كتاب عربي 21

رمضان كريم.. من العم ترامب

1300x600
الفارق كبير، بين أن يتربص رئيس أقوى دولة في العالم بالمسلمين، وبين أن يرسل لهم برقيات تهنئة في طقوسهم الدينية مثنيا على الإسلام، ومساهما في تفسير مقاصده الشريفة، ومكارم أخلاقه.

ولا يُنكَر هنا فضل القمة العربية الإسلامية الأمريكية التي انعقدت مؤخرا في الرياض، التي حولت المسلمين في نظر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى كائنات لطيفة تعاني من الإرهاب، الذي يحصدهم قبل غيرهم بنسبة خمسة وتسعين في المئة، كما حولت ترامب عند المسلمين إلى أكبر المصنفين في التاريخ على قائمة "المؤلفة قلوبهم". 

رسالة صدرت عن البيت الأبيض باسم الرئيس الجديد، رئيس ما بعد قمة الرياض، يَسهل تفسيرها من تتبع تصريحاته السابقة والحديثة.

هو تمنى "رمضانا كريما" لكل المسلمين، ولم يستثنِ هذه المرة مواطني ست دول إسلامية من السماح لهم بـ"رمضان كريم"، فالكرم عمّ الجميع.

ودعا إلى رفض العنف والإرهاب، والإرهاب في فلسطين وفق تعريف ترامب صفة المقاوم من أجل استرداد أرضه المحتلة وسيادته المنتهكة، حتى ضمن الحدود التي أعطاها اتفاق أوسلو للفلسطينيين، وليس صفة القاضم لأرض غيرها بعشرات المستوطنات فوق جثث آلاف الضحايا من السكان الأصليين.
 
ودعا ترامب المسلمين إلى العمل من أجل السلام، ولا أحد يعمل لأجله وفق تصريحاته الأخيرة مثل إسرائيل التي "تمثل شهادة حية على روح الشعب اليهودي المنتصرة إلى الأبد، بعد المعاناة والملاحقات التي تعرض لها اليهود على مرّ التاريخ".

وعلى مرّ التاريخ، تصبح المجازر والمحارق الإسرائيلية بحق العرب من دير ياسين إلى غزة مرورا بصبرا وشاتيلا وقانا وبحر البقر وغيرها في ثقافة ترامب، عبارة عن حملات للتبرع بالدم لصالح "ملِك السلام اليهودي" الذي عانى من نزيف حاد في ألمانيا منذ عام 1941، لكنه ما زال يحتاج إلى وحدات لا تنتهي من الدم، ولم يتقبّل جسده إلّا فصيلة الدم العربي.

وجاء في رسالة الرئيس الأمريكي أيضا، أن "روح رمضان تعزز إدراكنا لواجباتنا.. في مساعدة من هم في حالة عوز، ويعانون من الفقر، أو من النزاعات"، ومساعدة الفقراء ينطبق بالضرورة على مليون أمريكي عاطل عن العمل، ستنتهي بطالتهم قريبا كما وعدهم رئيسهم من الرياض، بعد توقيع الاتفاقيات التجارية العسكرية، بما يفوق الأربعمئة مليار دولار.

أما بالنسبة لمساعدة الذين يعانون من النزاعات، فمن الواضح أن مساعدة ترامب لهؤلاء تنحصر في بيعهم السلاح وصيانته دوريا خلال مرحلة ما قبل الصدأ، ثم إتلافه، تمهيدا لصفقات أخرى من تصريف الإنتاج الغزير لشركات التسلح.

وشدد ترامب في معايدته، على ضرورة التأكد بأن الأجيال القادمة ستكون قادرة على ممارسة عباداتها بسلام.

وبالطبع، فإن ما يقصده هنا لا يتصل بقدرة المسلمين مثلا على إطلاق الأذان بمكبرات الصوت من مآذنهم في "إسرائيل"، ولا بقدرة المسيحيين على إحياء قداديسهم في أعياد الفصح والميلاد بسلام في كنيسة المهد في بيت لحم.

كان ترامب صراحة كريما جدا في تهنئته الرمضانية، والكرم يجُر الكرم.

وربما بحفلة تأليف قلب جديدة له، قد يحض "إسرائيل" على دعوة المسلمين والمسيحيين إلى إحياء عيد "الحانوكاه" اليهودي، وإلى إيداع أمنياتهم السرية حائط "المبكى" الذي ما زال الإرهابيون أعداء السلام يسمّونه بحائط البراق.