صحافة دولية

إندبندنت: لماذا اختار إموازي تنظيم الدولة بدل شباب الصومال؟

إندبندنت: سبب تحول إموازي عن الانضمام لتنظيم الشباب هو مقتل عدد من أصدقائه في الصومال - أرشيفية
إندبندنت: سبب تحول إموازي عن الانضمام لتنظيم الشباب هو مقتل عدد من أصدقائه في الصومال - أرشيفية
نشرت صحيفة "إندبندنت" البريطانية تقريرا لمراسلها للشؤون الأمنية كيم سينغوبتا، حول اختيار محمد إموازي، الذي عرف بالجلاد "جهادي جون" في الصحافة الغربية؛ أن ينضم لتنظيم الدولة بدلا من الانضمام إلى حركة الشباب في الصومال كما كان يعتزم.

ويكشف التقرير أن السبب في هذا التحول هو مقتل عدد من أصدقائه في الصومال، وسط اتهامات بالخداع والخيانة داخل التنظيم. وتقول الصحيفة إن هذا كان سبب تحول إموازي، الذي كان يعيش في لندن، عن خياره الأول للجهاد؛ خشية على حياته إن هو انضم للتنظيم الذي ارتكب المجازر في شرق أفريقيا. 

وحصلت "إندبندنت" على تفاصيل هذا التحول لإموازي من الرغبة في القتال في ساحة المعركة في القرن الأفريقي، ليصبح قاتل تنظيم الدولة المقنع للرهائن من شخص التقى به أول وصوله إلى شمال سوريا بعد أن خادع الأجهزة الأمنية البريطانية. 

وينقل التقرير، الذي اطلعت عليه "عربي21"، عن أيمن، الذي عمل مع التنظيم، ولكنه ينكر أنه كان عضوا فيه، قوله: "قال لي إنه لو ذهب إلى أفريقيا لكان ربما قتل".  

ويضيف أيمن للصحيفة: "كان الأمر غريبا، كنا وسط الحرب، ولكنه كان يريد أن يتحدث عن حرب أخرى، فهو كان مهووسا بتنظيم الشباب، ولكنه كان غاضبا بسبب ما حدث في أفريقيا، فقد قتل بعض أصدقائه، وبعضهم تم سجنه، ورأى أنه قد تمت خيانتهم".

ويشير التقرير إلى أن من بين ضحايا الصومال بلال البرجاوي ومحمد صقر، وكانا جزءا من دائرة متماسكة من الأصدقاء مع إموازي خلال نشأتهم في شمال غرب لندن، كما أن الرجال الثلاثة يعرفون حبيب غاني شريك سمانثا ليثويت، التي أصبحت تعرف بـ "الأرملة البيضاء" لأحد مرتكبي التفجيرات في لندن في 7 تموز/ يوليو 2005. بالإضافة إلى عمر همامي وهو جهادي أمريكي. كما كان إموازي صديقا لعلي أدروس، وهو مسجون الآن في أثيوبيا، بينما لا تزال عائلته تعيش في شمال لندن.   

وتذكر الصحيفة أن ادعاءات في الأوساط الإسلامية بوجود صراع داخلي داخل حركة الشباب قد ترافقت مع مقتل الرجال في الصومال، حيث تتم تصفية الأعداء بالتعاون مع أجهزة المخابرات الغربية.

ويلفت التقرير إلى أن ما يسمى بـ"فتية لندن" كانوا يقومون بجمع التبرعات ونشر الدعاية لتنظيم الشباب، وأخذ ستة منهم دورات تدريب عسكري في الصومال في بدايات عام 2006، وكان أحدهم عضوا في خلية حاولت القيام بتفجيرات في لندن عام 2005، قبل أسبوعين من قيام جيرمين لندزي "زوج ليثويت" بالتفجير الانتحاري. 

وتبين الصحيفة أن إموازي ادعى دائما بأن المخابرات البريطانية "إم آي 5"، كانت تحاول تجنيده بعد فشله في الوصول إلى الصومال مع أدروس قبل خمس سنوات. وأصبح مقتنعا بعدها بأن تنظيم الشباب مخترق من المخابرات الغربية.

ويقول أيمن، السوري البالغ من العمر 29 عاما، وقد طلب من الصحيفة ألا يذكر سوى اسمه الأول: "قال لي إنه حاول أن يخبر بعض أصدقائه، ولكن فات الأوان. ونظريته هي أن فشل أجهزة الأمن في منع الشباب من الوصول إلى الصومال جعلها تقتلهم هناك، وكان مليئا بالشكوك حول العملاء، ومع أن أمنيته كانت أن يساعد تنظيم الشباب، لكنه لم يستطع، ولذلك كان محبطا". 

ويصف أيمن للصحيفة كيفية التقائه إموازي ربيع العام الماضي في منبج شمال سوريا، بعد أن انتزع تنظيم الدولة البلدة من جبهة النصرة، ويصر أن ما قام به مع التنظيم هو مجرد وظائف مكتبية في منبج، بينما كانت تحت سيطرة جبهة النصرة وتنظيم الدولة، وأنه ليس عضوا في أي منهما، ويقول إنه هرب إلى تركيا في أسرع فرصة أتيحت له بعد أن تأكد من تأمين عائلته، وقال: "كان علينا أن نعمل معهم، وإلا سنتهم من النصرة أو داعش بأننا موالون لبشار". 

ولم يستطع أيمن أن يوضح للصحيفة كيف اختار إموازي أن يخبره أسراره، ولكنه قال: "اشتركنا في بعض المعارف، وأول مرة رأيته فيها كان مع أجانب، شيشان وتونسيين ويمنيين، وظننته يمنيا، ولم أعرف أنه من إنجلترا إلا بعد التحدث إليه، ولم أعرف اسم عائلته، ودعاه البعض بالبريطاني مثل غيره من البريطانيين.. لم يكن قائدا أو شخصية مشهورة. وأتذكر الحديث لأنها كانت فترة مهمة في الحرب، حيث كان تنظيم الدولة يقاتل النصرة، ولكن هذا الرجل كان يريد الحديث عن الصومال، حيث كانت مهمة بالنسبة له، وكان يتابع الأخبار هناك عندما يستطيع ذلك".

ويضيف أيمن للصحيفة: "لم يظهر إموازي في الأماكن العامة في الرقة، وسمعنا بأنه أصبح موثوقا جدا من قيادة تنظيم الدولة، وأنه أصبح متغطرسا". مشيرا إلى أنه لم يعلم أن إموازي له علاقة بقطع رؤوس الرهائن، وقال: "كان ذلك صدمة لنا جميعا". 

ويفيد التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، بأن رحلة الإسراف في القتل لإموازي بدأت في آب/ أغسطس 2014، بقطع رأس الصحافي الأمريكي جيمس فولي، وتبعتها فيديوهات قتل الصحافي الأمريكي الآخر ستيفن سوتلوف وعامل الإغاثة الأمريكي بيتر كاسينغ، الذي كان جنديا قبل ذلك، وكذلك عاملي الإغاثة البريطانيين ديفيد هينز وآلان هيننغ. ثم اليابانيين هارونا ياكاوا وكنجي غوتو، بالإضافة إلى مجموعة من الجنود السوريين. 

ويجد الكاتب أن الشهادة السابقة تعطي إشارة إلى تركيز إموازي على الصومال، مع أنه انضم إلى تنظيم الدولة، وقد ذكرت إن رهينة سابقا كان قد أخبر صحيفة "واشنطن بوست" عن هوس المعروف بـ "جهادي جون" بتنظيم الشباب، حيث كان يكره أن يشاهد الرهائن فيديوهات القتال في الصومال.

ويورد التقرير أن إموازي وأدروس ومسلما ألمانيا متحولا اسمه مارسيل شرودل، قد سافروا إلى أوروبا بعد هبوط طائرتهم في مطار دار السلام عام 2009، وادعى إموازي أن ضابطا من "إم آي 5" في مطار شيبهول في أمستردام حاول تجنيده خلال رحلة عودته تلك.

وتكشف الصحيفة عن أن برجاوي وصقر، اللذين كانا من "فتية لندن"، قد تم إيقافهما في كينيا وهما في طريقهما إلى الصومال، وتمت إعادتهما في فترة رحلة إموازي ذاتها، ولكنهما استطاعا العبور في رحلة لاحقة في العام ذاته. وقتل كلاهما بعد ذلك في غارات أمريكية لطائرات دون طيار. 

ويذهب التقرير إلى أنه وفي محاولة للرد على إدعاءات بأن اغتيالهما كان مرتبا، قام تنظيم الشباب باعتقال "مخبر" اعترف بتقديم معلومات لأجهزة أمن أجنبية، أدت إلى تلك الغارات. أما غاني وهمامي فقتلا بالرصاص في قرية تبعد 200 ميل عن مقديشو عام 2013، ويدعى بأن عمليتي القتل جاءتا بأمر من أحمد عبدي غودين، الذي أصبح قائدا للشباب بعد القيام بانقلاب داخلي.

وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى قول أيمن إنه لا يعرف سوى القليل عن إموازي داخل سوريا، ويضيف أنه "يظهر فقط في هذه الفيديوهات، وقبلها لم يكن شيئا يذكر. ربما يجب أن يأسف البريطانيون على عدم ذهابه إلى الصومال، فقد يكون قتل مثل أصدقائه".
التعليقات (1)
زبير
الأحد، 01-11-2015 10:51 ص
أيمن