قضايا وآراء

لم تصمت السعودية فقط.. يا سيد هيرست

هشام الشلوي
1300x600
1300x600
نشرت عشرات المواقع العربية مقالا للصحفي البريطاني الفذ، ديفيد هيرست، المدافع عن القضايا العربية - وإن كان بسذاجة أحيانا - عقد فيه مقارنة بين رد المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل؛ على القرار التنفيذي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بمنع دخول سبع جنسيات إلى بلاده، وبين الصمت المطبق للعاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، وكذلك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

أقول للسيد هيرست: "إن العربية السعودية لم تكتف بالصمت حيال المنع الترامبي، بل استعملت أدواتها الإعلامية وأذرعها الناعمة في محاولة إقناع الجمهور العربي بجدوى قرار المنع".

وعرضت ليل الواحد والثلاثين من كانون الثاني/يناير، على قناة "MBC2" فيلما يروي قصة تحرير القبطان الأمريكي ريتشارد فيليبس من قراصنة صوماليين، استولوا على سفينته التجارية عام 2008، وقام بدور البطولة في الفيلم الممثل المعروف توم هانكس.

لا يجادل أحد أن قصة الفيلم واقعية، وأن وحدة العمليات الخاصة في البحرية الأمريكية حررت الكابتن فليبس، وأن تصوير وعرض الفيلم كان في تشرين الأول/ أكتوبر عام 2013، وأن عمل القرصنة وترويع الناس في البر والبحر ممقوت ومحرم ومجرم، شرعا وعقلا.

إلا أن الذي يمكن الجدال فيه هو الرسالة التي تريد قناة "MBC2"، وهي التابعة للعربية السعودية، من توقيت عرض الفيلم، بعد صدور قرار الرئيس الأمريكي، بمنع جنسيات منها الصومال دخول بلاده.

توقيت الفيلم يقول: "إن الصوماليين إرهابيون وقتلة وقراصنة، لذا لا ضير، بل يجب منعهم من دخول الولايات المتحدة كلاجئين، وإنه لا يجب النقاش حتى في أخلاقية القرار، ومدى تطابقه أو احترامه للمعايير الدولية".

كما أن الفيلم يلفت الانتباه عن سؤال لماذا لم يمنع السعوديون من دخول الولايات المتحدة رغم ضلوع سعوديين في تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول عام 2001، والذي سقط فيه الآلاف من الأمريكان قتلى وجرحى.

ففي الوقت الذي تحتج فيه جماعات ودول على قرار الرئيس الأمريكي، تقدم قناة ممولة من السعودية، حججا دفاعية عن قرار المنع وحظر الدخول.

صحيح أن قصة فيلم الكابتن فيليبس حقيقية، إلا أن الفيلم كعمل فني، اجتزأ هو الآخر الحقيقة، فلماذا يلجأ الصيادون الصوماليون إلى أعمال القرصنة؟ وما هي المساهمة الأمريكية في تشظي هذا البلد وتفتيته، واقتلاعه من جذوره، والتعامل معه كمختبر أسلحة؟ هذه الأسئلة وغيرها لم يجب عنها الفيلم، ولن يجيب عنها أي فيلم، وإن أجاب فلن يقدر له أي نجاح أو انتشار.

ليس هذا هو المهم، المهم هي الصورة النمطية التي أظهرها الفيلم للصوماليين، وكأنها تقول إن هؤلاء أنجاس مناكيد، وإن هذا هو سلوكهم الطبيعي مع الرجل الأبيض وحضارته الغربية.

وسبق الجميع إلى شرح هذه التناقضات وتفكيكها، المفكر الفلسطيني العبقري، إدوارد سعيد، في كتابه الذي سيظل علامة فارقة في تاريخ الثقافة العالمية "الاستشراق" وكتاب "تغطية الإسلام".

إلا أن هذه التناقضات والفجوات انتقلت من بطون كتب المستشرقين، المفلسفة، إلى الأعمال الفنية والدرامية والشعر والقصة والإعلانات والدعاية.

سيد هيرست أعود وأقول لك، إن المملكة ما كان لها أن تقف موقف المتفرج من قرارات ترامب الجدلية، فهذه رسالتها الثقافية نشرتها ووزعتها لملايين العرب على قناتها "mbc2".
التعليقات (1)
محمد الغامدي
الأحد، 05-02-2017 09:36 ص
يحارب النظام السعودي كل ما هو ضد إسرائيل وأمريكا في العالم العربي، ألم يحارب نظام جمال عبد الناصر والقومية العربية والوحدة العربية؟ ألم يحارب هذا النظام الوحدة السورية المصرية؟ ألم يشن هذا النظام حرب إعلامية ضد الثورة الفلسطينية بقيادة فتح والإدعاء بأنها شيوعية لتشويه صورتها وإبعاد الشعب في الجزيرة العربية بدعمها بالمال والرجال؟ والآن يحاربون إيران عندما بدأت إسرائيل تقرع ناقوس الخطر عليها من قبل إيران، هذا رغم تحفظنا ومعارضتنا لدعم إيران لنظام الفاسد المجرم بشار الأسد.