كتاب عربي 21

في الطريق إلى التحسر على (30/ 6)

محمد طلبة رضوان
1300x600
1300x600
لا يبدو أن أحدا يريد حلا في مصر..

السيسي لا يريد، استمرار المشكل، يعني استمراره، يفقد شعبيته، ولا يفقد مبرر وجوده..

الإخوان يريدون حلا عادلا، غير واقعي، يحدث أحيانا أن يتأخر الحق لعشرات السنين، حتى الأنبياء لا يحصلون على ما يريدون بالتمني، ولكن تؤخذ الدنيا صبرا، وتخطيطا، وحرفة، وغلابا.. ولكنهم يستعجلون.

القوى المدنية، لا يريدون حلا، ولا يتصورونه، ولا يؤملون في إمكانية وجوده، يتعاملون مع الأمل نفسه بشكل عدواني يصل إلى درجة اتهام المتأمل خيرا في عقله، ووعيه، وإدراكه، ودينه، ودنياه، بعض الأصوات داخل هذا التيار المتقاعد إلا عن اليأس، لم يعد لها هم سوى تسجيل الموقف، لسنا إخوانا ولسنا عسكريين، لا إلى هؤلاء، ولا إلى هؤلاء، ولا مذبذبين، نحن ثابتون، والحمد لله، على اللا شيء.

والناس، لا ترى شيئا لتصدقه، ولا تنتظر شيئا، سوى ستر ربنا، والعيش يوما بيوم، لم يعد للناس من أحد، الجنرال كذاب، وخصومه لا يقلون عنه كذبا، حتى عيالهم، الشباب، أضعف، وأشد أعجز من أن يؤتمنوا على ساعة واحدة في قابل الأيام.

بالأمس، مات النائب العام مقتولا، أمام بيته، بجوار الكلية الحربية، نصف طن من المتفجرات تخطت كل الحواجز الأمنية التي تحيط بحي مصر الجديدة، وتتغلغل فيه، كاليأس في قلوب الثائرين، وانفجرت في وجه ممثل الادعاء، نزل الرجل من سيارته على قدميه، كما يشير شهود العيان، وذهب إلى المستشفى، الأخبار الأولى، الحالة مستقرة، بعد قليل، مات!!

سكان الحي كتبوا على صفحاتهم الرسمية أن محيط منزل النائب العام شهد أجواء مريبة منذ ليلة الحادث، سيارات إطفاء، وأكمنة، وإجبار لبعض المحال والأكشاك على الإغلاق، فيديوهات قبل الحادث لتنظيم ولاية سيناء تتوعد القضاة، أدلة الاتهام موزعة على الجميع، ربما تختلف النسب، إلا أن كل فريق حدد الجاني دون الحاجة إلى أدلة، ودون أن يجهد نفسه بتفنيد الروايات، كل حسب مصلحته، أو مزاجه. الإخوان يتهمون الدولة ولديهم شواهدهم، والدولة اتهمتهم بطبيعة الحال واعتبرت الحادث فرصة لتمرير حزمة جديدة من اللا قوانين. أما التيار المدني، فاتهم ولاية سيناء، ورفض رفضا قاطعا أية رواية أخرى في ما يشبه، لا.. لا يشبه، هو بالفعل مصادرة، وإرهاب مضاد، إما معنا، أو مع الإخوان، الدولة غائبة حاضرة هنا، لكنها ليست متهمة على كل الأحوال، وإن كانت المستفيد الأول، والمستعد الأول لاستغلال الحدث!!

يندهش صديقي اللبناني، السياسي، الليبرالي، الجنوبي، الشيعي الأصل، صاحب الانحياز، والاشتغال بملف الثورات العربية، سيما مصر وسورية، يندهش من حال المثقف المصري، واستبعاده لاحتمالية تورط الدولة، لمجرد مخالفة أهل الجحيم السياسي من الإخوان، يتهمهم في عقلانيتهم السياسية، فيما لا يدري، وأخبره، بأنه لو جاء هنا بكل ما يحمله من مواقف نقدية صريحة من الدين، ومن الطائفة، ومن الإسلام السياسي، لاتهم بالإرهاب، والتأخون فورا، ودون بحث عن أدلة، لدينا مهاويس من صنف نادر!!

شاركت في الشهور الأخيرة، في عشرات الجلسات، محاولات مستميتة لاستمالة قطاع من الثوار إلى السؤال المركزي.. من نحن؟ وماذا نريد؟ هنا والآن؟ لا فائدة، الجميع يرفض الجميع، كنا نقول لهم إما العقل هنا، أو تمنيه داخل السجون، الآن اعتقل النظام بالفعل نصف من جلسنا إليهم نحذرهم تقريبا، ومع ذلك لا المسجون فهم، ولا الذي ينتظر يحاول، إعلان الخصومة، والتقليب في دفاتر الخصام القديمة، وإلقاء المسؤولية دائما وأبدا على الآخرين هو ديدن الجميع، هل نقول لا فائدة؟ هذا بالضبط هو ما يريده النظام العسكري في مصر، ذلك الذي يخبرنا أحد أكثر جنرالاته جنونا، وقذافية، بأنه لن يمل ولو بعد 10 سنين، قاعد على قلوبنا، وماذا يضيره، وهو في بيئة استمراره، إن لم تهيئها له الظروف، هيأ لها بمعرفته ألف ظرف، ومن خلفه كتيبة المبررين، ومقدمي الخدمات المجانية، وغير المجانية، في كل الأحوال هو لا يدفع من جيبه، لا مالا، ولا أرواح عسكر وجنود.

الأدهى والأمر، أنه حتى الحقائق، والوثائق، والأدلة، بالصوت والصورة، لم تعد تجدي، التسريبات مثلا، تلك التي أخبرتنا أن 30 يونيو برمتها صنيعة دولة مبارك بدعم خليجي، لم تؤثر في أعمدة النحاس الصدئة، ظلوا رغم كل شيء يذكروننا بالثورة العظيمة، والجموع الغفيرة، التي أسقطت الخرفان، بل على العكس، فسرها أحد الحقوقيين البارزين في صفوف اليسار باعتبارها دليلا عمليا على غباء الإخوان واستحقاقهم لما جرى لهم، ثم ماذا؟ لا شيء، المستخلص عند الناشط الثوري، أن هذه معركة بين عسكر فاشيست، وإخوان أغبياء، وعلينا أن نستمتع بفعل الفرجة!!

ماذا لو ظهر تسريب بالصوت والصورة، يثبت تورط الدولة، بالفعل، أو بالتغاضي، في اغتيال النائب العام؟ لا شيء، تكبير في المعسكر الإسلامي، وتبرير في المعسكر الـ"مش إسلامي"، ويبقى الحال على ما هو عليه، وكما كنت..

في أجواء مثل هذه، نحن ذاهبون بكامل لا إرادتنا، إلى حيث سنتحسر على زمن الانقلابات الدموية "فقط"، تلك التي تقتل بعض المصريين وتترك بعض، ويقدر الناس معها أن يمشوا في الشوارع، لا يخشون إلا الله وأمين الشرطة..

هل من سبيل؟ إلى الآن نعم، للحل؟ لا.. للتفكير، مجرد اتخاذ قرار مسؤول بأن نفكر لعلنا نصل إلى شيء.. بعض "المقموصين" سياسيا يتذرعون بوجود الإخوان كمبرر كاف من وجهة نظرهم، ليكن، اشتغلوا دونهم، انسوهم، قدموا لهذا الوضع البائس أي شيء، ورقة، لحظة اصطفاف أسرية، ليس فيها ظل لواحد من هؤلاء الفضائيين الذين يؤرقون خيالاتكم، صورة، "سيلفي" نقدمها للناس، ونخبرهم أن ثمة بشر يسكنون هذا الكوكب غير الجنرال وعصابته، ومن الممكن أن يكونوا معهم، إن أرادوا مفاصلة، لنفعل أي شيء يحول بيننا وبين مصير بائس، نسرع إليه بخطانا، قبل خطى هذا الجنرال المعتوه وبعده، انطقوا..

للتواصل مع الكاتب عبر موقع فيسبوك:

https://www.facebook.com/mohamed.t.radwan
2
التعليقات (2)
عبدالله
الخميس، 02-07-2015 12:14 ص
مصر على طريق الجزائر
محمد احمد
الأربعاء، 01-07-2015 01:55 م
رااائع بجد . وللمرة الثانيه كيف نبدأ من جديد ؟ اليس الواقع الان يحتم علينا الحفاظ على مصر بتوحدنا والخلاص من هذا المعتوة وحاشيته الصغيرة . نبدأ من نقطة الصفر نبدأ بيوم 12 فبراير 2011 بدون مجلس عسكرى ورقه تٌكتب بالدم دم كل المصريون بالتعهد على الحفاظ على مصر والقبول بنتائج الانتخابات وارادة الشعب بعد عام تتشكل فيه حكومه موحده ورئيس وزراء متفق عليه بدون رئيس وتؤجل كل شيئ الى ان تلتئم تلك الجراح التى سببها هذا الانقلاب . سنصل واكيد سنصل الى نقطه تجمعنا كلنا بلا شك .