ملفات وتقارير

كيف قرأ معارضو الانقلاب تبرئة مبارك من دم 25 يناير؟

هل أقفل ملف ثورة 25 يناير بعد براءة مبارك؟ - أرشيفية
هل أقفل ملف ثورة 25 يناير بعد براءة مبارك؟ - أرشيفية
لا يبدي مناهضو الانقلاب في مصر، في الداخل والخارج، استغرابهم تجاه الحكم ببراءة الرئيس المخلوع حسني مبارك من تهمة قتل متظاهرين ثورة 25 يناير، فيما أكد عدد من رموز وقيادات المعارضة والعمل السياسي المناهض للانقلاب؛ أن الحكم يأتي في سياق "أعمال الثورة المضادة"، و"عدم حكم النظام على نفسه بالإدانة".

وبرأت محكمة النقض، أعلى محكمة في البلاد، مبارك، الخميس، من تهمة الاشتراك في قتل متظاهري ثورة 25 يناير 2011، بل وذهب محاميه فريد الديب؛ لإلصاق تهمة القتل بـ"جماعة الإخوان، وعناصر من حماس".

دولة مبارك

من جانبه، قال وزير العدل الأسبق، المستشار أحمد سليمان، إن "الانقلاب العسكري ليس إلا استمرارا لدولة مبارك، بل أشد قمعا وأفظع تنكيلا، وبالتالي فهذا النظام حريص على تبرئة مبارك ورموز نظامه".

واعتبر أن "تنحي مبارك كان بعد تعهد المجلس العسكري بتوفير الخروج الآمن له، وعدم المساس بأمواله، ولكن إزاء ضغط الثوار اضطر للقبول بتقديمه للمحاكمة"، وفق قوله لـ"عربي21".

وكشف سليمان عن قيام المخابرات، "بالتعاون مع النائب العام، وعلى يد رئيس ديوان الجمهورية الأسبق، زكريا عزمي، بطمس جميع الأدلة التي تدين مبارك، ولكن بعدما تولى الرئيس محمد مرسي الحكم أنشأ نيابة الثورة، وشكّل لجنة لتقصي الحقائق بشأن أحداث الثورة؛ أودعت تقريرا كشفت فيه عن أدلة تدين مبارك ورجاله"، كما قال.

دعوة للوحدة

من جهته؛ قال النائب الليبرالي السابق، ثروت نافع، إن "براءة مبارك اليوم تأتي في سياق طبيعي لحكم الثورة المضادة، والرسالة كانت واضحه منذ انقلاب 3 تموز/ يوليو (الانقلاب)، وهي عودة النظام القديم بكل قبحه وفساده، فيما يعاقب الثوار بالقتل والاعتقال، ومصادرة الأموال، والنفي".

وأضاف لـ"عربي21": "كنا وما زلنا عازمين على استرداد إرادة الشعب، وحقه في اختيار من يحكمه، ثم مراقبته ومساءلته وإرساء لمبادئ الديمقراطية القائمة على الشفافية وحرية الرأي، ولكن يأبى الفسدة والمنتفعون أن يكون لهذا الشعب رأي في تحديد مصيره، أو امتلاك حقوقه في الكرامة الإنسانيه وعدالة توزيع الثروات"، وفق تعبيره.

أم الناشط السياسي، أحمد البقري، فقد اعتبر أن الحكم بمثابة "دعوة للوحدة" لمناهضي الانقلاب.

وقال لـ"عربي21": "وجب علينا اليوم قبل الغد أن نتوحد لاسترداد الثورة، وإعادة حقوق من ضحوا من أجلها"، مضيفا: "من خلعتهم وسجنتهم الثورة برأهم هذا القضاء الفاسد، ومن كانو أيقونة الثورة يتم مطاردتهم، وحبسهم".

وكان المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين، طلعت فهمي، قد قال في تصريح سابق لـ"عربي21"، إن "سلطة الانقلاب من ذات المستنقع الآسن الذي خرج منه مبارك ورجال عصره، فالتبرئة منطقية بين المفسدين ولا يُتوقع منهم سوى ذلك، خاصة أن هناك محاولات لمزيد من التقارب بين منظومة الانقلاب ورجال مبارك بعد فشل السيسي في تكوين مجموعات مصالح مختلفة عن رجال مبارك في محاولة للظهور بشكل مستقل".

وقال إن "كل من تورط في دم، أو في تبرئته (تبرئة من تورط في دم) لن ينجو بفعلته عاجلا أم آجلا"، مضيفا: "موعدنا مع ثورة شعبية جامعة ستستفيد من أخطاء الماضي، وحينها لن يفلت منها هؤلاء الخونة والقتلة والمجرمون"، بحسب تعبيره.

محاكمة العسكر

ورأى النائب السابق، أسامة سليمان، في الحكم ببراء مبارك "دليلا على أن جرائم قتل المتظاهرين تمت بتدبير من العسكر، وأنهم شركاء مبارك في القتل سواء في ميدان التحرير، أو موقعة الجمل، أو أحداث محمد محمود، ماسبيرو، استاد بورسعيد، وصولا للحرس الجمهوري ورابعة والنهضة".

وأضاف لـ"عربي21": "الحكم تأكيد بأن العسكر ضد ثورة 25 يناير، وما كانوا معها بقدر ما استخدموها لصالحهم، وتأكيد أن (مظاهرات) 30 حزيران/ يونيو هي من تدبير وإخراج العسكر، وهو تحد سافر للشعب وأهالي الشهداء"، مطالبا بـ"القصاص من العسكر وشركائه في الدم من باقي مؤسسات الدولة"، على حد قوله.

أما المتحدث باسم حزب الأصالة، حاتم أبو زيد، فسخر من الحكم قائلا: "بناء على هذا الحكم، فمن حق مبارك أن يعود للحكم ويستكمل فترة رئاسته".

وأضاف أبو زيد في حديث لـ"عربي21": "الحقيقة أن النظام يبرئ نفسه، ويؤكد أنه ماض في القتل بلا حساب".

وذهب بالقول إلى أن "السيسي يستكمل سياسية مبارك بقتل الشعب المصري، ولكن بصورة أكثر فجاجة، ودون أي محاولة تجميل، أو تخفي مثلما كان يفعل مبارك الذي نشر الموت والفقر في مكان".

حكم متوقع

واعتبر عضو المكتب السياسي لحركة "6 أبريل- الجبهة الديمقراطية"، شريف الروبي، أن "الحكم بمثابة عدم اعتراف بثورة يناير"، لافتا إلى أن "إدانة مبارك ورموزه في قضايا قتل المتظاهرين كان سيعني اعتراف النظام ضمنيا بثورة 25 يناير، والنظام الحالي بجميع مؤسساته لا يعترفون بها"، وفق قوله لـ"عربي21".

وأضاف: "لم يكن لدينا أدنى شك في حصول مبارك على البراءة في ظل الحكم العسكري الذي يحكم البلد وهو واحد منهم"، مشيرا إلى أن "هناك ازدواجية في المحاكمات، والقضاء مسيس، ويأخذ أوامره من السلطة الحاكمة، ولا يأبه لرد فعل الشارع الذي يعاني من ويلات الفقر والقمع"، على حد وصفه.

ورأى عضو الحملة الانتخابية السابق للسيسي، حازم عبد العظيم، أن الأمر "لا يعدو كونه مسرحية"، وقال لـ"عربي21": "منذ يوم تنحي مبارك، وكل شيء تم ترتيبه، فنظام السيسي من نظام مبارك، ونحن في بلد بعيدة عن العدل".

وأرجع عدم مبالاة نظام السيسي بردود فعل الشارع؛ إلى أن "السيسي يحكم البلد بقبضة من حديد، ولا يبالي بردود فعل الشارع، وقطع دابر جميع المعارضين بالحبس، أو بالمطاردة، أو القمع، أو قطع الأرزاق"، وفق قوله.

العدالة على المحك

وعلى الصعيد الحقوقي، أكدت المنظمة السويسرية لحماية حقوق الإنسان، أن الحقوق لا تضيع، ولا تسقط بالتقادم، معربة عن قلقها من سير العدالة في مصر.

وقال المتحدث باسم المنظمة، علاء عبد المنصف، لـ"عربي21": "العدالة الآن على المحك"، مضيفا: "لا فرق بين الإخوان وغيرهم أمام هذه المنظومة القضائية، فالجميع مُدان طالما شارك في ثورة 25 يناير، والجميع بريء أيضا؛ طالما كان من حلفاء نظام مبارك أو النظام الحالي"، بحسب تعبيره.
التعليقات (0)