سياسة عربية

غيث.. تلميذ سوري ينجح للصف الرابع بعدما قتلته طائرات الأسد

تسلمت عائلة الطفل غيث شهادته الدراسية بعدما نال "الشهادة"
تسلمت عائلة الطفل غيث شهادته الدراسية بعدما نال "الشهادة"
تكتفي أم عامر بمراقبة فرح الأطفال وهم يطرقون أبواب منازل أقاربهم، حاملين معهم شيئا من الحلوى إلى جانب وثائقهم الدراسية التي حصلوا عليها بعد نهاية عام دراسي شاق، تخلله الكثير من الانقطاع عن المدرسة بفعل القصف الذي تشنه طائرات النظام على مدينة مارع في الريف الشمالي لمحافظة حلب، شأنها شأن كل المناطق الخارجة عن سيطرة النظام.

وأم عامر هي أم سورية فقدت اثنين من أطفالها (غيث تسعة أعوام، وعبد العليم ثمانية أعوام)، قبل نحو شهر من الآن، وذلك عندما قامت طائرة حربية تابعة لقوات النظام السوري باستهداف أحد شوارع المدينة، حيث كان يتواجد فيها طفلاها أثناء عودتهما من المدرسة، ليلقيا مصرعهما على الفور، إلى جانب سبع ضحايا آخرين على الأقل.

ولم تكد تندمل آلام أم عامر، حتى أعادها يوم توزيع الوثائق المدرسية للتلاميذ إلى ذلك اليوم، وكأنه لم تمض برهة على تلك الحادثة. فلهذا اليوم سمة خاصة في العادات الشعبية السورية، حيث يستيقظ التلاميذ باكرا ويلبسون أجمل الثياب، قبل الذهاب إلى المدرسة لإحضار الشهادات الدراسية، أو ما يعرف بـ"الجلاء المدرسي".

وبينما أم عامر ترقب بصمت وحسرة، يكسر حدة الصمت فجأة صوت علاء، رفيق طفلها الشهيد غيث وهو يقول: "يا خالة غيث نجح للصف الرابع، والمعلم أعطاني الجلاء حتى أسلمه لكم. معلمي يقول إن غيث حاز على الدرجة الأولى في صفه". تمد أم غيث يدها نحو وثيقة طفلها، وبانصراف علاء يعاود الصمت إطباقه من جديد.

تغّيب الدموع صوت أم غيث للحظات بينما تروي حكايتها لـ"عربي21"، لكنها تستجمع قواها ماسحة دموعها لتضيف: "احتضنت تلك الوثيقة بعد أن دققت فيها، وخطر ببالي أن أشتري لها إطارا وأهديها للمدرسة، كي يبقى غيث في ذاكرة رفاقه حاضرا".

وبحسب مصدر مقرب من العائلة، فإن أم عامر اكتشفت مؤخرا أنها في الأشهر الأولى من الحمل، على الرغم من أنها كانت تتعاطى عقارا مانعا للحمل، ويتابع المصدر: " قد يكون هذا الحمل هو تعويض لما فقدته هذه العائلة المنكوبة".

تعاني أم عامر من ظروف اجتماعية، واقتصادية سيئة، وذلك بعد أن فقد زوجها عمله كمستخدم في مشفى حكومي، وبعد أن أصيب بمرض نفسي عضال يمنعه عن البحث عن عمل جديد، بينما لم يتبق لهذه العائلة إلا الطفل البكر عامر.

ويقول عبد الحليم، وهو أحد جيران العائلة: "تعيش العائلة في فقر منقطع النظير، ويتكفل والد الأم بالإنفاق على بقية العائلة، ولا يعلم إلا الله مقدار ما قاسى الزوجان حتى استطاعا تربية أولادهما، وبعد استشهاد الطفلين، زادت الحالة المرضية لدى الأب. أراه دائما هائما على وجهه في الشوارع لا يعرف وجهة مصيره".

أما معلم غيث فقال لـ"عربي21" إن غيث كان من التلاميذ الأوائل في الصف. ومع أن غيث لقي مصرعه قبل حضوره الامتحانات النهائية، إلا أن المعلم يشدد على أن غيث يستحق الدرجة الأولى، بعد أن نال شرف الشهادة.

ويضيف معلم غيث: "حوادث امتزاج حبر دفاتر المدارس بدماء الأطفال السوريين، ستبقى شاهدا على إجرام النظام بحق الشعب السوري، وشاهدا على إجرام المجتمع الدولي الذي آثر الصمت أيضا".

وكانت مدارس مدينة حلب قد شهدت العديد من المجازر، كان آخرها في بداية الشهر الحالي، حيث ألقى طيران النظام المروحي برميلا متفجرا على مدرسة نور مكتبي الابتدائية، في حي سيف الدولة في مدينة حلب، راح ضحيته 10 أشخاص من الأطفال والمعلمين.
التعليقات (2)
بتول مصري
الأربعاء، 02-03-2022 01:54 م
14
عفراء
السبت، 04-05-2019 09:47 ص
يالله الله يخليلك لهلا ????????