قضايا وآراء

ذكريات لاجئ بين يدي مؤتمر فلسطينيي الخارج

عدنان حميدان
1300x600
1300x600
منذ أن تفتحت عيناي على الدنيا لم أعرف عن بلدتي الأصلية مجدل الصادق قرب اللد والرملة في الأراضي المحتلة من فلسطين عام 1948 سوى بعض القصص والأوصاف التي كان يخبرني بها جدي ووالدي رحمهما الله. وجدتني وقد تقدمت بي سنوات العمر، وملكت الأوراق والوثائق المختلفة ولكن لا شيء معي يتحدث رسميا عن ارتباطي بفلسطين سوى وثيقة يتيمة عنيت بالحفاظ عليها صادرة عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين -الأونروا - التابعة للأمم المتحدة وقد كتب عليها بالإنجليزية Pal الحروف الثلاثة الأولى من كلمة فلسطين بالإنجليزية؛ بدت وكأنها الإثبات الورقي الوحيد لارتباط بأرض أنام وأصحو على حلم العودة لها متمسكا بحقي الذي لا أتنازل عنه بها.

ساذج من يظن أن منتميا لأرضه يتنازل عنها مقابل حياة في بلد غربي، والأكثر سذاجة من يقايض هذا بذاك، فمثل أي إنسان احتاج أرضي ووطني وليكن فيه بيتي ومزرعتي التي أحلم بها وفرصتي لقضاء عطلتي ومن ثم أسافر في رحاب الأرض أصول وأجول ولا أحد له شأن بي.

حق مشروع يمارسه كل سكان الأرض إلا أبناء فلسطين فمن يبحث منهم عن عيش كريم في غربته يتهمه البعض ببيع وطنه وهو بذلك يطعن مرتين؛ الأولى عندما تخلى عنه من تخلى وترك ليسقط وحيدا والثانية وهو يظلم ويبخس حقه في العيش الكريم بحجة رفض الوطن البديل.

بل ويستهدف الفلسطيني خارج أرضه كما هو مستهدف داخلها فذلك يرفع الرسوم عليه وآخر يرفض استقباله ولا ينال في النهاية سوى عبارات تضامن جوفاء لا تسمن ولا تغني من جوع.

 أراني يوما إثر يوم تزداد عائلتي تشتتا وأبناء قريتي تبعثرا في رحاب الأرض حتى أصبحنا نسمع عن دول لم نكن نسمع عنها وصلها أقرباؤنا، بينا عاش ولا زال أهلنا من فلسطينيي سوريا ويلات الهجرة واللجوء مرات ومرات.

في غمرة كل هذا البعد ومن رحم هذا الشقاء خرجت فكرة المؤتمر الجامع لفلسطينيي الخارج ومشردي الشتات الفلسطيني طوق نجاة في بحر معاناة البعد وقسوة الاغتراب.

وأصبحت أعد الأيام لألتقي الأهل والأحباب وأبناء فلسطين الذين توزعوا في رحاب الأرض، أتوق لرؤيتهم لأشعر بوجودهم لتجاذب الحديث معهم، ونجتمع معا على حلم العودة.

لا اُذيع سرا إن عبّرت بين يدي المؤتمر عن خشيتي الصريحة من الخطب الرنانة والقنابل الخطابية وأن مؤتمرات واجتماعات 2017 ليست كمثيلاتها قبل عقود خلت وفِي نفس الوقت أخاف المبالغة في مماهاة المجتمع الدولي ورغباته بمضامين المؤتمر وأدبياته.
0
التعليقات (0)