ملفات وتقارير

زيارة وزير فرنسي للجزائر تحيي جراحا عمرها 130 سنة

تودشيني قال إن زيارته للجزائر لا تحمل اعترافا ولا اعتذارا - عربي21
تودشيني قال إن زيارته للجزائر لا تحمل اعترافا ولا اعتذارا - عربي21
أحيت زيارة كاتب الدولة الفرنسي المكلف بقدامى المحاربين و الذاكرة للجزائر، جراحا لم تندمل، جراء استعمار دام 130 سنة كاملة (1830 إلى 1962)، في فترة عانى فيها الجزائريون من جرائم وحشية، ترفض باريس الاعتراف بها والاعتذار عنها، وتدعو بدل ذلك إلى العمل على "مستقبل مشترك".

ورد كاتب الدولة جان مارك تودشيني على أسئلة الصحفيين بمحافظة صطيف (300 كم شرق الجزائر العاصمة)، بقوله إن "زيارتي للجزائر لا تحمل عنوان اعتراف أو اعتذار، فقد اعترف الرئيس فرانسوا هولاند بجرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر، خلال زيارته لكم أواخر العام 2012".

ويتواجد مارك تودشيني في الجزائر بزيارة رسمية منذ الأحد 19 نيسان/ أبريل الجاري
 
وزار المسؤول الفرنسي الأحد محافظة سطيف التي شهدت، يوم 8 أيار/ مايو 1945، مجازر بشعة راح ضحيتها أكثر من 45 ألف جزائري، خرجوا إلى الشوارع مطالبين فرنسا الوفاء بوعدها بمنح الاستقلال للجزائر، نظير مشاركتهم حربها ضد ألمانيا النازية، مثلما اشترطت عليهم.

وتشرف الدائرة الوزارية المكلفة بقدماء المحاربين في الحكومة الفرنسية، أيضا، على "الحركى" وهي تسمية تطلق على الجزائريين الذين وقفوا إلى جانب الجيش الفرنسي خلال الثورة الجزائرية (1954 إلى 1962)، ثم غادروا البلاد بعد الاستقلال مع الفرنسيين، خشية الانتقام منهم.
 
ويطالب "المجاهدون" الذين شاركوا في الثورة التحريرية وأبناؤهم، مدعومين بأحزاب سياسية، ومنظمات مدنية، فرنسا الاعتراف بجرائمها في الجزائر، التي امتدت 130 سنة، لكن الحكومة الجزائرية لم تتخذ أي مبادرة في هذا الشأن.

وكان برلمانيون جزائريون سنوا قانونا، شهر حزيران/ يونيو العام 2009، سمي "قانون تجريم الاستعمار" للمطالبة باعتراف فرنسا بجرائمها، والاعتذار عنها، ومن ثم تعويض الضحايا وأهاليهم، لكن الحكومة لم توافق عليه.

وأفاد سعيد عبادو، الوزير الأسبق للمجاهدين بالجزائر والأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين، بتصريح لصحيفة "عربي21"،  أن "التعثر بشأن بناء علاقات جديدة بين الجزائر وفرنسا سيبقى مالم تعتذر فرنسا عن جرائمها الاستعمارية".

وكان الرئيس الفرنسي السابق، نيكولا ساركوزي، أكد وهو يرد على مطالب الجزائريين بالاعتذار، لدى زيارته الجزائر، كانون الأول/ ديسمبر أنه " لا يمكن للأبناء الاعتذار عما ارتكبه الآباء". 

وقال المؤرخ الجزائري محمد القورصو، بتصريح لصحيفة "عربي21" الاثنين: "لا أظن أن زيارة تودتشيني جاءت للتطرق لملف الذاكرة بين الجزائر وفرنسا، وإنما جاءت لإعطاء دفع للعلاقات الثنائية بين البلدين".

ويؤكد أن "الرئيس الفرنسي يعاني من مشاكل داخلية في فرنسا؛ لذلك عمد إلى تجاوزها من خلال تبني سياسة خارجية".

ولأول مرة، يشارك مسؤول فرنسي برتبة وزير في الاحتفالات المخلدة لذكرى مجازر 8  أيار/ مايو 1945، التي راح ضحيتها 54 ألف جزائري.

ويؤكد محمد القورصو أن مشاركة تودتشيني احتفالات ذكرى مجازر 8 أيار/ مايو "بمثابة اعتراف بمسؤولية فرنسا عن هذه المجازر".

وأوضح تودتشيني في الجزائر، الأحد، بأن تلك الأحداث "كانت شاهدة على عدم احترام فرنسا لقيمها العالمية، في الوقت الذي انتصر فيه العالم على همجية الحرب".

لكن باريس لم تبعث باعتراف رسمي وموثق عن مسؤوليتها حول تلك الأحداث، كما لم تعتذر.
التعليقات (0)