ملفات وتقارير

بعد حُكم الجزيرتين: هل هناك "مخرج" للسيسي لتجاوز الأزمة؟

أحالت الحكومة قضية الجزيرتين للبرلمان قبل صدور حكم المحكمة العليا الاثنين
أحالت الحكومة قضية الجزيرتين للبرلمان قبل صدور حكم المحكمة العليا الاثنين
يبدو أن حكومة قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي عازمة على المضي قدما في تجاوز قرار أعلى محكمة إدارية في البلاد؛ ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، وطرحها للنقاش في البرلمان.

ففي أول تعليق على الحكم، قال ائتلاف دعم مصر، الموالي لنظام السيسي، إن "صدور حكم دائرة فحص الطعون لن يغيّر من حقيقة اختصاص مجلس النواب بنظر المعاهدات الدولية".

واعتبر الائتلاف في بيان، تلقت "عربي21" نسخة منه، أن "هذا الاختصاص الدستوري منعقد للبرلمان، ليقرر ما يراه في هذا الشأن"، مشددا على أن القرار في النهاية "سيكون للنواب ممثلين عن الشعب؛ للقول الفصل النهائي في هذا الموضوع"، على حد قوله.

دعم مصر "يهذي"

في المقابل، وصف المحامي علي أيوب، مدير مركز ابن أيوب للدفاع، ورئيس رابطة محامي مجلس الدولة، هذا البيان بأنه "تغوّل من السلطة التشريعية على السلطة القضائية"، وقال لـ"عربي21": "ائتلاف دعم مصري يهذي بهذا البيان؛ لأنه يخالف حجية حكم قضائي صادر من أعلى محكمة إدارية بمصر"، على حد تعبيره.

وأضاف أيوب: "هم أغلبية للنظام، وليسوا أغلبية للشعب، هم نواب لا يعبّرون عن الشعب، إنما يعبرون عن النظام. هذا النظام فقد مصداقيته أمام الشعب، والمحكمة فضحت ما كانوا يذهبون إليه من تصرف باطل لم تعرفه مصر من قبل، بمحاولة التنازل عن التراب المصري".

وأكد أن النظام "ليس لديه أي خيارات لتجاوز حكم الإدارية العليا، سواء من قبل البرلمان، أو المحكمة الدستورية العليا؛ لأنها غير مختصة بهذه المسألة؛ لأن منازعة تنفيذ الاتفاقية المعروضة أمامها ليست منازعة بالتوصيف القانوني السليم"، وفق تقديره.

الحكم غلّ حكومة وبرلمان السيسي

من جهته، ذهب المحامي محمد محيي، عضو هيئة الدفاع عن الجزيرتين، البرلماني السابق، إلى أن برلمان السيسي لا يحق له طرح الاتفاقية للمناقشة، وقال لـ"عربي21": "الحكم بات ونهائي، وغير قابل للطعن عليه، وغُلت يد البرلمان والحكومة في مناقشة هذه الاتفاقية، وأصبحت بموجب الحكم هي والعدم سواء"، كما قال.

وردا على تأكيد مؤيدي التنازل عن الجزيرتين في البرلمان عزمهم المضي قدما في مناقشة الاتفاقية، قال محيي: "لكل عضو مجلس نواب جاهل، أقول له: اقرأ الدستور، ومنطوق الحكم؛ لتدرك بأنك جاهل، وبأنك تتفوه بما لا تعلم"، على حد قوله.

وحذر من سحب البلاد إلى دائرة العنف في حال التفّ البرلمان على الحكم القضائي، وقرر مناقشة الاتفاقية وتمريرها، قائلا: "سيجر البرلمان البلاد إلى دائرة عنف، ويرتكب جريمة بإشاعة الفوضى، ويثير مشكلة كبرى بين السعودية ومصر".

تصويت القطيع

أما النائب خالد محمد، عضو اللجنة التشريعية والقانونية في البرلمان، فاستبعد أن يناقش البرلمان الاتفاقية.

وقال لـ"عربي21": "بعد حكم الإدارية العليا، من المفترض أن يغلق المجلس الباب أمام مناقشة الاتفاقية"، مؤكدا أن "القرار أبطل الاتفاقية، وبيّن بما لا يدع للشك بأنهما مصريتان". وتساءل: "كيف يمكن للبرلمان مناقشة حكم قضائي؟".

وأشار البرلماني إلى أن أزمة الحدود بين الدول العربية موجودة في كل مكان، مضيفا: "منذ انتهاء الاحتلال الأجنبي، ظهرت مشاكل الحدود في المنطقة؛ بهدف زعزعة الأمن والاستقرار، في حين كانت كل البلاد أرضا واحدة، ولا ملكية لأحد على شيء"، كما قال.

وطالب خالد محمد النواب بعدم الانجرار وراء كتلهم البرلمانية لتمرير الاتفاقية في حال قرر البرلمان مناقشتها "دون علم ودراية"، وقال: "على النواب أن يطلعوا على كل الوثائق والخرائط؛ لاستبيان موضع الحقيقة".

صدام المؤسسات

من جهته، شدد الكاتب والباحث السياسي، أحمد عبد الله المغاوري، على أنه ليس من حق البرلمان طرح القضية مجددا، وقال لـ"عربي21": "ما يحدث يظهر أن هناك صداما بين بعض مؤسسات أو رجال الدولة"، مشيرا إلى أن "مناقشة القرار في البرلمان يطعن في مصداقية القضاء، ومرهون بعلاقة مصر بالسعودية"، وفق قوله.

وبشأن رد فعل الشارع في حال قرر نظام السيسي تمرير الاتفاقية بشكل أو بآخر، أكد المغاوري أن "النظام لا يهتم بوجود الشارع أو رد فعله، وهو غير موجود في حساباته؛ لأنه لا يرى الشعب، إنما يرى مؤسساته ورجاله داخل تلك المؤسسات".

وتابع: "الشعب غير موجود في أي معادلة سياسية بعد أحداث 3 تموز/ يوليو" 2013، معتبرا أن "مصر مرت بثلاث مراحل: سياسة دون دين، وسياسة دون أخلاق، وأخيرا سياسة دون بشر، كما هو حاصل الآن"، على حد وصفه.
التعليقات (2)
ابن الجبل
الثلاثاء، 17-01-2017 10:45 ص
يبدو ان الجيش لم يستطع إفساد جميع أعضاء الجهاز القضائي بالوعد والوعيد،وهو ينجح في تخريب ميزان العدالة عندما يُكَون ويعين محكمة من بعض القضاة الفاسدين( بابتزاز ماضيهم او برشوتهم بالرواتب والامتيازات) ودفعهم لمحاكمة من يعترض او يقاوم تسلط الانقلابيين بإصدار احكام مشددة بالاعدام والسجن المؤبد بحقهم.
من حيثيات المحكمة
الثلاثاء، 17-01-2017 12:39 ص
وأودعت المحكمة حيثيات حكمها التاريخي في ستين صفحة، واستندت لعدة أسباب ردت فيها على دفوع هيئة قضايا الدولة التي تمثل الحكومة، ومن بينها حادث الباخرة الإنجليزية "إمباير روش" في يوليو 1951 للتدليل على الاعتراف الدولي بسلطة مصر على مضيق "تيران". وقالت المحكمة في حيثياتها إن الباخرة الإنجليزية "إمباير روش" كانت محملة بشحنة من الأسلحة، إذ أوقفتها السلطات المصرية المختصة واحتجازها أربع وعشرين ساعة تحت حراسة عسكرية ، الأمر الذى أغضب السلطات البريطانية. وأضافت المحكمة أن السلطات البريطانية اتخذت إجراءً دبلوماسياً على إثرها عرض وزير خارجية بريطانيا فى ذلك الوقت – هربرت موريسون – فى مجلس العموم البريطانى تلك الحادثة فى الجلسة التى عقدت فى 11 يوليو عام 1951 وأبلغ السفير المصري فى لندن استياء بريطانيا لهذا الحادث. وطلب وزير خارجية بريطانيا من السفير الإنجليزي في القاهرة (مستر ستيفنسون) تقديم احتجاج رسمي إلى الحكومة المصرية على هذا الحادث، وقدمه بالفعل فى 11 يوليو عام 1951 ثم أصدر بياناً اَخر بشأن هذا الحادث في 16 يولي. وأشارت المحكمة إلى أن الحكومة المصرية ردت على مذكرة احتجاج السفارة البريطانية في القاهرة، برفضها التام للاحتجاج، موضحةً أن سفينة "إمبارير روش" كانت في منطقة محرمة عندما طُلب إليها التوقف لكنها أهملت كافة الإشارات التى أصدرتها السلطات المصرية بواسطة السفينة " نصر" ولم تتوقف إلا بعد أن أطلقت عليها السفينة المصرية المذكورة قذيفة للإنذار. وتابعت "كما أن قائد السفينة رفض إبراز أوراقها، فاُقتيدت إلى شرم الشيخ وتم تفتيشها هناك وجاء فى ختام المذكرة المصرية بأن مصر تتمسك بحقوقها فى السيادة على مياهها الإقليمية تمسكاً أكيداً