ملفات وتقارير

ماذا كشفت تسجيلات مسربة من اجتماع لنداء تونس؟ (تسجيل)

حافظ قائد السبسي: لم نتوقع أن يدير رئيس الحكومة يوسف الشاهد لنا ظهره - تويتر
حافظ قائد السبسي: لم نتوقع أن يدير رئيس الحكومة يوسف الشاهد لنا ظهره - تويتر
تداولت صفحات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام بتونس، تسريبات صوتية من اجتماع للمكتب السياسي لحزب نداء تونس، كشف فيه المدير التنفيذي للحزب حافظ قائد السبسي، عن موقفه من رئيس الحكومة يوسف الشاهد، بينما تحدث نائب في البرلمان عن ملفات حسّاسة.

ونشرت صحيفة "جون أفريك" الفرنسية، تقريرا سلطت من خلاله الضوء على التسريب الصوتي لنجل الرئيس التونسي ومؤسس حزب نداء تونس الباجي قائد السبسي.

وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن تسريبا صوتيا من اجتماع المكتب السياسي لـ"نداء تونس" الذي عقد بتاريخ 6 آذار/مارس، قد كشف عن موقف حافظ السبسي من يوسف الشاهد، رئيس الحكومة الذي عين في هذا المنصب في 27 آب/أغسطس 2016.

خطأ فادح

وأشارت الصحيفة إلى أن العديد من الأطراف السياسية قد أبدت معارضتها لحافظ السبسي، حيث ترى هذه الجهات أن وجوده على رأس نداء تونس غير شرعي، وأن تشريفه بمثل هذا المنصب بعد اتفاق انتخابي يعد خطأ فادحا، وخاصة بعد التسريب الذي كشف عن بعض نواياه بخصوص قيادة سفينة الحزب.

وأوردت أن حافظ السبسي قد أبدى استياءه من التعديل الوزاري الذي أجراه رئيس الحكومة في 27 شباط/فبراير الماضي، والذي لم يكن على علم به. وفي هذا الصدد؛ قال حافظ السبسي في التسريب: "عندما وضعنا الشاهد على رأس الحكومة؛ كان هدفنا أن يتعاون معنا، ولم نتوقع أن يدير ظهره لنا".

وأقرت الصحيفة بأن الخلاف بين حافظ السبسي ويوسف الشاهد "بيّنٌ لا جدال فيه، فالأول يطمح لأن تعكس الحكومة صدى توجهات نداء تونس، معتمدا في ذلك على نتائج الانتخابات التشريعية. في المقابل؛ نسي حافظ السبسي أن الشاهد قد بادر بإنشاء حكومة وحدة وطنية، بعد مصادقة تسعة أحزاب وبعض الهيئات الوطنية على خريطة طريق تحت عنوان (قرطاج)".

الشايب في قرطاج

وأوضحت الصحيفة أن هذا التسريب الصوتي كشف عن تذمر حافظ السبسي من بعض المحيطين بالشاهد، الذين ليسوا من صلب "نداء تونس"، وعلى رأسهم وزير العلاقات مع مجلس النواب والمتحدث باسم الحكومة إياد الدهماني.

وقالت إن مجريات الاجتماع الذي سرّب منه التسجيل الصوتي "كانت عادية، بل وتافهة" إلى أن تحدث حافظ قائد السبسي عن الانتخابات البلدية المقرر خوضها قبل انتهاء عام 2017. وفي هذا السياق؛ قال نجل الرئيس، في محاولة منه لطمأنة الموالين له بفوز نداء تونس: "ما دام الشايب في قرطاج؛ فلا شيء سيقف أمامنا، فلا تخافوا، فالشايب يجيد التخطيط بامتياز" في إشارة إلى والده الرئيس التونسي.

ورأت الصحيفة أن "حافظ السبسي، ومن خلال هذا التصريح؛ قد وضع والده، الذي لطالما أقر بأنه رئيس لكل التونسيين، في موقف محرج ومثير للشكوك حول شفافية الانتخابات المنتظرة".

وذكرت أن أعضاء في أحزاب منافسة، على غرار مشروع تونس، والاتحاد الوطني الحر، امتنعت عن التعليق، معتبرين أن هذا التصرف من شأنه أن ينتهك الحياة السياسية الداخلية للأحزاب التونسية.

اعتراف

وفي تسريب صوتي ثان من اجتماع المكتب السياسي لنداء تونس؛ اعترف القيادي والنائب بالبرلمان عماد أولاد جبريل بأنه لم يستهزئ بأي شخص مثلما فعل مع رئيس الحكومة السابق حبيب الصيد، مضيفا "طلعت غالط في الأخير".

وتابع جبريل في سياق انتقاده لرئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد: "يوم رحنا للتفاوض بخصوص تشكيل الحكومة قلت إنّنا ذاهبون لأخذ البنج وهو ما حصل (...) اليوم يوسف الشاهد هو من خاننا، ولسنا نحن".

وأقسم النائب جبريل بأن يعمل كل ما في وسعه داخل كتلة نداء تونس وخارجها كي لا يمر التعديل الوزاري أمام البرلمان، ولا يحصل على الأصوات، مؤكدا أنه لن يلتزم أو ينضبط بتعليمات الحزب.

اتهام بالفساد

وتحدث جبريل عن إغلاق أغلب مقرات نداء تونس بالمحافظات؛ بسبب القضايا المتعلقة بها أمام المحاكم، متوجها لحافظ قائد السبسي بالسؤال عن مكان عقد اجتماعات المجالس الجهوية للحزب.

واعترف النائب بأن نواب "النداء" يتعمدون مهاجمة الحكومة في جلسات البرلمان "كي يكسبوا بعض الشعبية عند الناس".

وانتقد جبريل وزير تكنولوجيا الاتصال والاقتصاد الرقمي، النهضوي أنور معروف، متسائلا: "اليوم كيف تعمل تعديلا؟ أين وزير التكنولوجيا هذا؟ ماذا يفعل؟".

واتهم جبريل وزيرة الصحة سميرة مرعي عن حزب "آفاق تونس" بـ"الفساد"، قائلا إنها أعادت فتح بعض المصحات الخاصة التي أغلقت من قبل بقرار من وزير الصحة السابق سعيد العايدي، بقرار شخصي، دون انتظار قرار القضاء، وذلك بتنسيق بينها وبين رئيسة منظمة الأعراف وداد بوشماوي.

الحمار القصير

ونعت جبريل وزير الفلاحة المحسوب على اليسار سمير بالطيب بـ"الفاشل"، لافتا إلى أن الوزير السابق "الذي كنا نتهمه بأنه نهضوي؛ كان يقضي لنداء تونس (يُسدي خدمات) خيرا منه هو (...) ما هذا التحوير الوزاري؟".

وتحدث عن وزير التجارة والصناعة النهضوي، زياد العذاري، واصفا إياه بـ"الفاشل الذي لم يقدر على حلّ مشاكل المعتصمين أمام وزارته حين كان يشغل حقيبة وزارة التشغيل، ومع ذلك لم نسمع بأي نقد له في وسائل الإعلام".

وقال إن وسائل الإعلام تنتقد فقط وزراء "نداء تونس" على غرار وزير التربية الناجي جلول، ووزير النقل أنيس غديرة، واصفا حزب النداء بـ"الحمار القصير".

واعترف جبريل بأنه يمارس "البلطجة" لتلبية طلباته الحزبية، قائلا: "سئمت دور البلطجي في المهدية.. أصبحت أتعامل بالصفع.. عبارة وحيدة أقولها لهناك؛ إما أن تسدي لي خدمة، وإلا سآتي لك بجماعة يعنفوك.. أريد أن أكون عضو مجلس نواب".

فتح تحقيق

وفي تعليقه على التسريب الصوتي؛ اعتبر النائب عماد أولاد جبريل أن الحديث الوارد في التسريب بين أعضاء المكتب السياسي لحزب النداء "يقال في كل الأحزاب، ويقال أكثر منه".

وأوضح جبريل في تصريح، الأربعاء، لإذاعة "شمس اف أم" أنه "تم فتح تحقيق داخل نداء تونس للكشف عمّن يقف وراء التسريب".

من جهته؛ اعتبر المدير التنفيذي لنداء تونس، حافظ قايد السبسي، بمنشور في صفحته الرسمية بـ"فيسبوك" أن "الخطير في موضوع التسريبات لاجتماع المكتب السياسي للنداء؛ ليس المضمون، أو المواقف التي تداولت في الاجتماع.. الخطير هو التجسس على حرمة اجتماع مغلق، ونشر التسجيل؛ لاستهداف الحزب، ولتشويه بعض القيادات بالذات، لزرع الفتنة والبلبلة عند الرأي العام".

وتساءل نجل الرئيس التونسي: "من المقصود ومن المستفيد من هذا التسريب؟".

اجتماعات النهضة بلا هواتف

وردّت القيادية والنائبة صابرين قوبنطيني بمنشور في "فيسبوك" اتهاما وُجه إليها بتسريب التسجيلات الصوتية بقولها: "والله الواحد لو ينشغل بالرد على الاشاعات سيتخلى عن شغله" من غير أن تشير إلى الجهة التي وجهت إليها هذا الاتهام.

وأضافت: "ليعلم الجميع أن "الصبة (الوشاية) حاشاكم ليست من هواياتي، لكن من يستعمل أساليب العصابات من تسجيلات وتقارير وتجسس؛ يخاف من المنافسة".

وأثارت التسريبات انطباعات مختلفة لدى الرأي العام التونسي، الذي تراوحت ردود فعله بين الاندهاش والغضب. وفي هذا الصدد؛ قال المهندس المختص في النفط، مراد شاكر: "نحن نعلم أن السياسة لا تعترف بالقانون وتفتقر للإيمان، ولكن يبدو أن مصلحة نداء تونس تتجاوز حتى مصلحة تونس".

وكتب الإعلامي المعروف سمير الوافي في موقع "فيسبوك": "إن كان نداء تونس مخترقا عبر المنتمين إليه، ولا يحمي اجتماعاته؛ فإن حركة النهضة مثلا تمنع إدخال الهواتف إلى اجتماعاتها مهما كانت درجة الثقة في انضباط أعضائها، فهي تجبرهم على ترك هواتفهم جانبا وتسلمها في باب الخروج.. وفي تلك التفاصيل أيضا تكمن قوة النهضة".

تسريب حافظ قايد السبسي



تسريب عماد أولاد جبريل

التعليقات (0)