قضايا وآراء

داعش ومتطلبات الصراعات الكبرى

هشام الحمامي
1300x600
1300x600
تكاد تنتهى جميع الآراء حول ظاهرة  داعش إلى  أن هذا التنظيم  ظهر ونما وينمو  في الفراغ الذي خلفه فشل الدولة (العراق وسوريا وليبيا نموذجا.. ) لم تنشأ في ظل نظام ديمقراطي وفي ظل ثورة ديمقراطية بل نشأت في ظل الاستبداد والاحتلال وعنف النظام ضد الثورات.

هناك خطر حقيقي وتحدي قومي و ديني يجعلنا نرفع أصواتنا بالتساؤل عن هذا التنظيم الذي صار ظاهرة حقيقية بعدما فرض نفسه على واقعنا وأرضنا وديارنا.. ورسخ عنا صورة غاية في البؤس والسوء تتسم بالهمجية والعنف والقسوة من خلال صور القتل وقطع الرؤوس وتهجير المسيحيين وغيرهم وفرض الإسلام بالقوة.

(ارجعوا إلى ما كتبه يورى افنيرى الإسرائيلى الملحد ردا على البابا السابق بندكت السادس عشر في مقالة رائعة بعنوان (سيف محمد) حين تطاول البابا على الإسلام وانتشاره) ..  لماذا يذبح الناس أمام الكاميرات ولماذا بالسيف! رغم امتلاكهم  أسلحة وذخائر متطورة تفوق ما تملكه بعض الجيوش النظامية في المنطقة..
 
وإذا كانت داعش قد ظهرت على خلفية (فشل الدولة) وجزء من هذا التفسير صحيح _حيث الأحلام الضائعة والتجربة المرة_....لماذا في العراق وسوريا بالذات ولماذا لم تظهر فى دول تتسم بالحكم الاستبدادي البعيد عن مفهوم المواطنة وقيم المساواة والعدالة؟ ولماذا ظهرت قبل ذلك في أفغانستان والصومال؟

ألا يجعلنا كل ذلك نتساءل عن من يقرر مكان ظهورها وتوقيته؟ أو حتى  كيف تتنقل هذه الجيوش البشرية عبر مطارات العالم وحدود الدول من دون أن تكشفها أجهزة المخابرات الغربية والعربية  ومن دون أن يعيق تحركها أحد؟ أم أن هناك طائرات تنقلها عبر المسافة الواقعة بين كابول والموصل وحلب ودول توفر لها العتاد العسكري والسيارات والأسلحة ؟
 
ما هي الدوافع الشرعية والفكرية  في ملاحقة الأطفال والشيوخ والنساء والأقليات الدينية التي طالما عاشت في كنف حضارتنا الإسلامية آمنة سالمة؟

سنلاحظ  كيف يتم دعمهم بالسلاح و المال والغطاء السياسي لممارسة نهجهم في سوريا تحديدا (إما أنا أو داعش)!! سنلاحظ تغييب (الموضوع الفلسطيني) عن أجندتهم وعما إذا كان ذلك مصادفة أم خلل مقصود في أولوياتهم وبرامجهم وممارساتهم...التي وصلت حد التمثيل بالجثث وتعليق الرؤوس على الأعمدة في الشوارع.
 
داعش جيش.. لا دولة ولا حدود له... حكاية صعود مملوءة بألوان الظلام والريبة.. قام على الفكر التكفيري المنبوذ في مجتمعاتنا ...حيث تشكل (الأجهزة الخفية) سندا هائلا في تمويله وتسليحه.. أكاد أجزم بأن كل التنظيمات المتطرفة خرجت من عباءة أجهزة الأمن والمخابرات.. لا من عباءة التيار الإصلاحى الإسلامى كما يكذبون ويفترون. أحد غلمان العلمانية البائسين قال أمس السبت 5/12 فى الـ"بي بي سي"، الطريق الذي أوله إخوان آخره داعش .. يا أيها البائس الصغير، الصحيح هو أن تقول أن الطريق الذي أوله داعش آخره أمثالك.. تماما كما يقول بشار.. إما داعش التكفير والذبح.. وأما علمانية التبعية والمسخ الحضاري.. اللعبة من فرط خيبتها عارية التكشف.. لا تحتاج أذكياء لفهمها!!
 
داعش ينقل بطائرات مدنية وعسكرية إلى مناطق عدة في العالم بما يتلاءم ويتطابق كليا مع (خريطة الخلافات الطائفية) وخطط الفوضى المنهجية التي تخدم مصالح الغرب وإسرائيل والأنظمة المستبدة. ويساهم في تأجيج الصراعات العرقية والدينية في العالم العربي القومي بصورة تضمن تدمير وحدة الدولة العربية الواحدة تلو الأخرى.. بعد أن تم تمزيق الوحدة العربية كفكرة... ناهيك عما يحدث الآن للتيار الإسلامي المعتدل..
(وما كنت أدري قبله ما البكا ** ولا موجعات البين حتى تولى ).

خارج إطار الثرثرة المعهودة سنجد أن داعش لا تمثل حركة (إصلاحية) أو (ثورة على الاستبداد والظلم) لأنها في واقع الأمر تخالف الفكر الإصلاحي والثوري..  فما نراه ليس إلا صورة كريهة  للجبروت والظلم والبغي.. وأفعال بشعة معادية  لقيم الحضارة الإسلامية في التسامح والإنسانية... ( تقوم بهدم المساجد والكنائس وأماكن العبادة).

لا يمكن أن تكون هذه الحركة معبرة عن الإسلام ولا المسلمين في شيء رغم ما ترفعه من شعارات ورموز وأعلام تلطخت بدم الأبرياء من المسلمين والمسيحيين والإيزيديين والشيعة.
 
الصمت المعيب أمام هول المجازر المرتكبة على أيديهم لا يساويه إلا الصمت على مجازر إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني، ولا يؤكد إلا على التماثل في مخرجات هذا الفكر الأسود.
 
رفضنا وكراهيتنا لما تفعله داعش يستند إلى قيم إسلامنا الحضاري  بمعانيه الخالدة وتاريخه وثقافته؛ التي وسعت التعددية الفكرية والدينية عبر القرون الطويلة وأنتج حضارة تفاخر الإنسانية في حفظ وصون الأقليات المختلفة دينيا وعرقيا... حيث كان الإسلام هو الوطنية التي يسكب فيها المسلم والمسيحي واليهودي حضوره في إطار حضاري مشرق.
عدت من الغياب إلى الغياب..
أرثي الطرقات القديمة مع صاحبي ...
1
التعليقات (1)
مين الأمور
الإثنين، 07-12-2015 03:10 ص
مقالة لا تحترم أدنى معطيات الواقع...مجرد ترديد لنفس كلام الغرب

خبر عاجل