيل، والجميع يعلم مصالحهم في أثيوبيا. 

ثالثاً: محاولة استرضاء لأمريكا وقربان لها لعله يستمر في حكمه.

رابعاً: الشعب المصري ومصالحه ليست ضمن حساباته ولا يعطي لهم بالا.

كل ما سبق يوجب على الشعب المصري كله أن يرفض تلك الاتفاقية وأن يسحب تفويضه المزيف من السيسي وأن يبادر الى محاكمته على جرائمه بحق الشعب، وعلى المثقفين والسياسيين أن لا يصمتوا عن إهدار خيرات مصر، وتبقى مصر هبة النيل، وتبقى مصر ما بقي شعبها مدافعاً عنها وعن حقوقها. 

* د.محمد جابر: عضو لجنة العلاقات الخارجية والأمن القومي بمجلس الشورى
التعليقات (0)