يحاول النظام السوري وحليفه الروسي عزل
حلب المدينة عن محيطها، من خلال الاستهداف المتكرر لشريان الحياة الوحيد المتبقي لها، طريق الكاستيلو، بالتزامن مع استهداف الطريق من قبل قناصة الوحدات الكردية التي ترصد الطريق من حي الشيخ مقصود.
وفي هذا الصدد، يقول الطبيب محمد شاهين، رئيس المجلس الطبي في حلب ،لـ"
عربي21"، إنّ عدد الّذين قضوا على طريق الكاستيلو خلال الأيام الماضية يقرب من 31 شخصا؛ نتيجة استهدافهم من قبل طيران النظام السوري ومدفعيته، فضلا عن إصابة عدد منهم بقناصة المقاتلين الأكراد المتمركزين في حي الشيخ مقصود.
بدوره، يُطالب رئيس الطبابة الشرعية بحلب، أبو جعفر كحيل، خلال حديثه لـ"
عربي21"، جميع الفصائل والمشافي العاملة في مناطق المعارضة في حلب وريفها، بضرورة التنسيق مع الطبابة الشرعية من أجل توثيق جثث الضحايا، ودفنها أصولا، مشتكيا في الوقت ذاته من ضعف التنسيق.
ورصدت "
عربي21" من خلال غرفة الطبابة الشرعية على "واتس آب" توالي ورود أنباء استهداف المدنيين على طريق الكاستيلو، وسقوط قتلى وجرحى في صفوفهم، حيث لم يخل يوم خلال الأيام الماضية من ذكر أسماء ضحايا على الطريق الواصل بين حلب المدينة وريفها الغربي، بالإضافة لإدلب وريفها.
من جهته، يقول أبو أحمد، وهو أحد الذين نجوا بإعجوبة من
القصف على هذا الطريق: "لقد رأيت عشرات السيارات المستهدفة من قبل الطيران، ومدفعية النظام، وهي محترقة على الطريق، كما تم استهداف سيارة نقل جماعي قبل وصولنا إلى الطريق، ما أدى لمقتل جميع ركابها"، مضيفا لـ"
عربي21": "لقد كتب لنا عمر جديد"، وفق تعبيره.
واستطاع النظام السوري خلال الأيام القليلة الماضية، شل حركة الطريق من خلال استهداف جميع العابرين، ليصبح خارج الخدمة بشكل نهائي، فيما أصبحت مهمة المخاطرين للعبور منه صعبة للغاية، في ظل الاستهداف اليومي له.
في هذا السياق، يقول مدير العلاقات العامة في فيلق الشام، أحمد الأحمد، لـ"
عربي21": "لقد تمكّن النظام من تحديد إحداثيات الطريق، حيث تم رصده من قبل مدفعتي كلية المدفعية في الراموسة، ومدفعية تلة حندرات، بالتزامن مع الاستهداف المتكرر من قبل الطيران، فضلا عن رصد الطريق من قبل القناصة الأكراد في حي الشيح مقصود، ما جعل مسألة العبور منه أمرا في غاية الخطورة".
وأشار الأحمد أيضا إلى قيام الطيران الحربي بهدم جسر الكاستيلو، بعد استهدافه بغارة جوية.
ويصف عضو المجلس المحلي في مدينة حلب، مصعب الخلف، خلال حديثه لـ"
عربي21"، الوضع في مدينة حلب بـ"المأساوي" من خلال دخول المدينة في حالة شبيهة بالحصار، في ظل الاستهداف المتكرر لشريان الحياة في المدينة، من قبل الأطراف المعادية للفصائل المقاتلة، سواء من النظام وحليفة الروسي، أو المقاتلين الأكراد في حي الشيخ مقصود.
ويؤكد الخلف استمرار المجلس بتقديم الخدمات وفق الإمكانيات المتاحة، من ماء وكهرباء ونظافة، مشيرا إلى تنسيق الجهود مع المنظمات العاملة في المدينة من أجل تأمين المواد الغذائية للمواطنين داخل المدينة.
وبينما أبدى تخوفه من استمرار
الحصار على المدينة، نفى في الوقت ذاته وجود طريق بديل للكاستيلو من أجل فك الحصار عن المدينة.
وكان المجلس المحلي في مدينة حلب، قد بادر في وقت سابق، إلى زراعة المساحات الفارغة في أحياء المدينة؛ خوفاً من حصار قد يطال ساكنيها.
ويستبعد قائد ميداني في فيلق الشام؛ أن تسهم المعارك الأخيرة بالريف الجنوبي في فتح طريق جديد للمدينة، مشيرا إلى أنّ المعركة هناك طويلة، وهي أشبه بحرب الاستنزاف.
وفي ظل التصعيد الأخير على طريق الكاستيلو، الذي يعتبر الشريان الوحيد الواصل بين حلب المدينة، وطرق الإمداد الرئيسية في ريف حلب وريف إدلب، وصولا إلى الحدود التنركية، تسري مخاوف على مصير ما يقرب من 350 ألف مدني يعيشون في الأحياء الخاضعة لسيطرة الفصائل في المدينة.