كتاب عربي 21

حيوانية الإنسان في "التنوير العلماني"!

محمد عمارة
1300x600
1300x600
في عدد أغسطس 2015 من مجلة "الثقافة الجديدة" الصادرة عن وزارة الثقافة المصرية، كشف الدكتور مراد وهبة - داعية التنوير العلماني الغربي - عن الجذور السوفسطائية لهذا التنوير!

ولقد سبق للدكتور مراد وهبة - في كتابه "مدخل إلى التنوير" عام 1994 - أن حدد المعالم العشرة لهذا التنوير الذي يدعو إليه، فقال إنها:

1- "أن الإنسان حيوان طبيعي اجتماعي، فهو جزء من الطبيعة، وهي التي تزوده، فهو أقرب إلى الحيوان منه إلى الله" - فليس خليفة لله، خلقه وكرمه بأن نفخ فيه من روحه، وفضله على سائر المخلوقات - "وسعادة هذا الإنسان دنيوية محضة، يجدها في العاطفة والشهوة وحدهما".

2- وحصر الاهتمامات الإنسانية بقضايا العالم الراهنة، والطبيعة المحسوسة، لا العالم الآخر، أو ما وراء الطبيعة.

3- والوقوف في الدين عند "الدين الطبيعي" الذي هو إفراز بشري من صنع العقل لا "الدين السماوي" المتجاوز للطبيعة، واعتبار الشعور الديني مزيجا من الخوف الخرافي والرغبة في تغيير طروف مؤلمة .

4- وتحرر العقل من سلطان الدين، وإعمال العقل دون معرفة من الآخرين، وجعل السلطان المطلق للعقل، بحيث لا يكون هناك سلطان على العقل إلا للعقل وحده.

5- وإحلال العلم محل الميتافيزيقا.. وعدم تجاوز الملاحظة والتجربة إلى ما وراءهما من سبل المعرفة "النقلية" والوجدانية.

6- واعتبار الفكر وظيفة الدماغ، فالدماغ يفرز الفكر كما تفرز الكبد الصفراء، وليس هناك نفسٌ في الإنسان.

7- وإثارة الشكوك في مشروعية المطلق، فالإنسان هو مقياس المطلق.

8- واستنباط الأخلاق من الطبيعة الإنسانية، وحصر علاقتها بالسعادة واللذة، لا بالفضيلة والاحتياجات الروحية، مع جعل الأولوية للإحساسات الفيزيقية على المفاهيم الأخلاقية والعقلية، فالأخلاق من صنعنا ومن ثمرات خبراتنا، وهي مستندة إلى الحالة الفيزيقية.

9- وإحلال "الاجتماعية" محل "الدينية" سبيلا لتحقيق السعادة الدنيوية بالعاطفة والشهوة، والطبيعة هي التي أوجدت الإنسان، والمجتمع هو المسئول عن سعادته.

10- ورد القوانين إلى أصول فيزيقية وتاريخية، وتحرير التاريخ من السنن الإلهية، وتفسيره بمفاهيم طبيعية أو مفاهيم خلقية نابعة من الطبيعة الإنسانية.

تلك هي "المقولات العشر" للتنوير العربي العلماني، ذي الجذور السوفسطائية - الذي يدعو إليه ويبشر به الدكتور مراد وهبة - وكل العلمانيين والمتغربين في بلادنا - وهو - كما رأينا - تنويرا مادي، يجعل الإنسان حيوانا طبيعيا، ويقطع جميع الصلاة بينه وبين الله والدين.

بينما الإسلام يعلمنا أن الله نور، والإسلام نور والرسول نور والقرآن نور والحكمة نور والصلاة نور، فتنويرنا يجعل الإنسان خليفة الله، الذي خلقه ونفخ فيه من روحه، وأنزل عليه الكتاب فرقانا ووهب له العقل فرقانا، ليكون الشرع مع العقل نورا على نور، في هذا التنوير الإسلامي.
1
التعليقات (1)
علي حبيب
السبت، 02-01-2016 09:04 ص
اريد التعليق على امر واحد ان ا?س?م لم يفسر حركة التاريخ على اساس غيبي ميتافيزيقي وانما ربطة بمعادلة طبيعية وعقلية وذلك بقوله تعالى " ?يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" فلم يك للغيب تدخل في حركة التاريخ وانما الشعوب هي التي ترسم مصيرها بنفسها ونتيجة لما تقوم به من عمل ودليل ذلك ان ا?س?م هو خاتم ا?ديان لكن المسلمين اليوم في اسوء حال نتيجة فعل المسلمين وارادتهم ولو كان للغيب دور لتغير حالهم دون تغيير نفوسهم وهذا ما?يمكن ان يحدث