كيف يجمع عباس بين "عاصفة الحزم" والمصالحة؟

فتحت مطالبة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس انتقال "عاصفة الحزم" إلى فلسطين؛ الباب على مصراعيه، أمام تساؤل حول مصداقية توجهه نحو المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية.

وكانت صحيفة "الأيام" الفلسطينية قد نشرت أمس السبت، تصريحات لعباس قال فيها إنه "يأمل من العرب أن الموقف الذي اتخذ بهذا الحزم في اليمن، وسمي عاصفة الحزم؛ أن يؤخذ أيضاً في قضايا بلدان أخرى تعاني من الفتن الداخلية والانشقاقات والانقسامات، مثل سوريا والعراق وفلسطين وليبيا والصومال".

وسبق تصريح عباس بيوم؛ ادعاء لمستشار الرئيس للشؤون الدينية والإسلامية محمود الهباش، خلال خطبة الجمعة في مقر المقاطعة برام الله، قال فيه إن "ما جرى في غزة انقلاب، وليس انقساماً، ويجب التعاطي معه بالحزم والحسم، فلا حوار مع الانقلابيين الخارجين على الشرعية الذين يجب أن يُضربوا بيد من حديد؛ بدءاً من فلسطين".

أداة سياسية

يقول الكاتب والمحلل السياسي فايز أبو شمالة، إن المصالحة الفلسطينية أصبحت "أداة سياسية بيد محمود عباس؛ يستخدمها وقتما شاء"، مدللاً على ذلك بـ"توجه الرئيس للمصالحة بعد فشل المفاوضات مع الاحتلال، وكذلك توجهه لغزة عبر رئيس وزرائه رامي الحمدالله عشية فوز اليمين الإسرائيلي في الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة".

وأضاف لـ"عربي21": "حينما يلوّح عباس بورقة المصالحة؛ فإنه يبعث برسالة للإسرائيليين مفادها: إما المفاوضات أو المصالحة مع حركة حماس"، موجهاً اللوم لحركات المقاومة وعلى رأسها "حماس" بسبب "تجاوبها مع توجه عباس المزعوم للمصالحة، رغم إدراكها بأن المصالحة ليست من صميم تفكيره".

وأوضح أبو شمالة أن "عباس دائم التحريض على المقاومة الفلسطينية، فهو من اجتمع برئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية يورام كوهين لإطالة أمد العدوان الأخير على غزة، ومنع تحقيق أي إنجازات للمقاومة الفلسطينية"، متسائلاً: "كيف يتعاطى من هذه حاله مع المصالحة؟".

مضطر للمصالحة

في المقابل؛ يعتقد الكاتب والمحلل السياسي أحمد عوض، أن المصالحة الفلسطينية بالنسبة للرئيس عباس "مسألة مهمة جداً، وخاصة بعد فوز حزب الليكود بزعامة نتنياهو في الانتخابات الأخيرة".

وأضاف لـ"عربي21" أن "المصالحة بالنسبة لعباس أصبحت خياراً حقيقياً تفرضه اللحظة التاريخية والأحداث والظروف"، مؤكداً أن "الرئيس يدفع باتجاه المصالحة ويعمل لأجلها؛ لأنها مرتبطة بالظروف العربية والإقليمية والدولية، وهو ما يصعّب تحقيقها في الوقت ذاته".

وقال إنه "برغم الخلاف السياسي بين الرئيس وحركة حماس، إلا أن السلطة الآن معنية بالمصالحة؛ بسبب تغيرات في المواقف السعودية والمصرية"، مشيراً إلى أن هناك "توجهاً عربياً لاحتواء حماس، ولذلك فإن السلطة الفلسطينية لا تستطيع أن تقف أمام هذا التوجه".

حالة عجز

من جانبه؛ وصف الخبير في الأمن القومي إبراهيم حبيب، تصريحات عباس حول نقل "عاصفة الحزم" إلى فلسطين، بـ"الكلام غير المسؤول، الذي لن يلقى آذاناً صاغية، ويدل على حالة العجز التي بات يشعر بها الرئيس عباس".

وبيّن حبيب لـ"عربي21" أن الحالة اليمنية تختلف عن الفلسطينية لأن "حماس" حركة منتخبة، وحازت على الأغلبية في المجلس التشريعي، "وهي تمثل الشرعية السنية في مواجهة المحتل الإسرائيلي، مقابل حزب الله الشيعي الذي باتت تعدّه دول عربية كثيرة مصدر تهديد لها ولوجودها".
    
وقال: "في ظل عربدة الاحتلال ليل نهار؛ كان يفترض بعباس أن يطالب الجيوش العربية بأن تثأر للكرامة العربية، وتحقق حلم الدولة الفلسطينية التي لم يعد أحد يؤمن بها".

وشدد حبيب على أن الرئيس عباس "يستخدم ورقة المصالحة للضغط على الاحتلال؛ كلما حاول أن يبتزه بحجز أموال الضرائب"، متهماً إياه بأنه "صاحب التوجه التدميري للقضية الفلسطينية"، وبأنه "لا يملك توجهاً حقيقياً للمصالحة".

وقرر الاحتلال الجمعة الماضي، الإفراج عن أموال الضرائب المحتجزة لديه، منذ أن قررت السلطة الانضمام لمحكمة الجنايات الدولية، ووصلت قيمة الأموال إلى قرابة 2.5 مليار شيكل (دولار= 4 شيكل).

بدوره؛ قال الناطق باسمها سامي أبو زهري في تصريح صحفي، إن دعوة عباس "خطيرة وغير وطنية"، مؤكداً أنه "فاقد للشرعية القانونية، ووجوده كرئيس مرتبط بمدى التزامه بالتوافق الوطني الفلسطيني".

وسيطرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" على قطاع غزة في عام 2007، ومنذ ذلك الوقت لم يبادر الرئيس عباس لزيارة غزة التي تعرضت منذ نهاية عام 2008 وحتى الآن لثلاث حروب متتالية.