سياسة عربية

برلمان السيسي في متاهة قانونية بعد حكم مصرية الجزيرتين

رئيس اللجنة التشريعية ببرلمان مصر رفض التعليق على الحكم- أرشيفية
رئيس اللجنة التشريعية ببرلمان مصر رفض التعليق على الحكم- أرشيفية
تضاربت مواقف أعضاء مجلس النواب في مصر، مع مواقف خبراء قانونيين إزاء حكم المحكمة الإدارية العليا، الاثنين، بمصرية جزيرتي "تيران وصنافير"، ما بين الأولين المؤكدين لقانونية عرض اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية، على البرلمان، والأخيرين الذين أكدوا عدم قانونية ذلك.

وكان رئيس المحكمة المستشار أحمد الشاذلي، قال، في حيثيات حكمه، إنه بناء على تبعية تيران وصنافير للسيادة المصرية، فإن جهة واحدة يمكنها التنازل عن الجزيرتين، وهي أن تُعرض على استفتاء شعبي، وفقا للدستور الذي استفتى عليه الشعب.

وكان الشاذلي قال بمنطوق حكمه إن "سيادة مصر على جزيرتي تيران وصنافير مقطوع بها"، موضحا أن هيئة المحكمة أجمعت على هذا الحكم.

غموض موقف البرلمان


ومعبرا عن غموض موقف البرلمان من الاتفاقية، بعد أن أحالها مجلس الوزراء قبل أيام إليه، رفض رئيس اللجنة التشريعية به، بهاء أبو شقة، التعليق على الحكم، متذرعا بقول مبهم هو: "سنترك القرار للشرعية الدستورية والقانونية"، مضيفا أن المجلس "سيتعامل وفق المقتضيات القائمة، بحسب الدستور، والقانون".

ومن جهته، عقد رئيس مجلس النواب، علي عبد العال، اجتماعا مغلقا، الاثنين، مع هيئة مكتب المجلس لبحث موقف البرلمان من اتفاقية تيران وصنافير بعد الحكم الصادر.

وفاجأ أحد النواب عبد العال قائلا: "تيران وصنافير طلعت مصرية يا ريس".

وقال وكيل اللجنة التشريعية والدستورية بالمجلس، نبيل الجمل: "إن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، لم تتم إحالتها إلى اللجنة التشريعية حتى الآن".

وأضاف، للمحررين البرلمانيين، الاثنين، أن اللجنة ستنظر الأحكام القضائية الصادرة بشأن الاتفاقية فور إحالتها للمناقشة، موضحا أن ما جاء بالأحكام سيكون محل نظر واهتمام من اللجنة، حسبما قال.

برلمانيون: الكلمة الأخيرة لنا

وفي أول رد فعل له على الحكم، قال النائب مصطفى بكري، إن مجلس النواب وحده صاحب الاختصاص الأصيل والمتفرد في مناقشة الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، وفقا للمادة (151) من الدستور، مضيفا أنه تجب مراعاة مبدأ الفصل بين السلطات.

وأضاف أن الملف لم يحسم بعد، وأن لمجلس النواب الحق في رفض أو قبول الاتفاقية.

وكان بكري أقسم بالله على أنه سيتقدم باستقالته من البرلمان، إذا ثبتت مصرية تيران وصنافير.

ومن جهته، قال النائب اللواء أسامة أبو المجد، إنه بمجرد وصول اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية إلى البرلمان، ستتم مناقشتها في لجنة الدفاع والأمن القومي وبعض اللجان الأخرى، مؤكدا أن الدستور أعطى البرلمان الحق في الفصل بتلك القضايا.

وأضاف، في مداخلة هاتفية، الاثنين، عبر فضائية "إكسترا نيوز"، أن هناك بلبلة في الشارع المصري بشأن قضية تيران وصنافير، وهذه البلبلة ليست في مصلحة الوطن، وفق قوله.

أبو حامد: السعودية ستتسلم الجزيرتين برغم الحكم

لكن وكيل لجنة التضامن بمجلس النواب، محمد أبو حامد، فاجأ الرأي العام بتأكيده أن مصر هي مَن سلّمت الأمم المتحدة وثائق رسمية تفيد بسعودية جزيرتي تيران وصنافير، وأن السعودية أودعت أيضا الوثائق نفسها، ولم تعترض عليها مصر.

وأكد أن حكم محكمة القضاء الإداري، الذي قضى بمصرية تيران وصنافير، لن يغير في الواقع شيئا، لاسيما أن السعودية تستطيع الحصول على الجزيرتين من خلال التحكيم الدولي، مشددا على أن الموضوع منته دوليا.

واختتم تصريحاته: "قولا واحدا "تيران وصنافير سعوديتان بحكم الأوراق التي سلّمتها مصر للأمم المتحدة".

قانونيون: الحكم واجب النفاذ

في المقابل، ذهب عدد من الخبراء القانونيين، إلى أن الحكم واجب النفاذ، ولا يجوز عرض الاتفاقية المصرية - السعودية، على البرلمان.

وقال المحامي الحقوقي، وعضو لجنة الدفاع عن مصرية الجزيرتين، خالد علي: "إن الحكم نهائي، ولا يجوز عرض الاتفاقية على البرلمان"، مشددا على أن هذا العرض باطل.



ومتفقا معه، قال أستاذ القانون الدولي، صلاح الطحاوي، إن حكم المحكمة الإدارية العليا بات ونهائي وحائز قوة الأمر المقضي.

وأضاف الطحاوي، في تصريحات صحفية، أن حكم الإدارية العليا ملزم للجميع، ويجب تنفيذه على الفور، ولا يجوز إعمال المادة (151) من الدستور، التي تنص على أنه "يمثل رئيس الجمهورية الدولة في علاقاتها الخارجية، ويبرم المعاهدات، ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب، وتكون لها قوة القانون بعد نشرها وفقا لأحكام الدستور".

وأشار إلى أن الحكومة والبرلمان ملزمان بعدم مناقشة الاتفاقية تحت قبة البرلمان بعد صدور هذا الحكم، مشيرا إلى أن المحكمة نظرت القضية باعتبارها ليست من أعمال السيادة، في ظل وعدم وجود قائمة بأعمال السيادة منصوص عليها بالدستور، وأن المحكمة أرست مبدأ جديدا مخالفا لكل ما استقرت عليه آراء الفقه وأحكام القضاء السابق، باعتبار أن المعاهدة الدولية عمل إداري، وليست من أعمال السيادة.

ومن جهته، شدَّد رئيس قسم القانون العام وأستاذ القانون الدستوري و الإداري بجامعة القاهرة، الدكتور رأفت فودة، على أن هناك إجراء واحدا فقط متبعا بعد صدور حكم مصرية الجزيرتين، هو تنفيذه بحجته المطلقة من قبل سلطات الدولة ورئيس الجمهورية ومجلس النواب، والتوقف عن القيام بأي إجراء شكلا وموضوعا يتعارض معه.

وأكد أن السعودية لا تستطيع اللجوء إلى التحكيم الدولي دون موافقة مصر، ونفى وجود أي دليل للسعودية يثبت سيادتها على الجزيرتين.

ومتفقا معه، رأى عميد كلية الحقوق السابق بجامعة القاهرة، محمود كبيش، أن الحكم أسدل الستار على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، مؤكدا أنه لم يعد هناك شك في مصرية تيران وصنافير، وأنه يجب على الجهات المختصة تنفيذ القرار، وفق قوله.
التعليقات (1)
من حيثيات المحكمة
الثلاثاء، 17-01-2017 12:39 ص
وأودعت المحكمة حيثيات حكمها التاريخي في ستين صفحة، واستندت لعدة أسباب ردت فيها على دفوع هيئة قضايا الدولة التي تمثل الحكومة، ومن بينها حادث الباخرة الإنجليزية "إمباير روش" في يوليو 1951 للتدليل على الاعتراف الدولي بسلطة مصر على مضيق "تيران". وقالت المحكمة في حيثياتها إن الباخرة الإنجليزية "إمباير روش" كانت محملة بشحنة من الأسلحة، إذ أوقفتها السلطات المصرية المختصة واحتجازها أربع وعشرين ساعة تحت حراسة عسكرية ، الأمر الذى أغضب السلطات البريطانية. وأضافت المحكمة أن السلطات البريطانية اتخذت إجراءً دبلوماسياً على إثرها عرض وزير خارجية بريطانيا فى ذلك الوقت – هربرت موريسون – فى مجلس العموم البريطانى تلك الحادثة فى الجلسة التى عقدت فى 11 يوليو عام 1951 وأبلغ السفير المصري فى لندن استياء بريطانيا لهذا الحادث. وطلب وزير خارجية بريطانيا من السفير الإنجليزي في القاهرة (مستر ستيفنسون) تقديم احتجاج رسمي إلى الحكومة المصرية على هذا الحادث، وقدمه بالفعل فى 11 يوليو عام 1951 ثم أصدر بياناً اَخر بشأن هذا الحادث في 16 يولي. وأشارت المحكمة إلى أن الحكومة المصرية ردت على مذكرة احتجاج السفارة البريطانية في القاهرة، برفضها التام للاحتجاج، موضحةً أن سفينة "إمبارير روش" كانت في منطقة محرمة عندما طُلب إليها التوقف لكنها أهملت كافة الإشارات التى أصدرتها السلطات المصرية بواسطة السفينة " نصر" ولم تتوقف إلا بعد أن أطلقت عليها السفينة المصرية المذكورة قذيفة للإنذار. وتابعت "كما أن قائد السفينة رفض إبراز أوراقها، فاُقتيدت إلى شرم الشيخ وتم تفتيشها هناك وجاء فى ختام المذكرة المصرية بأن مصر تتمسك بحقوقها فى السيادة على مياهها الإقليمية تمسكاً أكيداً