كتاب عربي 21

الشيخ عبد الفتاح مورو في لبنان: دعوة لإعادة دراسة التجربة الإسلامية

قاسم قصير
1300x600
1300x600
بدعوة من الجماعة الإسلامية في لبنان زار الشيخ الدكتور عبد الفتاح مورو نائب رئيس مجلس النواب التونسي، ونائب رئيس حركة النهضة التونسية عددا من المناطق اللبنانية يرافقه رئيس هيئة العلماء المسلمين في لبنان الشيخ أحمد العمري حيث ألقى سلسلة محاضرات مهمة حول تجربة الحركات الإسلامية في العالم العربي والإسلامي.

ففي محاضرة له تحت عنوان "مستقبل الإسلام السياسي في ظل الهجمة العالمية" استهل الحديث فيها عن مراحل دولنا من الاستعمار مرورا بالاستقلال إلى حكام لا تتوافق سياساتهم مع مواقف شعوبهم، وصولا إلى ثورات الربيع العربي ووصول الإسلاميين إلى الحكم في بعض الدول، ومن ثم الانقلاب عليهم، وأرجع ذلك إلى عدم قراءة هذه الحركات للواقع، ولما يحاك لها من مخططات، وطالب هذه الحركات بقراءة هذه التجربة، وإعادة دراسة الواقع ووضع الخطط والرؤى والحلول لمشاكل المجتمعات لبناء دولهم على أسس سياسية واقتصادية واجتماعية متينة.  

وفي محاضرة أخرى بعنوان "من أجل صحوة راشدة تجدد الدين وتنهض بالدنيا" قال الشيخ مورو أننا كنا نلوم الاستعمار على تخلفنا في الماضي بينما الحقيقة أن الاستعمار قد انتهى، ولكن ما زلنا متخلفين. لأن مشكلاتنا لم تبدأ بالاستعمار أساسا بل بالانحطاط الذي دام ستة قرون.

وأضاف، نحن متخلفون بالنسبة للحاضر وبالنسبة لتاريخنا الإسلامي الذي نتغنى به وهذا لا يصنع تغييرا، لأن التغيير له عناصر وقواعد أولها أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وثانيها أن هذه الأمة قامت على تطوير العقل، والبعض يؤمن أنه حتى ننهض لا بد من الانطلاق بالعقل، لذلك فنحن نحتاج إلى بعضنا، وإلى حكمة الآخر وبصيرة من سواه وفتوة وهمة الشباب.

وشدد مورو، إذا أردتم تغييرا لا تتقوقعوا على أنفسكم نحن نحتاج إلى مشروع يجمعنا جميعا بكل أطيافنا، لأن أهم ما في الشريعة هو حفظ كرامة الإنسان والحرية والعدالة الاجتماعية وحمايتها، والعدالة الاجتماعية لا تكون فقط بتوزيع الصدقات والزكاة، بل تكون بإلغاء الفروقات الطبقية.

هذه بعض مواقف الشيخ مورو في لقاءاته اللبنانية، وهي تؤكد حاجة الحركات الإسلامية لإعادة مراجعة مشروعها السياسي والفكري وأساليب عملها، بعد كل التجارب التي عاشتها وخصوصا في السنوات الأربع الأخيرة.

وقد تزامنت زيارة الشيخ عبد الفتاح مورو إلى لبنان مع الأنباء عن توقيف الشيخ أحمد الأسير من قبل الأجهزة الأمنية اللبنانية، بعد أن كان الشيخ الأسير قد اختفى عن الأنظار منذ حوالي العامين وبعد الاشتباكات التي خاضها أنصاره مع الجيش اللبناني في منطقة عبرا القريبة من مدينة صيدا الجنوبية في حزيران/ يونيو من العام 2013، وبتوقيف الشيخ الأسير تنتهي أحد التجارب الإسلامية في لبنان والتي سعى أنصارها إلى مواجهة الأوضاع اللبنانية والاعتراض على سياسات حزب الله والحكومة اللبنانية ودعم الثورة السورية، لكن النهاية كانت مأساوية من خلال الاشتباك مع الجيش اللبناني والنتائج الوخيمة التي نتجت عن هذا الاشتباك.

وهذه الظاهرة الأسيرية التي استحوذت على الكثير من الاهتمام من قبل وسائل الإعلام والأوساط السياسية والأمنية والإسلامية اللبنانية تتطلب دراسة خاصة حول الأسباب التي أدت إلى نشوئها وكيفية تطورها السريع ومن ثم السقوط والانهيار الدموي والقاتل، وكل ذلك يؤكد ما قاله الشيخ عبد الفتاح مورو في لقاءاته اللبنانية من أن على الحركات الإسلامية أن تعيد النظر في تجاربها وتدرس الواقع بدقة وموضوعية كي تحدد أسباب الفشل والنجاح وكيفية تحقيق الأهداف المطلوبة.

لقد دعانا الله في القرآن الكريم لاخذ العبر من التاريخ ومن قصص الأنبياء كي نستفيد منها في إدارة شؤوننا الحاضرة، ومن الأولى اليوم أن نستفيد أيضا من الأحداث والتطورات التي نعايشها كي نستفيد من أخطائنا وتجاربنا وكي نحدد أيضا طريقنا في المستقبل.
0
التعليقات (0)

خبر عاجل