قضايا وآراء

في ذكرى اليوم العالمي لضحايا الإخفاء القسري

نيفين ملك
1300x600
1300x600
يوافق يوم 30 أغسطس من كل عام ذكرى اليوم العالمي لضحايا الإخفاء القسري، وهو يوم لمساندة كل ضحايا جرائم الإخفاء القسري، مما يمارس ضدهم جرائم الإخفاء، التي عادة ما تقترن بجرائم التعذيب، والتي تطال المختطف وتمارس عليه لفترات من الزمن قد تطول، ويظل خلالها الأهل والأقارب يتجرعون كأس المرارة والمعاناة بكاء على مصائر الأبناء، وتتمزق الأفئدة في محاوله منهم لالتماس الخبر والوقوف على أنباء تفيدهم هل هؤلاء الأبناء على قيد الحياه أم فارقوها لمكان أكثر رحمه وإنسانيه من واقع غير إنساني تمارس فيه عادة السلطات مثل تلك الجرائم بكل أريحيه ويتمتع مرتكب تلك الجرائم بحصانه سياسيه وقانونيه تمكنهم من الإفلات من العقاب. 

وقد أكد الإعلان العالمي لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري والذي تبنته الأمم المتحدة في 18\1\1992 بأن كل عمل من أعمال الاختفاء القسري جريمة ضد الكرامة الإنسانية وانتهاكا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية التي وردت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان جاء في المادة الثانية منه (ولا يجوز لأي دولة أن تمارس أعمال الاختفاء القسري أو أن تسمح به أو تتغاضى عنه).
 
جرائم الإخفاء القسري هي جرائم ضد الإنسانية ولا تسقط بالتقادم لأنها جرائم تهدد المفاهيم الأساسية للحقوق الإنسانية التي كفلها الميثاق العالمي لحقوق الإنسان منذ بدايات عمل منظمة الأمم المتحدة لتعبر عن إرادة أمميه وأكدتها في إعلانها عام 1992 كما سبق الإشارة. 

وجاءت الاتفاقية الدولية للحماية من الاختفاء القسري لتعزيز هذه الإرادة والأولوية الأممية والتي وإن لم تصادق عليها العديد من الدول في محاولة منها للتهرب من تلك الالتزامات ولغرض حماية وحصانة مسؤوليها السياسيين ولكنها ستظل ترتب التزاماتها الأممية والجنائية كجرائم ضد الإنسانية وتخل بالسلم والأمن العالميين، وتعدّ تلك الجرائم صمة عار تلاحق كل نظام استبدادي يرتكبها وسيتم ملاحقة مرتكبيها مهما طال الزمن أو قصر وطبقا للنظام القضائي الدولي خضع نظام بينوشيه ديكتاتور تشيلي السابق لمحاكمات كنموذج أتخذ من جرائم الخطف والإخفاء القسري منهجا لمعاقبة معارضيه.

وبالتالي يمكن أن يخضع كل مسؤول خارج بلاده وخاصه في البلاد التي تقر في نظامها القضائي مبادئ النظام القضائي الدولي والتي تخولها في التصدي لمحاكمة المتهمين بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وكما سبق أن ذكرنا التاريخ الحديث يشهد على إمكانية إجراء تلك المحاكمات ونفاذ أحكامها ضد هؤلاء المجرمين. 

"وكانت منظمة هيومان رايتس ووتش" قد وثقت 5 حالات اختفاء قسري، وكذلك قامت المنظمة بدراسة حالة وفاة المواطن السيناوي صبري الغول، الناشط في العريش، الذي تم استلام جثته في أحد مستشفيات المدينة يوم 2 يونيو. وتحدثت المنظمة مع صحفي صديق للغول، قال إنه يتواصل مع أفراد من عائلة الغول، والذين قالوا له إنهم وجدوا "كدمات في منطقة الحوض والصدر وبقع حمراء خلف أذنيه"، وفي اليوم ذاته، 2 يونيو، قال المتحدث العسكري في بيان إنه قد تم القبض على الغول ضمن 70 آخرين في شهر مايو. ووصف البيان الغول بأنه "قيادي في جماعة الإخوان. 

وفي هذا اليوم -وليس على سبيل الحصر- أتذكر أيضا الناشطة والمصورة الشابة إسراء الطويل ابنة العشرينات والتي أرسلت لي والدتها رساله مؤثره جدا عبر وسائل التواصل الاجتماعي حال وقت اختفائها المفاجئ في 1 يونيو الماضي رساله تحمل كل أنواع مشاعر الفزع والقلق والمعاناة لأسرة فقدت في لحظه ابنه تعانى من مشاكل صحيه وإصابة في قدمها. 

فارق النوم تلك الأسرة الأب والأم والإخوة ومزقتهم مشاعر القلق وصرخات الأم لا تنتهي وحزن الأب جدار عازل يحبس إحساس العجز والقهر الذى يكبله. 

وبعد فترة الإخفاء الذى تعرضت له إسراء ظهرت أخيرا بعكازها وهى تتسلق عربة الترحيلات وتقول شقيقتها (نزلنا الساعة 10 للقناطر عشان نشوفها ولكن عرفنا إنها انتقلت للعرض وطلعنا وراها على نيابة أمن الدولة بالتجمع الساعة 4 شوفناها من ورا السور وهيا بتركب عربية الترحيلات وشاورنالها وهيا بتعيط مقدرناش حتى نديها حاجات الزيارة-سلم عربة الترحيلات عالي وإسراء بتطلعه بصعوبة عشان رجليها). 

كانت كلمات شقيقة إسراء ودموعها وصورة إسراء طفلة العشرين هي وصمة عار في جبين كل من يفترس طيور الحرية الضعيفة في زمن الصقور الجارحة. 

وإلى جانب إسراء هناك حالات متزايدة لاختفاء قسري لنشطاء وطلاب جامعات وخاصه في محافظات القاهرة والجيزة والإسكندرية وكذلك الأقاليم التي تعتبر كارثيه بدرجة كبيره لتزايد الأعداد وعجز الأهل والأقارب عن توصيل أصواتهم والتبليغ عن تلك الجرائم أو الوصول لأى وسيله إعلاميه لفضح تلك الانتهاكات. 

فمثلا في 13 مايو تم القبض على الناشطة فاطمه السيد محمد والشهيرة بداليا رضوان من حركة 6 أبريل ولم يتم عرضها على النيابة طبقا لصفحة 6 أبريل على مواقع التواصل الاجتماعي. 

إسراء وفاطمة ويارا سلام وسناء سيف وغيرهن من عصفورات الحرية نذكرهم في كل صباح مع أمل متجدد لحقهم في الحياه بكرامة وحريه. 

وفي اليوم العالم لمناهضة جرائم الإخفاء القسري نرفع أصوات هؤلاء وغيرهم ممن غيبوا عنا بلا ذنب ولندعم حقوقهم وحقوقنا الأساسية في الحرية والكرامة الإنسانية. 

إنه يوم لنرفع فيه الصوت ضد كل من يرتكب تلك الجرائم ونذكر العالم بقصص إنسانيه لضحايا الإخفاء القسري أحياء وأموات لأنه ببساطه يوم للإنسانية. 
التعليقات (0)

خبر عاجل