سياسة عربية

تضارب الروايات حول تفجير الأقصر والأمن يهدد الصحافة

التفجير الانتحاري الذي ضرب الأقصر ـ أ ف ب
التفجير الانتحاري الذي ضرب الأقصر ـ أ ف ب
بينما كان عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب يبشر بتحسن الاقتصاد المصري، خلال كلمته في مؤتمر التكتلات الاقتصادية الإفريقية الذي تستضيفه مدينة شرم الشيخ، كانت مدينة الأقصر تتعرض لهجوم انتحاري صباح الأربعاء أسفر عن مقتل اثنين وإصابة خمسة آخرين.

ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم حتى الآن، لكن وسائل الإعلام المؤيدة للانقلاب سارعت إلى اتهام جماعة الإخوان بالوقوف وراء الحادث، الذي من المتوقع أن يؤدي إلى عزوف السياح الأجانب عن زيارة مصر وبالتالي زيادة متاعب الإقتصاد المصري المتدهور.

ومنذ الإطاحة بالرئيس محمد مرسي في حزيران/ يوليو 2013، لم تتعرض الأماكن السياحية في مصر لهجمات مسلحة، واقتصرت طوال العامين الماضيين على استهداف قوات الجيش والشرطة في سيناء والقاهرة ومحافظات الدلتا، إلا أن هذا النهج تغير فيما يبدو مؤخرا، حيث قتل مسلحون مجهولون قبل عدة أيام اثنين من رجال الشرطة بالقرب من أهرامات الجيزة.


حادث واحد وروايات متعددة

وتضاربت الروايات الرسمية حول تفاصيل وملابسات الهجوم، حيث قالت وزارة الداخلية في بيان لها - تلقت "عربي21" نسخة منه - إن ثلاثة من العناصر الإرهابية حاولوا اجتياز النطاق الأمني لمعبد الكرنك مستخدمين الأسلحة النارية والمتفجرات، وأن الشرطة تصدت لهم وأحبطت محاولتهم.

وأضاف البيان أن "الهجوم أدى إلى مصرع اثنين من الإرهابيين، أحدهما نتيجة انفجار عبوة متفجرة كانت بحوزته، فضلا عن إصابة زميلهما الثالث بطلق ناري بالرأس"، مشيرا إلى أن "الحادث لم يسفر عن إصابات بين السياح أو رجال الشرطة سوى إصابة أحد العاملين بطلق ناري نقل على أثره للمستشفى لتلقي العلاج".

أما وزارة الصحة، فأعلنت في بيان لها - حصلت عليه "عربي21"- رواية مغايرة حيث أكدت أن "اثنين من المهاجمين قتلا بعد انفجار عبوة ناسفة فيهما أثناء زرعها بالقرب من المعبد، وأن المسلح الثالث أصيب بطلقات في الرأس خلال تبادل لإطلاق النار مع الشرطة".

وأضافت الصحة في بيانها أن "أربعة آخرين من الأمن والمدنيين أصيبوا بطلقات نارية لكن حالتهم مستقرة".

كما نقلت وسائل الإعلام المصرية روايات مختلفة، حيث قالت صحيفة الشروق إن "انتحاريا فجر نفسه على بعد أمتار من المعبد، فيما تبادل مسلحان آخران إطلاق النار مع الشرطة"، بينما قالت صحيفة الوطن إن "خبراء المفرقعات أبطلوا مفعول ثلاث عبوات ناسفة كانت مزروعة بمحيط معبد الكرنك، وأن الشرطة ألقت القبض على اثنين من العناصر التي نفذت الهجوم".

وذكرت صحيفة اليوم السابع رواية أخرى، حيث أشارت إلى أن "المهاجمين ألقوا حقيبة بها متفجرات قوية تجاه رجال الأمن حولت اثنين منهم إلى أشلاء، فيما قام المسلح الثالث بإطلاق النار بشكل عشوائى فأصاب اثنين من المدنيين، قبل أن تنجح قوات الأمن في إصابته بعدة رصاصات، ومن ثم نقله إلى المستشفى".

أما صحيفة فيتو فقالت إن "ثلاثة مسلحين حاولوا اقتحام معبد الكرنك مستقلين دراجة نارية، فأطلقت الشرطة الرصاص تجاههم، فلقيا إرهابيان مصرعهما بطلقات في الرأس، بينما نجح الثالث في تفجير نفسه قبل أن تصيبه طلقات الشرطة".

تهديد بمحاكمة الصحفيين عسكريا

ومما زاد من الغموض حول ملابسات الحادث، حالة التكتم الشديد التي فرضتها الشرطة، حيث فرضت طوقا أمنيا حول مستشفي الأقصر الذي استقبل المصابين، ورفضت الإفصاح عن هوية المصابين أو الضحايا.

ومنعت قوات الأمن الصحفيين من تغطية الأحداث في مكان الهجوم، أو التحدث مع المصابين، كما طالبهم اللواء حسام المناوي مدير أمن الأقصر بعدم نشر أي أخبار عن الحادث تخالف البيانات الرسمية الصادرة من الجهات الحكومية، وهدد من يخالف هذه التعليمات بمحاكمة عسكرية.

وبحسب تقارير صحفية، فقد نشبت مشادات بين أهالي الأقصر، وقوات الأمن عقب وقوع الهجوم حيث اتهم الأهالي قوات الأمن بالتقصير في أداء واجبها ما سمح للإرهاب بضرب الأقصر مجددا، مذكرا باستهداف سابق للمنطقة الأثرية بالأقصر عام 1997، راح ضحيته 58 سائحا أجنبيا وأطاح ـ آنذاك ـ بوزبر الداخلية حسن الألفي.

منع السياح من التحرك

وكعادتها منذ سنوات عديدة، تسابقت وسائل الإعلام المصرية في نشر صور تظهر وصول الأفواج السياحية إلى الأقصر بصورة طبيعية وسط حراسة الشرطة، في محاولة للتقليل من تأثير الحادث.
لكن خبراء في مجال السياحة أكدوا لـ "عربي21" كذب الإدعاءات بإصرار السياح على تحدي الإرهابيين واستكمال برامجهم السياحية دون خوف على حياتهم، وقالوا إن التأثير الحقيقي لمثل هذه الهجمات سيظهر بعد أسبوع من الآن وسيستمر لأشهر طويلة.

وأوضحوا أن الأفواج السياحية التي وصلت إلى المدينة بالفعل قبل الحادث ستلتزم بالتواجد داخل الفنادق خوفا من التعرض لأذى، أما الأفواج التي كان من المقرر وصولها لاحقا فستقوم - على الأرجح - بإلغاء الحجز وتغيير وجهتها إلى دول أخرى في الشرق الأوسط مثل إسرائيل أو الأردن أو المغرب.

وفي سياق ذي صلة، أعلن مدير أمن الأقصر، "منع تحرك السياح بالمناطق الأثرية حفاظا على أرواحهم، كما أعلنت غرفة شركات السياحة وقف الرحلات اليومية التي تنطلق من الغردقة إلى الأقصر بسبب خوف السياح من تطورات الأحداث".
التعليقات (0)