سياسة عربية

اتهامات متبادلة بين واشنطن وموسكو حول الضربات الروسية بسوريا

ساءل بوتين الغرب عن ما اعتبره "فشل" حملته ضد تنظيم الدولة - أرشيفية
ساءل بوتين الغرب عن ما اعتبره "فشل" حملته ضد تنظيم الدولة - أرشيفية
انتقدت الولايات المتحدة الضربات العسكرية التي تنفذها روسيا في سوريا معتبرة أنها تساهم في تعزيز قوة تنظيم الدولة وتقتل عشرات المدنيين وتجبر عشرات الآلاف على النزوح من منازلهم وتدمر المنازل والأسواق، في وقت قال به الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن الغرب يمارس "لعبة مزدوجة" مع الإرهابيين بسوريا. 

وخلال اجتماع لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن الشرق الأوسط، استشهدت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة سامانثا باور بتحليل أجرته "رويترز" لبيانات وزارة الدفاع الروسية خلص إلى أن 80 في المئة من الأهداف المعلنة للغارات الروسية في سوريا نفذت على مناطق لا يسيطر عليها تنظيم الدولة.

وقالت باور "بالهجوم على الجماعات غير المتطرفة فإن روسيا تعزز بخلاف ما هو صواب القوة النسبية للدولة الإسلامية التي استغلت هذه الحملة للسيطرة على مزيد من الأراضي في ريف حلب"، مضيفة أنه "منذ أن بدأت روسيا ضرباتها تغيرت الخريطة السورية لصالح تنظيم الدولة".

وقالت باور إن هذه العمليات وفقا لرواية الأمم المتحدة أجبرت نحو 85 ألف شخص على النزوح من منازلهم، مشيرة إلى أن الضربات الجوية الروسية قتلت على الأقل 100 مدني، ودمرت بنى تحتية بينها أسواق ومدارس، بحسب جماعات رصد سورية.

بدوره، قال فيتالي تشوركين السفير الروسي في الأمم المتحدة أمام مجلس الأمن إن "الفوضى وعدم الاعتراف بسلطة الدولة -اللتان تعودان الى حد كبير للتدخل الأجنبي في الشؤون الإقليمية- تستغلهما فعليا المنظمات الإرهابية ولاسيما ما يسمى تنظيم الدولة"، مضيفا أن أن "المعالجة الجماعية مطلوبة لتصفية الخطر الإرهابي."

لعبة مزدوجة

وفي سياق متصل، ندد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخميس بما اعتبره "لعبة مزدوجة" يمارسها الغربيون مع "الإرهابيين" في سوريا، فيما أكد الجيش الروسي أنه تمكن من "شل القدرات القتالية" لمعظم هذه المجموعات، وذلك عشية اجتماع مع القوى الإقليمية في فيينا في محاولة للدفع بتسوية سياسية للنزاع في سوريا.

وقال بوتين في كلمة ألقاها في سوتشي "من الصعب دائما ممارسة لعبة مزدوجة: أن يقول المرء أنه يتصدى للإرهابيين وفي الوقت نفسه أن يحاول الاستفادة من قسم من هؤلاء لخدمة لمصالحه في الشرق الأوسط".

وأضاف في إشارة واضحة للغربيين "من الوهم الاعتقاد أنه يمكن التخلص من الإرهابيين لاحقا، وإبعادهم عن السلطة والتوصل إلى تفاهم معهم"، متسائلا: "لماذا لم تسفر جهود شركائنا الأمريكيين وحلفائهم في مكافحة تنظيم الدولة حتى الآن عن نتائج ملموسة؟".

وأضاف بوتين بسخرية "يجب عدم اللعب بالكلمات وتصنيف الإرهابيين معتدلين وغير معتدلين. أين هو الفارق؟ هل في قطعهم رؤوس الناس بطريقة معتدلة أو بلياقة؟".

وتاتي تصريحات بوتين عشية اجتماع في فيينا الجمعة بين وزراء خارجية روسيا سيرغي لافروف والولايات المتحدة جون كيري والسعودية عادل الجبير وتركيا فريدون سنيرلي أوغلو.

وتساءل بوتين "هل يمكن مع ذلك القول أن الإرهاب في سوريا هزم؟ لا بالطبع"، مشيدا بالطيارين الروس الذين وصفهم بأنهم "أبطال". 

جانب من لقاء الأسد

وفي سياق متصل، قال بوتين إن رئيس النظام السوري بشار الأسد أبلغه أنه مستعد للحوار مع بعض جماعات المعارضة المسلحة إذا كانت ملتزمة حقا بالحوار ومكافحة تنظيم الدولة.

وكان بوتين يتحدث بعد يوم من قيام الرئيس الأسد بزيارة مفاجئة لموسكو لإجراء مباحثات مع بوتين وهو ما يؤكد الدور الجديد لموسكو كلاعب رئيسي في الصراع الدائر في سوريا، وقال بوتين إن الرجلين تباحثا بشأن ضرورة البحث عن حل سياسي.

وأشار بوتين إنه يعتقد ان العملية العسكرية في سوريا قد تهيئ الظروف المناسبة لتحقيق تقدم في المحادثات بشأن مستقبل هذا البلد.

وأضاف بقوله: "سألته: كيف سيكون رأيك لو وجدت الآن في سوريا معارضة مسلحة لكنها مع ذلك مستعدة حقا لمعارضة ومقاومة الإرهابيين و تنظيم الدولة؟ كيف سيكون رأيك لو كان لك أن تساند جهودهم في قتال تنظيم الدولة بنفس الطريقة التي نساند بها الجيش السوري"، فأجابه: "سأنظر إلى ذلك باستحسان".

وتابع الرئيس الروسي كلامه قائلا "إننا ندرس الآن هذا الأمر ونحاول إذا نجح الوصول إلى هذه الاتفاقات".

وقال بوتين أيضا إن السبب الرئيسي للصراع السوري ليس التشدد الإسلامي فحسب، وإنما أيضا التوترات الداخلية، وهو اعتراف بأن البعض على الأقل من الذين ثاروا على حكم الأسد كانت لهم مظالم مشروعة.

من جانب آخر، قال بوتين الخميس إن توسيع الولايات المتحدة لنظام الدفاع الصاروخي الباليستي يمثل خطرا على القدرات النووية الروسية، مضيفا أن قواعد الدرع الصاروخية الأمريكية في شرق أوروبا ربما تستخدم لنصب أسلحة هجومية وإنه يشعر بالقلق من اقتراب البنية التحتية العسكرية لحلف شمال الأطلسي من الحدود الروسية.


ويشن تحالف دولي بقيادة واشنطن منذ أكثر من عام بدون نجاح كبير، غارات جوية على تنظيم الدولة، في حين بدأت روسيا من جانبها التدخل في سوريا في 30 أيلول/ سبتمبر وقالت إنها أصابت 819 "هدفا إرهابيا".

وتقول موسكو إنها تستهدف التنظيم ومجموعات "إرهابية" أخرى، لكن وزارة الدفاع الأمريكية تقول إن روسيا تستهدف قبل كل شيء فصائل المعارضة التي تحارب القوات السورية النظامية.
التعليقات (0)