صحافة دولية

ميديل إيست آي: ما هي حدود الخلاف بين روسيا وإيران بسوريا؟

تراهن إيران على حرب استنزاف طويلة تميل بتوازن القوى لصالح الحكومة السورية ـ أرشيفية
تراهن إيران على حرب استنزاف طويلة تميل بتوازن القوى لصالح الحكومة السورية ـ أرشيفية
قالت صحيفة "ميدل إيست آي" إنه بعد حوالي شهر من قيام روسيا بغارات جوية يومية بدأت روسيا بالإفصاح عن حساباتها السياسية وأهدافها الإستراتيجية في سوريا.

وتابعت "ميدل إيست آي" في مقال وقعه، ماهان عابدين، محلل السياسات الإيرانية في الموقع، أن تواصل الروس مع الجيش السوري الحر، والذي يقول الغرب بأنه تحرك ماكر، يعكس في الواقع النتيجة التي تأمل روسيا في الحصول عليها.

فلخوفها من التورط في مستنقع سوريا تدرك روسيا أنها بحاجة لمساعدة واشنطن ودول الخليج لتوجيه الصراع إلى نهاية محددة.

وفي الوقت ذاته ولافتقارها لإمكانيات روسيا الدبلوماسية فإن إيران تركز على المعركة على الأرض في محاولة لدعم الحكومة السورية المحاصرة، وبالأهمية نفسها لحماية حليفها حزب الله في لبنان من تداعيات الصراع.

وعلى عكس روسيا، فإن الجمهورية الإسلامية لا تستطيع أن ترى أي من عناصر المعارضة السورية المسلحة يكسب أي نفوذ في دمشق جزءا من صفقة سلام.

وبناء عليه، فإنه لا مصلحة ضرورية لإيران في الحفاظ على سلامة أراضي سوريا ولكن ما يهمها هو أن تبقى الدولة السورية مسيطرة على الإجزاء المهمة من سوريا والتي تتألف من دمشق ومحافظة القنيطرة ومعظم مناطق الوسط والساحل بأكمله.

وبمحاولة التواصل مع بعض عناصر المعارضة المسلحة، فإن روسيا تظهر بأنها مهتمة ببقاء الأراضي السورية موحدة وتفضل العودة إلى الوضع الماضي (قبل الثورة) والذي لا يمكن تحقيقه سوى على حساب التماسك الأيديولوجي للدولة السورية واحتمال خروجها من محور "الممانعة" الذي تقوده إيران.

المعتدلون و المتطرفون  

بمحاولة التواصل مع من تبقى من الجيش السوري الحر فإن روسيا تتراجع عمليا من موقفها السابق القاضي بإطلاق صفة الإرهاب على كل الفصائل المسلحة. وما هو مضر أكثر بالدبلوماسية الروسية هو الظهور بأن الكرملين اتفق ولو جزئيا مع الرواية الغربية بخصوص مجموعات الثوار بتقسيمهم إلى "معتدلين" و"متطرفين.

هذا التقسيم المبسط تم رفضه منذ البداية من كل من إيران وسوريا لأن حافزهم الإستراتيجي والأيديولوجي هو السعي لتدمير تلك المجموعات المسلحة.

وفي ظاهرها، فإن المحاولات الروسية تحمل معها مواصفات الدعاية الروسية والحديث المزدوج وتم رفضها مباشرة من معظم مكونات الجيش السوري الحر في الوسط والشمال باعتبارها محاولات مخادعة بينما كان رد فعل الجيش الحر في الجنوب أكثر دقة، وطلب من الروس وقف القصف قبل بداية التفاوض.

وسيحدد درجة الخلاف مع إيران الحسابات الإستراتيجية الدقيقة وراء الاتصالات الروسية. فإن كان الروس يحاولون تقسيم العناصر المسلحة الغير جهادية بهدف إضعاف موقفهم في المفاوضات فإن الخلاف مع إيران سيكون على أدنى مستوى.

وجدير بالملاحظة أن الإيرانيين فتحوا خطوطا مع الثوار السوريين أهمها في شهر آب/ أغسطس عندما قام وفد إيراني بالتفاوض مع أحرار الشام – وهو فصيل إسلامي – لتأمين هدنة مؤقتة في الزبداني مقابل وقف المعارك في محيط قرتي الفوعة وكفريا الشيعيتين.

ولكن إن كان اتصال الروسيين بالثوار السوريين ليس منبثقا من اعتبارات إستراتيجية وتكتيكية تعود لميادين المعارك ولكن بهدف استيعاب المصالح الأمريكية، فإن الخلاف مع إيران سيكون كبيرا.

معركة حلب

ويشكل الهجوم الذي شنه الجيش السوري بالتعاون مع حلفائه الإيرانيين جنوب حلب إشارة واضحة للنوايا السورية الإيرانية. فبالهجوم القوي على الثوار والجهاديين في أبعد الجبهات شمالا إشارة إلى أن السوريين والإيرانيين يفضلون تحقيق انتصار كبير مع احتمال الوصول لطريق مسدود لفترة طويلة بدلا من فعل ذلك لتحسين وضعهم التفاوضي.

وبكل الموازين فإن إيران حشدت موارد كبيرة لهجوم حلب؛ حيث يحتمل أنها نشرت آلاف الجنود الإيرانيين، ويمكن استنتاج حجم هذه الموارد بالاطلاع على حجم الإصابات؛ حيث قتل على الأقل 12 شخصا في الـ10 أيام الأخيرة، وينشر الإعلام الإيراني أعداد الإصابات بشكل يومي.

بعض القتلى هم من القيادات الكبيرة في الحرس الثوري ومنهم مصطفى شردار زاده قائد لواء الفاطميين وعبدالله باقري من فيلق الأنصار الحساس والمسؤول على حماية المسؤولين الإيرانيين ويقال إن باقري كان حارسا شخصيا للرئيس السابق أحمدي نجاد.

ما هو مثير للاهتمام حول قائمة ضحايا حلب هو النشر الكامل لوحدات مختصة من وحدات الحرس الثوري في سوريا، ففي الماضي كان يشارك في القتال وحدات من فيلق القدس (الجناح الاستطلاعي من الحرس الثوري) وبصفة استشارية.

ونشر مقاتلين من أفرع أخرى من الحرس الثوري بصفة قتالية كاملة يمثل أول تدخل عسكري خارج البلاد منذ أن أرسل الشاة قوات إيرانية للتدخل في ثورة ظفار في عمان في أوائل السبعينيات.

وعلى المستوى الإستراتيجي فإن هجوم حلب هو اختلاف آخر بين مساري إيران وسوريا من جهة وروسيا من جهة أخرى. ومع أن الغارات الجوية الروسية مهدت الأرضية للهجوم وقد تكون عاملا في نجاحه في النهاية ولكن هذا لا يعني أن الحلفاء الجدد يسعون للأهداف ذاتها.

الروس حريصون على عرض حملتهم كمقدمة للدبلوماسية وبالتالي يسعى الكرملين لخلق الظروف الملائمة لمفاوضات السلام.

وواضح من حجم النشر الإيراني للجنود وعدد الضحايا بأن إيران تسعى لتخفيف الضغط على الجيش السوري في الجبهات المهمة على أمل تأمين أجزاء "مهمة" من سوريا.

وتبقى النتيجة المأمولة بالنسبة للإيرانيين ليست عملية سلام قد تهدد السيطرة العلوية في سوريا، ولكن حرب استنزاف طويلة تميل بتوازن القوى لصالح الحكومة السورية.      

التعليقات (1)
معاويه
الجمعة، 30-10-2015 12:28 م
تصطادون في المياه العكره