اتهمت أحزاب
المعارضة بالجزائر، السبت، السلطة، بتزوير نتائج
الانتخابات التشريعية التي نظمت بالبلاد يوم 4 أيار/ مايو الجاري، وبشكل مفضوح وخطير، لصالح حزبيها، جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي.
وقال رئيس حركة مجتمع السلم الإسلامية المعارضة عبد الرزاق مقري، بمؤتمر صحفي إن "السلطة مارست تزويرا فظيعا لصالح الحزب الحاكم والحزب الوصيف"، وتابع أن "التزوير استعمل فيه هذه المرة أسلوب جديد هو البلطجة".
وأكد مقري الذي اجتمعت حركته رفقة جبهة التغيير، لعبد المجيد مناصرة، في إطار تحالف انتخابي، تم بينهما: "تبعا لنتائج الانتخابات المزورة، لن نشارك في أي حكومة وسنبقى في المعارضة".
واعتبر المتحدث أن "ما ساهم بتسهيل مهمة التزوير للسلطة، وجود 70 بالمائة من مراكز الانتخاب غير مغطاة بالرقابة". كما اتهم أيضا حزبي السلطة، جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، بممارسة البلطجة والعنف ضد مناضلي حركته بمراكز الانتخاب.
وتابع مقري خلال المؤتمر: "لدينا دلائل مادية على وجود التزوير في الانتخابات"، مشيرا إلى أن "نسب المشاركة والنتائج التي خرج بها وزير الداخلية (الجمعة) ليست حقيقية".
وحاز تحالف حركة مجتمع السلم وجبهة التغيير، على 33 مقعدا طبقا للنتائج المعلنة، وشكلت هذه النتيجة صدمة لدى مناضلي الحزبين، بعد أن سادت توقعات، قبل إعلان النتائج أن التحالف يسير نحو تحقيق الأغلبية البرلمانية، كما أعلن عنه عبد الرزاق مقري، قبل يوم الاقتراع.
وحاز الفصيل الإسلامي المعارض، الثاني "الاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء"، المتشكل من ثلاثة أحزاب إسلامية، تحالفت بالانتخابات، على 14 مقعدا. وبحساب إجمالي المقاعد، وتحصل الإسلاميون، على 48 مقعدا من إجمالي 462 مقعدا بالبرلمان، ما يضع السلطة بأريحية مطلقة، طالما أن حزبيها: جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، منحت لهما الأغلبية بـ261 مقعد (164 للأول و97 للثاني).
ووضعت السلطة بالجزائر، حاجزا برلمانيا أمام رغبتها بإحداث التغيير انطلاقا من البرلمان، متخوفة من أحزاب التيار الإسلامي، بوقت تنتهج فيه
الحكومة خطاب التحذير والتخويف من "ثورات الربيع العربي"، مثلما يرى مراقبون.
وخاضت السلطة بالجزائر وأحزابها الموالية، حملة انتخابية، ساخنة، كانت مشحونة بخطابات التخويف من الربيع العربي، مع دعوات كانت مشبعة بضرورة تفادي السيناريو السوري أو الليبي.
وقال النائب الفائز عن "الاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء"، لخضر بن خلاف، عن محافظة قسنطينة، شرق
الجزائر، في تصريح لـ"
عربي21"، إن "السلطة قامت بتزوير نتائج الانتخابات لصالح الحزب الحاكم"، وتابع أن "التزوير وقع حتى في اللجان البلدية للانتخابات، وبحضور القضاة، الذين شهدوا عمليات تزوير المحاضر ورأوها دون أن يتدخلوا".
وأضاف بن خلاف: "الإدارة لم تلتزم الحياد الذي طالبت به مؤسسات الدولة مثل وزارة الداخلية ووزارة العدل ووزارة الدفاع، وحتى رئيس الجمهورية"، مؤكدا أن "نسبة المشاركة التي أعلنت عنها السلطة كانت مضخمة (37.02 بالمائة)".
غير أن صديق شهاب، الناطق الرسمي للتجمع الوطني الديمقراطي، ثاني أحزاب السلطة الذي يرأسه أحمد أويحي، مدير ديوان الرئيس
بوتفليقة، ينفي أن تكون السلطة قد زورت لحزبه أو للحزب الحاكم.
وقال شهاب لـ"
عربي21": "لم نتلق أي هدية من أحد والحديث عن التزوير لا يعدو أن يكون مهاترات، لأن حزبنا لم يسجل أي تجاوز من شأنه التأثير على النتائج العامة للانتخابات". واتهم المنددين بالتزوير بـ"البحث عن أي شيء يعلقون عليه فشلهم وتراجع نتائجهم في هذه الانتخابات".
وتابع شهاب: "حتى نحن ظلمنا، فقد فزنا بـ102 مقعد، بينما النتيجة الرسمية منحتنا 97 مقعدا فقط".
وأعقب إعلان نتائج الانتخابات التي جددت تزكية حزبي السلطة بالأغلبية، موجة غضب عارمة بالجزائر، وقال الإعلامي الجزائري المخضرم، سعيد بونطاح إن "السلطة أضاعت على الجزائريين فرصة حقيقية لإحداث نقلة في اتجاه تعميق الديمقراطية، والوصول بالبلد إلى الأمان والاستقرار".
وتابع بونطاح بأن "الظروف المسبقة المحيطة بالانتخابات، واستمرار السلطة في عدم استماعها لآراء الأحزاب، من أجل إرساء آليات قانونية حقيقة تعزز وتضمن الشفافية والنزاهة، وتبعد ثقافة التشكيك التي أوصلت البلاد وخاصة فئة الشباب إلى اليأس من الفعل السياسي السلمي، ساهمت بشكل كبير في تشكيل حزب أغلبية حقيقي هو الورقة الملغاة وأكثر من 15 مليون مقاطع".
من جهته، تساءل التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (علماني معارض) في بيان له إن "كانت السلطة مدركة للآثار الخطيرة لأفعالها في الانتخابات التشريعية التي جرت الخميس الماضي"، في إشارة إلى شبهات التلاعب بالنتائج وترجيح كفة أحزاب الموالاة وطعن الحزب في نسبة المشاركة وقال إنها "لم تتجاوز سقف 25 بالمائة".
ولفت البيان إلى أن "عملية التزوير صارت أمرا لا جدوى منه ويعرض الأمة لكل المخاطر في سياق وطني ودولي غير مضمون".
ونبه الحزب الذي حاز على تسعة مقاعد برلمانية فقط، إلى أنه "في وقت تغرق في الجزائر في أزمة اقتصادية ومالية وسياسية تضعف الدولة بشكل واضح ما يفرض عليها ضبطا أكبر للنفس والتخلي عن المكر السياسي".
وقالت الأمينة العامة لحزب العمال (يساري معارض) لويزة حنون، في مؤتمر صحفي إن "المزورين ورثوا ممارسات حشو وإغراق الصناديق بأوراق حزبي السلطة وغيرهما من الحاكم الفرنسي السابق "نيجلان" (أثناء الحقبة الاستعمارية) الذي كان يحشو الصناديق ليقطع الطريق أمام الوطنيين المناضلين المطالبين بالاستقلال".
وشددت حنون التي تحصل حزبها على 11 مقعدا في البرلمان على أنها "ستحارب من أجل استعادة مقاعد حزبها التي سرقوها بالتزييف".