كتاب عربي 21

بايرن ميونيخاوي وريال مدريداوي وميساوي

جعفر عباس
1300x600
1300x600
لم أدخل ملعبا لكرة القدم، منذ أن أكملت دراستي الثانوية (سؤال لم أجد قط الإجابة عليه: لماذا تسمى المرحلة الدراسية التي تؤهلك للالتحاق بالجامعة، بـ"الثانوية"؟ فالكلمة تعني "قليل الأهمية"، بينما المرحلة التي تسبقها تسمى الإعدادية أو المتوسطة، فإذا كانت المرحلة الواقعة بين الإعدادية والجامعة "ثانوية" في نظر التربويين فلماذا لا يلغونها، ويجعلوا مدة الدراسة الجامعية أطول بسنتين أو حتى أربع؟).

المهم، لا علاقة لي بكرة القدم، ولا حتى كمشاهد لها على شاشات التلفزيون، ولا يهمني أمر انتصار أو هزيمة أي ناد لكرة القدم، بل لا يعنيني في شيء أن يخسر المنتخب الوطني لبلادي، مباراة أمام فريق من الدرجة الرابعة، من جزر فيجي (تعداد سكانها أقل من 900 ألف)، وفي بلدي – السودان – فإن معظم المواطنين لا ينتمون إلى أي حزب سياسي، ولكن هناك اعتقاد عام بين أهل السودان، بأنه فرض عين أن يشجع كل مواطن إما نادي الهلال أو غريمه نادي المريخ، تماما كما أن المصري إما أن يكون أهلاويا أو زملكاويا.

وقد كتبت عدة مقالات في الصحف السودانية، منبها إلى أن السبيل الوحيد لوقف الاقتتال الأهلي في البلاد، وتداول السلطة سلميا، في إطار ديمقراطي يقنع كل مواطن بأن صوته الانتخابي له وزن وقيمة، هو تسليم السلطة لناديي المريخ والهلال، ولو فعل المصريون الشيء نفسه، وجعلوا التنافس على الحكم قصرا على ناديي الأهلي والزمالك، لما كانت هناك حاجة إلى انقلاب، أو "ثورة شعبية".
وعملا بالحكمة العربية العرجاء، التي لا يمكن أن تصدر عن "حكيم": إذا سرقت اسرق جملا، أي إذا كنت تعتزم – مثلا – اختلاس أموال فاختلس بالملايين وليس بالآلاف، فقد قررت تشجيع ناديين لكرة القدم، لهما سجل مشرف، وليسا كأنديتنا التي تخسر المباراة وتقول: خسرنا بشرف، أو تحقق التعادل في عدد الأهداف مع الفريق الخصم، ثم تقول: التعادل هو النصر بعينه.

أصبحت من مشجعي نادي بايرن ميونيخ الألماني بأثر رجعي، اعتبارا من مطلع سبتمبر/ أيلول المنصرم، وهذا النادي هو بطل أبطال أوروبا في كرة القدم، وسأشجع في الوقت نفسه نادي ريال مدريد الإسباني، الذي لا ينازعه في تسيُّد الساحة الكروية في إسبانيا، إلا نادي برشلونة، ولكنني سأشجع في برشلونة لاعبا واحدا هو الأرجنتيني ليونيل ميسي، والأندية الثلاثة ذات وزن دولي، وبالتالي فإن تشجيعي لها يعني أن ميولي الكروية "على مستوى".

أما لماذا صرت أوروبي الهوى كرويا، فلأمر لا علاقة له بالكرة، فعندما بدأت السلطات المجرية تعامل اللاجئين السوريين وكأنهم كلاب ضالة، تبرع  كل من ناديي بايرن ميونيخ وريال مدريد بمليون يورو لإيواء اللاجئين، أما ليونيل ميسي فقد  تبرع لهم من جيبه الخاص بنصف مليون يورو.

بالله عليكم لماذا أتعصب لفريق كرة قدم عربي، ولا يعرف التاريخ لأي منها إنجازا خارج محيطها الجغرافي، ولدى كل منها ملايين متلتلة، إما لأن الدولة أو بعض المليونيرات يدعمونها بالمال، أو لأن لاعبيها مثل جهنم، كلما ألقوا في جيوبهم أموالا صاحوا: هل من مزيد؟

أعرف أن حبي الوليد لبايرن ميونيخ وريال مدريد وليونيل ميسي لن يجعلني أحرص على متابعة
المباريات التي يخوضونها على شاشات التلفزيون، ولكنني وإرضاء لخاطرها، سأقوم مكرها – خلال الفترة المقبلة - بقراءة ما يرد في صفحات الرياضة في كل صحيفة تقع في يدي، على أمل أن أطالع فيها أخبارا مفرحة عن انتصارات تلك الأندية، وربما أجنب نفسي عنت قراءة تلك الصفحات وأسأل مستشاري الشخصي "السيد غوغل" عن أحوالها.

كتبت كثيرا في عدد من الصحف مبديا إعجابي الشديد بالملياردير الأمريكي بيل غيتس، مؤسس شركة مايكروسوفت العملاقة لبرمجيات الكمبيوتر، وتهكم البعض علي بحسبان أنني كنت أطمع في أن يقرأ تغزلي به ويصيح: يا حاجب أعطه عشرة ملايين دولار.

لا والله، أحببت غيتس لأنه رصد 31 مليار دولار من ثروته لمكافحة الجهل والمرض في مختلف القارات، ثم أحببت الملياردير الأمريكي وراين بافيت لأنه تبرع لمؤسسة غيتس الخيرية ب30 مليار دولار. ولم يسع بافيت لإنشاء منظمة خيرية تحمل اسمه، لأنه ليس طالب شهرة بل منح تلك المليارات لمؤسسة أدرك مدى جدية مشاريعها، وأصحاب الملايين عندنا لا يتبرعون إلا في حضور الكاميرات وشهود الزور (الصحفيين).
التعليقات (1)
هاشم
الأحد، 01-11-2015 08:14 ص
والله صدقت يا جافر ... الا امام الكاميرات ويا ريتهم يتبرعوا بحاجة عليها القيمة !!!