مقابلات

محمود رفعت: أحضّر لدعوى ضد السيسي في لندن لتوقيفه

نصح رفعت بعدم التوجه للجنايات الدولية لمحاكمة مسؤولي الانقلاب بل للقضاء المحلي الأوروبي
نصح رفعت بعدم التوجه للجنايات الدولية لمحاكمة مسؤولي الانقلاب بل للقضاء المحلي الأوروبي
* إجراءات المحاكمات بمصر تتنافى مع المعايير الدولية
* النظام السياسي يعتمد على رؤيته "الثكنية" لتثبيت أقدامه
* القضاء يكرس مفهوم العدالة الانتقامية وليس الانتقالية
* أنصح بالتوجه إلى المحاكم الأوروبية لمقاضاة السيسي
* تقرير المجلس القومي لحقوق الإنسان بشأن السجون.. من أصدره معتوه


قال رئيس المعهد الأوروبي للقانون الدولي والعلاقات الدولية، الدكتور محمود رفعت، إن إجراءات المحاكمات في مصر لمعارضي الانقلاب العسكري تتنافى مع معايير المعاهدات والمواثيق الدولية للعدالة، ولن تأتي بالاستقرار.

وأضاف في حوار خاص مع "عربي21"؛ أن النظام الحالي في مصر "يجهل الحياة المدنية، ويعتمد على رؤيته "الثكنية" لتثبيت أقدامه بأدوات ضالة، وبصورة فجة"، ورأى على أن القضاء "أداة من أدوات النظام لتكريس مفهوم العدالة الانتقامية، وليس الانتقالية".

وبين رفعت أن قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي "لا يمكنه خداع العالم كله، بالترويج لتصفية معارضيه بالقانون؛ لأنهم يعلمون حقيقة الأوضاع في بلادنا، ولا تخفى عليهم الوقائع"، مذكرا بأن القضاء المصري "تم ضربه بأحذية العسكر في عهد "الرئيس الراحل جمال عبد الناصر"، حسب تعبيره.

ووصف مجموعة القوانين التي أصدرها السيسي، منذ توليه السلطة، بـ"الكارثية" و"المصائبية"، وأن من شأنها أن تشرع الفساد، وتؤجج العنف، وتهدد السلم الاجتماعي.

ونصح بعدم اللجوء إلى "محكمة الجنايات الدولية" لمقاضاة قائد الانقلاب وشركائه، بسبب صعوبة إجراءاتها، والتوجه بدلا من ذلك إلى المحاكم الأوروبية، ورفع قضايا ضدهم.

وكشف رفعت عن تحضيره لرفع دعوى قضائية ضد السيسي، وإصدار مذكرة اعتقال بحقه عند قدومه إلى لندن، "لمقاضاته على جرائمه ليس بحق المعارضين فحسب؛ بل حق الشعب المصري" حسب قوله.

وفيما يلي نص الحوار:

محاكمات تتنافى مع المعايير الدولية والعقلية

* كيف ترى سير العدالة في مصر وسلامة إجراءات محاكمة المعارضين؟

- شروط المحاكمات العادلة التي وردت في مواثيق وعهود دولية تتنافى مع الواقع المصري الآن. فكم الأحكام بالإعدامات الجماعية لا تتناسب مع الجرم، ناهيك عن الأدلة نفسها محل شك. وتنفيذ الإعدامات فعليا في قضية عرب شركس، وغيرها.. كل ذلك يتناقض تماما مع شروط المحاكمات الدولية ومعاييرها، أو حتى المنطقية والعقلانية للقضاء.
المسألة برمتها أن النظام السياسي الآن هو نظام يجهل الحياة المدنية، وبناء عليه يعتمد على أدوات منغلقة بعيدة عن المدنية، وتتميز بالرؤية الثكنية "نسبة للثكنات العسكرية" يظن أنها تثبت أقدامه.

* هل يتم استخدام القضاء في مصر للقضاء على الخصوم السياسيين؟

- هذا يتم حاليا في مصر بصورة فجة، وتزكم الأنوف، وليس أدل على ذلك من تدخل مساعد وزير الدفاع آنذاك للشؤون القانونية اللواء ممدوح شاهين، في قضية "ترحيلات أبو زعبل" التي راح ضحيتها 37 من معارضي الانقلاب، وقال "إنه سيتحدث للقاضي بشأن الضابط المتهم في القضية".
هناك استخدام ممنهج للقضاء، فهو أداة في يد السلطة التنفيذية بصورة مباشرة عن طريق وزارة العدل التي نحّت كل القضاء الشرفاء ولاحقتهم، من أمثال المستشار محمود الخضيري، والمستشار عبدالعزيز زكريا الذي هدد بحرق نفسه.

* لماذا يلجأ السيسي للقضاء؟ هل يحمي نفسه ورجاله؟

- السيسي يظن دائما أن المجتمع الدولي سيقبل منه فكرة القضاء، وأنه سيقوم بخداعه به. وتصريحه الأخير في سنغافورة بأن القضاء ليس مسيسا، هو محض كذب، لا يمكن تصديقه في ظل ما يراه ويشاهده العالم؛ الذي شاهد كيف ساهم القضاء في اغتيال تسعة أشخاص متهمين بالانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين في شقة بمدينة 6 أكتوبر.

ضرب القضاء بأحذية العسكر بدأ في عهد عبدالناصر

* كيف هيمنت السلطة على القضاء؟

- تم إهدار كرامة القضاء المصري منذ 1954، حينما دخلت الشرطة العسكرية ورجال عبد الناصر على الدكتور عبد الرازق السنهوري، رئيس مجلس الدولة وعميد كلية الحقوق بجامعة القاهرة، وقاموا بضربه بالأحذية. ومنذ ذلك اليوم لم يرتفع رأس قاض أو قانوني في مصر، فقد ضرب رأس القضاء المصري بأحذية العسكر في ذلك اليوم.

القضاء المصري لا يمكن فصله عن السلطة التنفيذية، وزيادة مرتبات أعضاء السلك القضائي لنحو 30 في المئة رشوة فجة، خاصة إذا علمنا أنهم من الشرائح الأكثر دخلا بين موظفي الدولة.

القضاة يمارسون للأسف "الحمائية" التي يقدمها النظام القضائي الفاسد، كما حدث مع قاضي الرشوة الجنسية الشهير، وتم "تطبيخ" القضية لأن والده لواء بالجيش، في حين يستبعد ويذل القضاء الشرفاء.

* كيف تنظر إلى سيل القوانين التي أصدرها السيسي منذ توليه الرئاسة؟

- مسألة القوانين التي أصدرها السيسي في غياب البرلمان تعد مصائبية كارثية، وجرما لم يرتكب على مدار التاريخ المصري كله. فقانون التصالح 16 لسنة 2015 مصيبة سوداء، لا يقنن الفساد فقط إنما يشرع لجرائم استنزاف المال العام، ناهيك عن قانون مكافحة الإرهاب، وهو قانون ينشئ الإرهاب ولا يكافحه.

قانون التظاهر وقانون مكافحة الإرهاب يساهمان في إذكاء العنف، وليس العكس، فالعسكري يقيس الأمور من نظرة قادمة من "الثكنة "وسيطرتها عليه، والمجتمع المدني مختلف وهو لا يفقه ذلك. ما يمكن أن يُسيطر له على ثكنة عسكرية، يُفجر المجتمع المدني في المقابل.

* لماذا تبغض الأنظمة العسكرية حرية الرأي؟

- النظم العسكرية عدو الكلمة الحرة أو الموضوعية، ومساندة الإعلام المصري وصمة في تاريخ الإعلام الذي أصبح عارا في الخارج ويعير به. ولا ننسى أن مهندس هذا التمويل من الإمارات هو رجل فتح الفلسطيني محمد دحلان؛ الذي بدأ مشروعه أثناء فترة حكم الإخوان من أجل السيطرة على الشارع المصري.

نظام السيسي امتداد لنظام مبارك ولن يحقق الاستقرار

* لماذا لم تقام دوائر خاصة لمحاكمة نظام رموز مبارك؟

- دعائم نظام مبارك في السنوات الأخيرة هم أنفسهم دعائم النظام الحالي، ورجلهم رئيس الوزراء إبراهيم محلب، القائم على نظام فساد المال، يعد ظاهرة في حد ذاته ببقائه في منصبه بالرغم من قدوم رئيسين عليه.

* ما هو مدى التمازج بين نظام مبارك والسيسي؟

- نظام السيسي هو امتداد أصيل لنظام مبارك، ولكنهم توحشوا في عصر السيسي، انتقاما منهم لما حدث لهم عقب ثورة يناير. نظام مبارك كان مهادنا لحد بعيد، وسمح بوجود لعبة سياسة، أما النظام الآن فأراد أن يغيرها؛ لأنه أتى من ثكنة عسكرية مباشرة، وهو يفعل ما تمليه معايير الثكنة العسكرية.

* هل تعتقد أن تلك الممارسات تتيح للنظام المصري الاستقرار؟

- من المستحيل أن يتحقق الاستقرار بهذه الممارسات، والتاريخ يشهد على ذلك، حتى وإن استطاع توفير الحد الأدنى من لقمة العيش وهو بعيد عنها في الوقت الحالي، بسبب فشله في الإدارة والتخطيط وطمع رجال الأعمال.

تلك الممارسات تهدد بانفجار اجتماعي، كما حدث في العراق وسوريا، وتمثل خطرا على السلم الاجتماعي. فمثلا، ما يفعله النظام في سيناء هو جرم في حق المجتمع المصري.

* كيف ينظر الغرب إلى تلك المحاكمات وما يجري بحق المعارضة على المستوى السياسي والحقوقي؟
- لا بد أن نفصل بين مكونين في الغرب: مكون صاحب القرار، ومكون المجتمع. فالمكون السياسي له مصلحته في المقام الأول، وحديثه عن حقوق الإنسان للاستهلاك الإعلامي. ففرنسا منحت السيسي طائرات "رافال" ليجزر بها سيناء، بناء على تعليمات محمد دحلان الذي يريد أن يحرج حماس.

أما على مستوى المنظمات الحقوقية والإنسانية، فالجميع في حالة غليان من هذا الوضع، ولكن للأسف بسبب تفرق المعارضة المصرية لا يوجد نوع من التوحد لإيصال صوت واحد للغرب ليضغط على صانع القرار.

* من يملك فتح تحقيق في حوادث مثل رابعة والنهضة وغيرهما؟

- القضاء الدولي نوعان: هناك محكمة الجنايات الدولية، وشروط التقاضي أمامها صعبة ومضيعة للوقت، والأفضل تجنبها. النوع الثاني، وهو الأفضل، وهذا ما سعيت له شخصيا وما زلت أسعى فيه، هو مقاضاة نظام السيسي ورموزه أمام المحاكم الأوروبية المحلية، كمحكمة لندن وباريس وبروكسل، لأن قانونها يتيح محاسبة المسؤولين.

* هل هناك خطوات قادمة في هذا الشأن؟

- أنا بصدد التحضير لدعوة قضائية في حال حضور الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى بريطانيا. وهناك شواهد سابقة، وكلنا يذكر ما حدث مع رئيس الأركان الإسرائيلي السابق شاؤول موفاز عندما حاصرت طائرته في مطار هيثرو بلندن سيارات الشرطة، واستطاع الإفلات إلى تل أبيب بصعوبة.

* كيف ترى تقرير المجلس القومي لحقوق الإنسان بشأن السجون المصرية؟

- المجالس القومية لحقوق الإنسان بمصر، هي مجالس تابعة للدولة، وتعبر عن وجهة نظرها، وهي نوع من الاحتيال السخيف للترويج والتضليل، وتقريرها الأخير لا يصدر عن معتوه أو مجنون، وهو يعري أكثر مما يغطي.
التعليقات (0)

خبر عاجل