قضايا وآراء

التحالف السني ضرورة حتمية!!

مهدي محمود
1300x600
1300x600
بعد انحسار القدرة والهيبة الأمريكية التي فقدت الكثير من رونقها وحضورها العالمي، وخاصة بعد تسلم الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي وصف بأنه Active negative السلبي المتردد، حيث بلغ به التردد والضعف إلى الشلل والعجز التام في قضايا مصيرية كشبه جزيرة القرم وأوكرانيا عموما التي وقعت فريسة للأطماع الروسية، مما أثار الكثير من الأسئلة والهواجس لدى دول الشرق الأوروبي الذين وجدوا في الدب الروسي قوة صاعدة، يفرض رؤيته على دول الجوار دون أن يعير للاتحاد الأوربي وأمريكا أي اعتبار، وفي سورية كانت ولا زالت روسيا صاحبة القول الفصل في الأزمة السورية، بدءا بجنيف1 إلى اللقاءات التشاورية إلى جنيف2 إلى تسليم السلاح الكيماوي، وأمريكا التي لم تعد شريكا موثوقا حيث تتسم سياستها بالابتزاز السياسي لمنطقة الشرق الأوسط عموما، حيث تلعب على تناقضات القوى الإقليمية وموازين القوى، ولا أدل على ذلك من تخليها عن شريكها الوثيق صدام حسين، الذي أطاحت بنظامه وتعاونت مع أعدائه نظام الملالي في طهران، ليكتشف العالم أن إيران قد تمكنت من السيطرة على العراق بمباركة أمريكية تشبه إلى حد كبير حقوق الامتياز التي كانت تطلق في القرن الماضي بين الدول الاستعمارية، واليوم نجد أن المسؤولين الإيرانيين يتبجحون بسيطرتهم على أربع عواصم عربية، بينما أمريكا تسابق الوقت لاسترضاء المفاوض الإيراني عله يرضى ولو على مضض من إبرام صفقة هدفها الأول والأخير تعزيز الثقة بالدبلوماسية الأمريكية التي اهتزت صورتها مؤخرا، فالاتفاق النووي لن يوقف الطموح النووي الإيراني بل يؤخره لبعض الوقت.. هذا الاتفاق الذي يشي بالضعف الأمريكي والأوروبي على حد سواء. وهذا مما يزيد الغطرسة والاستعلاء الإيراني في منطقة الشرق الأوسط، بهدف بسط إمبراطوريتها الفارسية في الأراضي العربية، وكما قال: خادم الحرمين الشرفين الملك فهد بن عبد العزيز "إن إيران لن تلغينا ولن نستطيع أن نلغيها".

إذن إيران شرٌ لابد منه، ولما كانت هذه الدولة الطامعة بما في أيدي العرب، قد ألبست نفسها لبوس الدين، ليسهل عليها التوغل في جوار العربي، لمعرفتها بتأثير الدين على شعوب المنطقة، كان على الجار العربي أن يغير من سياسته اتجاهها فالمضي قُدما في حال التقوقع وسياسة الانكفاء على الذات ونأي بالنفس والإنكار لما يجري يعني المزيد من سقوط العواصم العربية، بل قل: إن ما بعد سقوط هذه العواصم سيكون أسهل وأقل تكلفة. 

فكان لزاما على الدول العربية أن تنحى منحا آخر بعيدا عن اللامبالاة وعدم الاكتراث، أن تفكر بطرق جديدة عصرية تواكب المستجدات، أن تكون صاحبة المبادرة في إقليمها تخلط الأوراق وتعيد ترتيب اللاعبين أن تفكر في بناء تحالف قوي يضمن حقوقها ومصالحها، فالدول العظمى رغم قدراتها ومقوماتها الاقتصادية والعسكرية الجبارة، رأت أن هذا لا يغني عن اتحادها ضمن اتحادات كبرى وتكتلات ضخمة يجعلها ضمن قطب من الأقطاب المهيمنة على العالم لتحفظ مصالحها وترعى حقوقها فكان ولازال الاتحاد الأوروبي، واحدا من الاتحادات التي ألهمت دول العالم الاندماج في تكتلات تعينها على أن تكون دويلة في إمبراطورية عظمى، وكما أن السلاح النووي يمنع الحروب ويعين على ضبط النفس، ويخلق الحلول لمشاكل كثيرة كانت معقدة وعصية عن الحل، كذلك التحالفات والاتحادات ترهب العدو وتلزمه حدوده فلا ترنو عينيه لما ليس له.

ولما كان خيار إيران رفع راية التشييع والمتاجرة بمظلومية آل البيت الأشراف الأطهار رضوان الله عليهم، تكتسح بهم الفضاء الرحب وتتمدد على حساب جيرانها العرب، قد آن أوان تشكيل تحالف سني وثيق يكون له صولة وجولة في ميدانه الواسع لا يكون انعكاسا لمصالح الآخرين، بل يدافع عن وجوده وعن هويته الإسلامية التي يراد لها التغريب، ولن يكتب لهذا التحالف الاستمرار والبقاء إلا إذا ارتكز على الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والعسكرية، يكون بمثابة هبة وصحوة للمارد السني الذي طال رقاده حتى طمع فيه الطامعين، ليس تحريضا على المذهبية ولا تهيجا للطائفية، وأي طائفية فالطائفة: هي جماعة من الناس أو فرقة، بينما السنة هي أمة بأكملها يربو عددها عن المليار نسمة، هذا التحالف يمتلك كل مقومات نجاحه بدءا بالنووي إلى القوة الاقتصادية إلى التنوع العرقي إلى القوة العسكرية إلى نوعية من المقاتلين يشكلون رقما صعبا في المعارك والحروب بل إن مشاة البحرية الأمريكية تجبن عن لقاءهم، آن لأمة المليار أن يضمها حلف واحد يكون لها ردءا يذب عنها وتلتف حوله الجموع، ولأن أرادت إيران أن تلاعب جيرانها على هذا الحبل، فوجب على جيرانها أن يكونوا على قدر الملمات ويشكلوا تحالفا قويا يكون ندا لإيران وتحالفاتها وأن لا يتركوا لها الحبل على الغارب، وإيران التي استفادت من نيام هذا المارد و استغلت نقاط الضعف في الأمة، فأوهمت نفسها وحلفائها أنها استطاعت أن تجعل من الميليشيات المرتزقة جيوش جرارة، تكسر بهم إرادة الأمة وتقيدها، فأخرجت لنا حسن نصر الله وعبد الملك الحوثي اللذين اتضح لهما بعد عاصفة الحزم أنهم أقزام لا يؤبه لهم وأن مشروعهم الطائفي سراب لا يستقر له قرار.

هذا التحالف يجب أن ينبثق من صميم قضايا الأمة الإسلامية، ويكون قوة ردع يبين الخطوط الحمراء العريضة وينذر ويتوعد، ولا يكتفي بالتنديد الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، ليعلم القاصي والداني أن ما بعد هذا التحالف العظيم يختلف جذريا وكليا عن حالة التقوقع والضعف التي تعتري الأمة، نقول يجب أن يكون تحالفا سنيا باعتبار أن المكون السني هو الأوفر حظا بين جميع المكونات في المنطقة، من حيث تموضع القوى الإقليمية كباكستان النووية وتركيا التي تمتلك ترسانة متطورة في الشرق الأوسط، ولطالما طمعت دول في الاتحاد الأوروبي بضم تركيا للاتحاد للاستفادة من قوتها العسكرية.

وأخيرا يجب على هذا التحالف أن يتعلم من أخطاء غيره فلا يهمش أحدا ولا يحقر أحدا "فالدين لله والوطن للجميع" فالتعايش السلمي والشراكة الوطنية، هي الأساس لكل نجاح في دولة المواطنة، فالهدف من التحالف توحيد الجهود وليس زيادة الشرخ وتكريس الانقسام.
0
التعليقات (0)