يعيش أكثر من 200 ألف مواطن سوري في مدينة
منبج، حصارا محكما، بانتظار ما يسمى "تحريرها من قبضة الإرهاب (
تنظيم الدولة)"، بينما يعتبر كثيرون أن ما يجري "تناحر بين احتلالين"، مستندين إلى تاريخ القوات المهاجمة البعيد والقريب معا.
ويعتقد كثير من الثوار أن ما يجري في منبج حاليا، هو عملية احتلال خطيرة، تدعمها قوى دولية بزعم محاربة "الإرهاب".
يقول منذر السلال، رئيس لجنة إعادة الاستقرار في محافظة
حلب، وعضو الهيئة السياسية لمدينة منبج: "نحن كقوى وفصائل ثورية؛ لا نعد ما يجري في منبج تحريرا، ونحن على خلاف جذري مع قوات
سوريا الديمقراطية (قسد)".
"قسد" بين القبول والرفض
وتحاول قوات "قسد" جاهدة تلميع صورتها إعلاميا، مستفيدة من ممارسات تنظيم الدولة، ومن انضمام عشرات الشباب العرب مؤخرا لصفوفها، وتؤكد أن هذا الانضمام دليل على تقبل الشارع وتأييده لها. حيث يقول أحد أفراد "قسد" لـ"
عربي21": "انضمام عشرات الشباب من ناحية أبو قلقل بمجرد دخولنا البلدة؛ دليل على أننا جئنا لتحرير الأهالي من ظلم داعش".
بينما يفسر الثوار ما حدث من زاوية أخرى، فيرى السلال أن "أي قوة تسيطر؛ يكون لها مؤيدون، حتى إن النظام له مؤيدون، وليس عجبا أن يكون لقسد بعض المؤيدين، وما حصل ردات فعل للخلاص من داعش".
وقال الناشط الإعلامي في ريف منبج، أبو محمود، إن "استقبال قسد بالفرحة، وانضمام الشباب لها؛ سببه قائد (جند الحرمين) إبراهيم البناوي، الذي انضم لقوات سوريا الديمقراطية مع بعض عناصره، ولا أستبعد أن يكون العامل المادي هو الداعم للعامل المناطقي"، مشيرا إلى أنه "لم يرصد أي استقبال أو انضمام لقسد في غير ناحية أبو قلقل".
ممارسات محرر أم محتل؟
وأكد ناشطون أن ممارسات "قسد" تركت انطباعا سيئا لدى الأهالي، وقال الناشط أبو محمود إن "جميع ممارسات قسد تدل على أنها قوة احتلال، فهذه القوات تقوم بتغيير أسماء المدن والبلدات، بدءا من عين العرب، مرورا بتل أبيض، وتفاجأت مؤخرا أن منبج التي يشكل العرب أكثر من 90 بالمئة أطلق عليها اسم كردي، حيث تم تسميتها بمدينة منبج مابوك، ناهيك عن إعادة تسمية غيرها من القرى والبلدات العربية".
وقال أحد النازحين من قرية قره صوخي شرق منبج، إن "قسد" تسلط سيف الاتهام بالانتماء لتنظيم الدولة على الأهالي، وتقتل كل من توجه إليه هذه التهمة.
وقال الناشط الإعلامي أبو محمد المنبجي، إنه بمجرد سيطرة "قسد" على أي منطقة؛ فإنها تقوم بـ"سرقة محولات الكهرباء، والأغراض الثمينة من البيوت"، متسائلا: "كيف يكون محررا من يسرق البنى التحتية، ويسلب الأهالي أملاكهم وحقوقهم؟".
وأضاف أن أهالي قرية عيوش بمنبج، أكدوا أن "قسد" منعتهم من العودة إلى بيوتهم بهدف سرقتها، مشيرا إلى أن هذه الحادثة تكررت في قرى أخرى.
الارتباط بالخارج
ولعل ارتهان قسد للقرار الخارجي، وتلقيها دعما لا محدودا من التحالف الدولي؛ جعلها موضع تهمة، حيث يقول الناشط أبو محمود، إن "قسد" تشبه الزمرة الحاكمة في العراق، "فمن تأتي به الطائرة الأمريكية والروسية؛ لا يستطيع أن يكون وطنيا.. إنه أجير".
ويرى مراقبون أن "قسد" ستجد صعوبة كبيرة في حال سيطرتها على منبج، فمنبج - ريفا ومدينة - عربية بامتياز، ولا يشكل الكرد فيها إلا عددا محدودا جدا.