مقالات مختارة

الطفل إيلان والحرب

فهمي كورو
1300x600
1300x600
كتب فهمي كورو: لقد تمكّن جسد الطفل السوري إيلان الذي وُجِد على الساحل، من تحريك قلوب الجميع حتى الأشخاص المعروفين بانعدام الضمير. كما أنه تمكّن من عيون أصحاب القلوب المتحجرة وجعلهم يذرفون الدموع.

لقد كان موت الطفل إيلان شاهدا على قسوة العالم اليوم.

فعلينا ألا نسمح بأن يغفل الناس عن ماهية المشكلة الحقيقية وينسوها ويخوضوا في القضايا الفرعية.

الحرب.. سبب الهروب

إن المشكلة الأساسية هي الحرب التي لم تسمح لإيلان وعائلته بالعيش بسلام في وطنهم. أما الهروب من سوريا واللجوء لدولة غربية للعيش فيها كهاربين وقد أخذوا بعين الاعتبار كل المصاعب التي ستواجههم، فهذه قضية فرعية.

فلو دقّقتم النظر ستجدون أن صور الطفل إيلان التي حرّكت مشاعر متحجري القلوب جعلت الدول الغربية التي كانت تسجن اللاجئين تحاسب نفسها. ولكنها حاسبت نفسها فقط في قضية اللاجئين.
فأعلنت بعض الدول بعد نشر صور الطفل أنها ستقبل اللاجئين بحد معين، ليس أكثر.

في حين أن هناك آلاف العوائل التي تبحث عن دولة تقبلهم بعد أن هربوا من الحرب في سوريا كما
فعلت عائلة إيلان. لقد أصبح الحديث عن أعداد القتلى في حرب سوريا بمئات الآلاف. واضطر أكثر من نصف سكان البلد لترك منازلهم، ونصف هؤلاء الآن ينتظر الرحمة من دول أخرى.

الحرب وخراب سوريا

إن استمرت الحرب بسرعتها هذه فلن يبقى في البلد أي بناء سليم وأي إنسان حي. لقد تحوّلت سوريا التي كانت مهدا لأعرق حضارات العالم إلى بلد الدمار. هذه هي المشكلة. وهذا هو السبب الذي جعل عائلة إيلان وغيرها تغادر سوريا.

إن السؤال الحقيقي الذي ينتظر الجواب هو ليس "ما الذي سنفعله للاجئين؟" بل "كيف سننهي هذه الحرب التي سبّبت مشكلة اللجوء؟"... إن قادة الغرب الذين رأوا صور جسد الطفل إيلان، قبلوا بعض اللاجئين ليريحوا ضمائرهم فقط. ولكنهم لم يفكّروا حتى بالتجمع لوضع حل ينهي المشكلة من جذورها ويوقف الحرب.

الناس يموتون وهم صامتون.. آثار الحضارات تهدم وهم لا يبالون.. تحوّلت الدولة إلى مدينة أشباح وهم لا يهتمون.. يتصرّفون وكأنهم لا يعلمون أن هناك أكثر من مليوني لاجئ سوري في تركيا ومثلهم في الأردن ولبنان يعيشون بأبسط الإمكانات في الخيم، ويُجبَر أطفالهم ونساؤهم على التسول والسرقة.

كنت أظن أن جسد إيلان الصغير سيوقظ ضمائرهم، ولكن يبدو أنهم سيكتفون بالتظاهر بأن ضميرهم قد استيقظ.

إيقاف الحرب أولاً

إن القضية الرئيسة هي إيقاف الحرب والصراع وليس إحصاء عدد اللاجئين وتوزيعهم على دول العالم. هذه هي حدود الضمير الغربي. فلا تنتظروا أكثر من ذلك منهم.

فعلى تركيا أن تمسك بزمام هذه القضية. فنحن أكثر دولة تشعر بآثار الحرب في سوريا. وبجانب تحمّلنا للتكلفة المادية لإيواء مليوني لاجئ، فنحن نحارب أيضا لحفظ أمنهم وسلامتهم. وبعض من يريد استغلال اللاجئين يحاول أن يستخدم أراضينا.

ولذلك، فإن علينا أن نعيد النظر في سياستنا ونبحث عن طريق ينهي الحرب وألا نسمح بصور أخرى لأطفال آخرين.

فإن لم نفعل فويحنا.

(عن صحيفة "خبر ترك" التركية- ترجمة خاصة لـ"عربي21")
التعليقات (0)