كتاب عربي 21

أطفال يموتون بالجملة وعقل "البنغازيين" في غيبوية

السنوسي بسيكري
1300x600
1300x600
آلاف القتلى من مدنيين ومسلحين منذ اندلاع الحرب التي شنها خليفة حفتر بدافع وقف الاغتيالات التي خطفت أرواح مئات من الضباط والنشطاء السياسيين والإعلاميين، دون أن تحصد بنغازي إلا مزيدا من القتل ومزيدا من الدمار.

الأسبوع المنصرم كان أسبوعا دمويا ليس كغيره، فالضحايا معظمهم من الأطفال الأبرياء الذين خطفت أرواحهم القذائف العشوائية لتيعش بنغازي أيام حزن قاتل ورعب هائل، بينما لم يحسن المتحاربون إلا كيل التهم وتحميل الطرف الآخر المسؤولية، ولم تتقن وسائل الإعلام إلا التضخيم والاصطياد في الماء العكر وغابت الحكمة واستمر تغييب العقل والمنطق في التعامل مع ما يجري من فظائع جراء هذا الاقتتال.

ولا تسأل عن إمكانية التحقيق في مثل هذه الحوادث وكشف الجناة بالدليل، وهل تم التحقيق العادل والنزيه في جرائم الاغتيالات ليتبين لكل الليبيين عن يقين وعن بينة من كان وراء القتل المبرمج خلال الأعوام 2012 و 2013 و 2014 ، حتى نتوق إلى تقصي للحقائق محايد ودقيق لنعلم من كان وراء موت الأطفال الأبرياء، فالحرب تزداد اشتعالا، كما تغيب فيها أدنى ضمانات الاقتتال المشروع ولا مجال لدخول فرق محايدة ومتخصصة للبحث والتقصي والتحقيق.

لكني أقول بدون تردد أن كل من دعم وأيد – ولا يزال - هذه الحرب الهوجاء مسؤول عن إراقة دماء الأبرياء، وأن المسؤولية مستمرة ما دام الصمت هو الغالب والانتظار الأعمى هو سيد الموقف. 

انتظار حسم لم يكن يوما ممكنا منذ اندلاع الحرب وقلنا هذا في مقال نشرناه في 19 آيار/مايو 2014، أي بعد ثلاثة أيام فقط من الهجوم الذي شنته قوات خليفة حفتر، وها هو عام كامل يمر والنتيجة غير خافية على أحد، فقد تضاعف أعداد القتلى مرات ومرات وعم الدمار وتفتشت الكراهية والاحقاد، وبدل أن تكون المواجهة مع مجموعة محددة هي من خطط ونفذ الاغتيالات، وكان يمكن كشفها ومحاصرتها اجتماعيا وتطويقها أمنيا، توسعت المواجهة لتشمل كتائب معروفة بنظافة يد عناصرها الذين كان لهم دورهم في تأمين النزاعات في الجنوب، بل فسحت الحرب المجال لدخول الإرهاب الحقيقي وسمحت بتموضعه وانتشاره حيث لم يكن موجودا بالشكل والقوة التي هو عليها الآن.

ووصلت الكرامة وقادتها إلى مأزق حقيقي، فلا هم أوفوا بالوعود وجلبوا الاستقرار كما أعلنوا مرارا وتكرارا، ولا هم وقفوا وقفة صادقة وراجعوا مواقفهم وأعادوا النظر في حربهم التي أدخلت المدينة في دهليز مظلم قد لا تخرج منه بعافية حتى في حال انتصرت الكرامة. 

فهل سحق مجلس شورى بنغازي سيجلب الأمن والاستقرار لبنغازي؟!

 هب أن أطرافا دولية تدخلت واستهدفت معاقل وعناصر مجلس الشورى فقضت عليهم جميعا، هل سيقود ذلك إلى إنهاء النزاع في بنغازي، أم أن التناقضات المشاهدة داخل معسكر الكرامة ستدخل المدينة في جولة أخرى من الفوضى ليستمر مسلسل الرعب والدمار.

فهل سيتخلى المدنيون عن سلاحهم "للجيش" وكثير منهم يتهم قادته بتركهم في العراء دون سلاح وذخيرة ويهدد بعضهم بتصفيه قيادات سياسية وضباط بعينهم إذا دخلوا أحياءهم ومناطقهم. 

أم ستنسحب كتيبة "التوحيد"، وغيرها من المجموعات "الإسلامية" التي تقاتل تحت مظلة الكرامة من المشهد بأريحية، وهم أصحاب توجه يراد له أن يعم المدينة. 

وهل سيقبل قادة الكتائب النظامية الذين يشككون في أهلية القيادة العسكرية، ويوجهون إليها الاتهام في الخفاء والعلن، هل سيقبلون بحكمها في حال استقر الأمر للكرامة في بنغازي وهم من دفع ثمن المواجهات.

وغير هؤلاء آخرون من أصحاب النفوذ القبلي والجهوي، والذين شاركوا في هذه الحرب لأهداف وأغراض خاصة، كيف يمكن التحكم فيهم؟! 

وسؤال نختم به هذه السانحة ونرجوا أولي النهى أن يفكروا فيه مليا، ما الذي يجعل مخرجات عملية الكرامة مطمئنة ومختلفة عن مخرجات ثورة 17 شباط/فبراير، والتي برغم نصاعتها أسفرت عن انقسامات ماتزال آثارها ماثلة إلى درجة تراجع كثيرين ممن أيدوها عن موقفهم وتمنوا بقاء نظام القذافي؟!

ولمن يسأل ما المخرج إذا لم تكن الكرامة هي المخرج، أقول المخرج هو أن يقتنع وجهاء المدينة وأعيانها ونشطاؤها وكل المخلصين فيها، بأن الأزمة لا يمكن أن تنهيها الحرب الدائرة اليوم بل ستزيد من تعقيدها، وأن مقاربة سلمية هي الخيار الأسلم وتكون عبر تجمع واسع يضم جميع التيارات والمكونات الذين يجمعهم رأي واحد وهو وقف القتال والبحث عن مخرج سلمي اجتماعي.  
التعليقات (2)
العربى العربى
الثلاثاء، 19-05-2015 05:20 م
حبآ لله ورسوله كفى دمآ كفا دمآ كفا دمآ كفا دمآ كفا دمآ كفا دمآ كفا دمآ كفا دمآ كفا دمآ كفا دمآ كفا دمآ كفا دمآ كفا دمآ كفا دمآ كفا دمآ كفا دمآ كفا دمآ حبآ لله ورسوله حبآ لله ورسوله حبآ لله ورسوله
سلوى الكويتية
الجمعة، 15-05-2015 10:15 م
كل الدمارمسؤل عنة الامارت واطماع السيسي فى بترول شرق ليبيا وما حفتر الا خائن ماجور ولا يهمة ليبيا بقدر اهتمامة بنفسة وحماية امريكا واسرئيل لة