سياسة عربية

معهد واشنطن: ما هو الرابط بين الجهادية التونسية والليبية؟

من أحد المؤتمرات الصحفية لأنصار الشريعة في تونس - أرشيفية
من أحد المؤتمرات الصحفية لأنصار الشريعة في تونس - أرشيفية
استعرض الباحث هارون ي. زيلين في معهد واشنطن، عبر تقرير نشر على موقع المعهد، الرابط والعلاقة بين الجهاديين في تونس والجهاديين في ليبيا.

وقال زيلين في تقريره: "لقد تنامت العلاقة وتعززت بين الشبكات التابعة لكل من "أنصار الشريعة في تونس" و"أنصار الشريعة في ليبيا"، من جهة، مع تنظيم "الدولة الإسلامية" منذ خريف 2014، من جهة أخرى". 

وأشار إلى أنه "مع مقتل عشرات التونسيين في ساحة المعركة في ليبيا، كان أحد منفذي الهجوم على فندق كورنثيا في طرابلس، خلال أواخر كانون الثاني/ يناير 2015 تونسيا، فضلا عن ذلك، أعيد إرسال عدد من هؤلاء العناصر التونسيين في تنظيم "داعش" إلى ديارهم، وشاركوا في سلسلة من هجمات التمرد المتدنية المستوى منذ أوائل نيسان/ أبريل 2015".

ولفت الباحث زيلين إلى أنه "كان أبرز هجومين قد وقعا في تونس في الآونة الأخيرة، الأول في متحف باردو في تونس في آذار/ مارس، والثاني في المنتجعات السياحية في سوسة قبل أقل من أسبوعين، وكان منفذوهما قد خضعوا للتدريب في ليبيا وفي المعسكرات ذاتها على يد تنظيم الدولة الإسلامية".

ورأى أن ما شاهدناه حتى الآن من علاقة وطيدة بين جهاديي تونس وليبيا "لم يأتِ من العدم، بل انبثق عن تاريخ يمتد إلى عقود خلت، ويمثل مشكلة تم تجاهلها في كثير من الأحيان من قبل المسؤولين التونسيين قبل ثورة 2011 وبعدها، أو لم تؤخذ على محمل الجد من قبلهم، أو ألقوا اللوم في حدوثها على الآخرين".

وفي معرض حديثه عن العلاقات بين التنظيمين الجهاديين، رأى أنه "ليس من المستغرب أن يكون سيف الدين الرزوقي، منفّذ الهجوم على السياح في سوسة، تونس، منذ أكثر من أسبوع قد تلقى تدريبه في معسكر في ليبيا، فالهجوم يمثل امتدادا لعلاقة تربط بين المقاتلين التونسيين والليبيين منذ ثمانينيات القرن الماضي، وتوطدت أواصرها منذ عام 2011".

واعتبر زيلين أن أحداث سوسة تشكل "تذكيرا صارخا بهذه العلاقة، فهي رابط من المتوقع أن يستمر إذا ما قرر تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) تكرار هجماته في تونس خلال الأشهر المقبلة".
وفي سِجل موجز للروابط المسلحة التونسية الليبية، قال: "إن المجاهدين التونسيين كانوا ينخرطون باستمرار في شبكات الدعم اللوجيستي والتسهيلات التي يسّرت عبور الليبيين إلى المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، فوفقا لعضو مجلس الشورى السابق نعمان بن عثمان من "الجماعة الليبية الإسلامية المقاتلة" في أفغانستان في الثمانينيات، حاول بعض الليبيين -إلى جانب عبد رب الرسول سياف رئيس "الاتحاد الإسلامي" الأفغاني- أن يساعدوا التونسيين على إقامة معسكر للجيش وتنظيم خاص بهم". 

وتابع زيلين: "لم تؤت تلك الجهود ثمارها إلا في عام 2000 عندما تعاون الزعيمان المستقبليان لتنظيم "أنصار الشريعة في تونس"، طارق معروفي (ومقره في بروكسل) وسيف الله بن حسين (الذي انتقل من لندن إلى جلال آباد، أفغانستان، ويُعرف أيضا باسم "أبو عياض التونسي")، في تأسيس الجماعة التونسية المقاتلة".

وواصل ذكره لمسلسل العلاقات الجهادية بين الطرفين "في أعقاب الجهاد الأفغاني، قام الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي بنفي العديد من أعضاء حركة "النهضة" إلى أوروبا في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات. وبينما عاد البعض منهم إلى دياره، تم جذب الملتزمين منهم إلى شبكات الجهاديين والمقاتلين الأجانب الذين انتشروا في جميع أنحاء أوروبا، لا سيما في ميلانو، إيطاليا. وأصبحت ميلانو بؤرة مركزية للتجنيد، والخدمات اللوجستية، وتسهيل عبور المقاتلين الأجانب إلى ساحة حرب البوسنة والهرسك، وكذلك مساعدة "الجماعة الإسلامية المسلحة" في الجهاد الجزائري".

واستطرد: "وفي حين عملت الشبكة بقيادة المصري أنور شعبان، إلا أن الجماعة المحيطة به تألفت بمعظمها من التونسيين والليبيين، مع بعض الجزائريين والمغاربة، الذين عملوا سوية آنذاك. وقد ساهمت هذه البيئة في تكوين علاقات مثيرة للاهتمام بين الأفراد أنفسهم ومع خلايا أخرى في أوروبا". 

أما في أعقاب حوادث 11 أيلول/ سبتمبر، أوضح زيلين أن "الفئة التي خلفت "الجماعة الإسلامية المسلحة" في الجزائر هي "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" (التي أصبح اسمها في النهاية تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" في عام 2007). وفي عام 2003، حاول نبيل صحراوي، زعيم تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" في ذلك الحين، أن يعمم الجهاد على المنطقة بما يتعدى حدود الجزائر، ويؤكد على تجنيد المقاتلين من تونس وليبيا. 

وفي حين كان الجزائريون لا يزالون يهيمنون على التنظيم، عمل التونسيون والليبيون معا في "المنطقة الخامسة" التابعة لـ "الجماعة السلفية للدعوة والقتال"، التي كانت على مقربة من الحدود التونسية تحت راية "كتيبة الفتح المبين".
 
ونوه إلى أنه "في نواح كثيرة، كان هذا التشكيل بمثابة ممهّد لـ "كتيبة عقبة بن نافع" الحالية التي انشقت عن تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، وتتمركز في جبل شامبي على الحدود بين تونس والجزائر، في حين كانت شبكات "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" في الجزائر، وشبكات "الجماعة الليبية الإسلامية المقاتلة" المتبقية في ليبيا، توفّر الدعم اللوجستي، وتيسّر عبور المقاتلين إلى العراق للقتال إلى جانب تنظيم "القاعدة" (الذي كان التنظيم السابق لـ "الدولة الإسلامية") خلال منتصف العقد الأول من القرن الحالي. وكان هناك عدد من الطرق التي سلكها التونسيون للوصول إلى العراق، ولكن إحداها مرّ بشبكات الدعم الليبية، ما شكل تغييرا في الاتجاه المعاكس لما كان قائما في الثمانينيات".

ورأى زيلين أنه "تكونت هنا العديد من العلاقات، التي أصبحت مهمة بعد عام 2011، إثر انخراط عدد من المتمرسين في الجهاد في العراق مع "أنصار الشريعة في تونس" و"أنصار الشريعة في ليبيا"، ومن ثم مع تنظيم "الدولة الإسلامية في ليبيا" في نهاية الأمر. وكانت إحدى هذه الحالات هي ما حدث لـ "أبو رضوان التونسي"، من بنزرت، الذي جاء إلى العراق عبر ليبيا، ولاقى حتفه في النهاية أثناء قتاله فيلق بدر".

أما بعد الثورة التونسية عام 2011، فأشار إلى أن "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، واصل لعب دوره، خصوصا في تهريب الأسلحة من ليبيا عبر تونس. ولذلك، وعلى غرار ما حدث خلال العقد الماضي، تم إلقاء القبض على عدد من التونسيين والليبيين المنتمين إلى تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" على الأراضي التونسية أو الليبية، سواء مجتمعين أو منفردين، لضلوعهم في مسائل متعلقة بالتهريب أو بالتخطيط لشن هجمات إرهابية.

ورأى زيلين في نهاية تقريره أن هذه الاعتقالات "عززت العلاقة بين المقاتلين التونسيين والليبيين من خلال التنظيمين الشقيقين "أنصار الشريعة في تونس" و"أنصار الشريعة في ليبيا"؛ فقد احتذى تنظيم "أنصار الشريعة في ليبيا" بنهج الدعوى الذي اتبعه "أنصار الشريعة في تونس"، بينما قدم التونسيون المساعدة اللازمة لتطبيقه، وكانت قد بدأت العلامات تظهر على خضوع تونسيين للتدريب في ليبيا منذ وقت مبكر يعود إلى ربيع عام 2012".
التعليقات (0)