سياسة عربية

ميدل إيست آي: ترامب يخفض معونات اليمن.. فماذا عن الحرب؟

طفل مصاب بالكوليرا مع والدته في أحد المستشفيات اليمنية- أ ف ب
تواجه تونس واليمن تخفيضا هائلا في حجم المساعدات الأمريكية المقدمة للبلدين في حال أقرت موازنة المساعدات الجديدة إذ تتجه واشنطن إلى تقليص ما يقدم لبعض مناطق الشرق الأوسط المحتاجة للدعم.

وقال موقع "ميدل إيست آي" إن اليمن الذي يواجه أزمة إنسانية بالأساس سيعاني الكثير في حال أقرت الموازنة الجديدة وستزيد معاناة ملايين المتضررين من الحرب.
  
ولفت إلى أن اليمن التي "شلت الحرب التي تقودها السعودية عليها بنيتها التحتية تماما وأوجدت ما يشبه المجاعة وتسببت في انتشار وباء الكوليرا فمن المقرر أن تنخفض المساعدة بنسبة 82 بالمائة من 203 ملايين دولار في عام 2016 إلى ما لا يزيد على 35 مليون دولار في عام 2018".

وفي المقابل قال "ميدل آيست آي" إن حزمة المساعدات العسكرية المقدمة لإسرائيل ستبقى كما هي بمعدل 3.1 مليار دولار ما بين عام 2016 وعام 2018 بينما ستنخفض حصة مصر من 1.40 مليار دولار إلى 1.38 مليار دولار.
 
ونقلت الموقع عن مستشارة مجلس اللاجئين النرويجي سارا تيسورييري قولها إن اليمن يعد الأسوأ والأخطر من بين أربع مناطق تهددها المجاعة على مدار العام مثل الصومال وجنوب السودان ونيجيريا.

وأضافت تيسورييري: "نشهد أن العديد من الحكومات التي عرف عنها تقليدياً تمويلها للمساعدات الإنسانية بدأت تعيد النظر في أولوياتها".
 
ولفتت إلى أن الاحتياجات الإنسانية لم تُلبّ بالأصل حتى قبل قرار التخفيضات الهائلة على حجم المساعدات الخارجية.

وتشير تقارير أممية إلى أن اليمن لا يحصل إلا على مقدار الثلث من المساعدات المقررة له من الجهات الدولية.
 
وكشفت المسؤولة النرويجية عن أن خطة المساعدات التي وضعت لعام 2017 في اليمن استهدفت 18 مليون شخص لكن العدد ارتفع وأصبح 20 مليونا.
 
وأضافت: "لا يعرف ما يزيد على سبعة ملايين يمني متى سيتناولون الوجبة التالية كما أن ما يزيد على نصف المرافق الصحية معطلة" وفقا لتقارير أممية.
 
وعلى صعيد الوضع الصحي قال تقرير للصليب الأحمر الدولي إن 300 ألف شخص أصيبوا بالكوليرا في حين يصاب يوميا بالوباء قرابة 7 آلاف شخص.

وقالت المسؤولة النرويجية: "المخيب للآمال هو أننا لا نرى تباطؤًا في الصراع بل إنه على العكس يتصاعد من قبل أطراف النزاع وشن الحرب أمر مكلف بشكل لا يصدق لكن مع ذلك تجدهم يوفرون المال المطلوب للحرب وليس للقضاء على الكوليرا والمجاعة".

وقال "ميدل إيست آي" إن الحرب التي تقودها السعودية على اليمن ضد الحوثيين بالنيابة عن الرئيس عبدربه منصور هادي تسببت في مقتل ما لا يقل عن ثمانية آلاف شخص وفقا لمنظمة الصحة العالمية.
 
وأشار إلى أن ميزانية ترامب المقررة للسنة المالية التي تبدأ في شهر تشرين أول/ أكتوبر كجزء من سياسة "أمريكا أولاً" التي كانت شعار حملته الانتخابية، سوف تشتمل على تخفيض قدره 19 مليار دولار، أو ما نسبته 32 بالمائة، من المساعدات الأمريكية ومن الميزانية الدبلوماسية.
 
من جانبه قال جيريمي كونيدينك الذي شغل منصب مدير المساعدات الخارجية في يو إس إيد إبان عهد الرئيس السابق باراك أوباما إن الميزانية المقترحة في عهد ترامب لا تهدد فقط حياة الناس بل وتلحق أفدح الأضرار بموقع الولايات المتحدة في العالم.
 
وقال كونيدينك في مقال نشرته له صحيفة الغارديان: "تنقذ المساعدات الإنسانية حياة الناس وسيكون من نتائج تخفيضها تعريض الناس للموت سوف تضر هذه الميزانية بحياة عشرات الملايين من الناس مقابل توفير حفنة من الدولارات لا يليق ذلك إطلاقا بالولايات المتحدة التي ما فتئت تقدم العون لأصحاب الحاجات حول العالم".
 
ولفت إلى أن الميزانية نفسها "لن تمر بسهولة على ما يبدو فحياة الناس في خطر والقوة الأمريكية الناعمة يلحقها الضرر".
  
يقول السيناتور ليندسي غراهام، عضو مجلس الشيوخ الجمهوري رئيس اللجنة الفرعية للمجلس والمسؤولة عن الإنفاق الخاص بالنشاط الدبلوماسي والمساعدات الخارجية، إن مقترح ترامب خفض ميزانية المساعدات بمقدار الثلث سوف "يدمر القوة الناعمة".
 
ويضيف: "لو طبقنا هذه الميزانية فسيتوجب علينا الانسحاب من العالم أو تعريض حياة الكثير من الناس للخطر سوف تراوح هذه الميزانية مكانها ولن تصل إلى أي مكان".
 
ويشير "ميدل إيست آي" إلى أنه من المعروف أن الكونغرس هو الذي يقر ميزانية الحكومة وقد قال الجمهوريون الذين يهيمنون على مجلسي النواب والشيوخ وكذلك الديمقراطيون: "إنهم لا يؤيدون مثل هذه التخفيضات المهولة".

وأشار الموقع إلى أن تونس أيضا تلقت في عام 2016 ما يقرب من 141 مليون دولار و"لكن يبدو أنها سوف تتلقى فقط 54 مليون دولار في عام 2018".
 
بدورها قالت مبروكة مبارك عضو البرلمان في حقبة ما بعد الثورة في تونس والعضو في اللجنة المالية داخل البرلمان إن خطوات ترامب تمثل على ما يبدو سعيا "للتراجع عن الجود الذي اتصف به الرئيس السابق باراك أوباما".

وفي تصريح لموقع ميدل إيست آي قالت مبروكة مبارك: "في سعيها لتطبيق شعار أمريكا أولاً ربما يذهب منطق إدارة ترامب نحو خصم 60 بالمائة من المساعدات التي تقدم لتونس كنوع من التعويض عن المبادرة الكريمة لإدارة الرئيس أوباما".
 
وقالت مبارك: "قد تزيد إدارة ترامب من ميزانية المساعدات، ولكنهم لو فشلوا ذلك فسيبدأون بمطالبة تونس بدفع رسم عن ضمانات القروض المستحقة والتي تصل إلى قرابة 30 مليون دولار".

ورأت مبارك أن ترامب "لا يبدو عليه التأثر بقصة التجربة الديمقراطية الاستثنائية في تونس ناهيك عن أن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية من النوع الذي لا يمكن التكهن بسلوكياته على الإطلاق".

وعبرت عن خشيتها من أن ترامب يرى العلاقات الدولية من خلال "عدسة الربح التجاري وهو لا يرى كيف يمكن أن يعود دعم تونس الصغيرة بأي منفعة من الناحية السياسية".