تساءل المعلق في صحيفة "واشنطن بوست" مارك ثيسيون، عن السبب الذي يجعل الولايات المتحدة تقوم بتقوية تنظيم القاعدة في
سوريا.
ويبدأ الكاتب مقاله بالقول: "تخيل لو دخل فريق مجلس الأمن القومي إلى المكتب البيضاوي، واقترح السياسة الآتية حول سوريا: لننشئ جيبا لتنظيم القاعدة في جنوب سوريا، من خلال العمل مع الروس، لوقف إطلاق النار في المنطقة، حيث يمكن للخلية المسؤولة عن هجمات 11/ 9 العمل بحرية، دون خوف من الغارات الجوية الأمريكية".
ويقول ثيسيون: "لنترك للبنتاغون مهمة إخبار السنة حلفاء الولايات المتحدة، الذين يريدون القتال معنا، أننا لن نسلحهم أو ندربهم إلا في حال وقعوا تعهدا بعدم قتال نظام بشار الأسد، الذي قام بذبح عائلاتهم بقنابل الهاون والغاز السام، بشكل سيدفع معظم المقاتلين إلى أحضان تنظيم القاعدة، الذي وعدهم بالمساعدة ضد تنظيم الأسد، ولنلغ برنامج (سي آي إيه) السري، الذي سمح لعدد من المتمردين بقتال نظام الأسد، ولننشر الخبر بأننا نقوم بهذا تنازلا لروسيا، وأننا سنصطف بدلا من المقاتلين السنة مع المقاتلين الماركسيين الأكراد (قوات حماية الشعب)، وهي المنظمة التي تعد على تناقض مع عضو الناتو، تركيا، وأننا سنستخدم قوات حماية الشعب للهجوم على
تنظيم الدولة، وبهذا نترك تنظيم القاعدة دون أي مساس به، بشكل يعطيه التفوق في القيادة العالية للجهاد".
ويضيف الكاتب: "لنطلب من وزير الدفاع جميس ماتيس إطلاق تصريحات علنية، وهي أننا لن نقوم بعمل أي شيء من أجل منع التوسع العسكري الإيراني غير المسبوق له في سوريا، بل اقتراح أن إيران يمكنها المساعدة في قتال تنظيم الدولة، بشكل يتجاوز تصريحات الرئيس التي أبدى فيها لهجة متشددة ضد إيران، وبعدها نطلب من وزير الخارجية ريكس تيلرسون أن يقول (لدى الروس المصالح ذاتها التي نتابعها) في سوريا، ولهذا يمكننا مساعدة تنظيم القاعدة في تجنيد السنة للقضية، من خلال إخبارهم أن الولايات المتحدة متحالفة مع روسيا وإيران والشيعة والعلويين والأكراد في الحملة لإبادتهم، وهي رسالة لن يكون لها أي رد فعل لأنها صحيحة".
ويعلق ثيسيون في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، متسائلا: "إن الخطة تبدو جيدة لأنها تصف بالضبط ما تقوم إدارة الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب بعمله في سوريا اليوم، ففي تقرير لمعهد دراسة الحرب في واشنطن، ومشروع التهديدات الخطيرة في مركز (أمريكان إنتربرايز)، جاء فيه أن (الاستراتيجية الأمريكية الحالية للولايات المتحدة تقوم بتقوية تنظيم القاعدة، الذي يملك جيشا في سوريا، ويحضر الناس هناك بأنه سيحل محل تنظيم الدولة، مع أنه أخطر منه)".
ويشير الكاتب إلى أن "التقرير يعترف بأن نهجنا (يقوم بطريقة غير مقصودة بتغذية التمرد السلفي الجهادي العالمي)؛ لأن السنة يرون الولايات المتحدة وهي تتعاون مع أعدائهم الأبديين، ويقوم تنظيم القاعدة بالاستفادة من هذا المفهوم، وبناء قاعدة دعم له بين القبائل السنية، حيث يقدم نفسه على أنه حام للسنة العرب ضد المحور الأمريكي الروسي الإيراني، الذي يعمل على إخضاعهم وتدميرهم".
ويعتقد ثيسيون أن "تنفير السكان السنة ليس الطريقة للانتصار في الحرب ضد الراديكالية الإسلامية، ففي الوقت الحالي قام تنظيم القاعدة بتقديم نفسه على أنه رأس الرمح في المعركة ضد نظام بشار الأسد، وعليه يتدفق الكثير من السنة الذين لا يشتركون مع تنظيم القاعدة في أيديولوجيته إليه؛ لأنه اللعبة الوحيدة التي تقوم بمواجهة نظام بشار الأسد".
ويلفت الكاتب إلى أن "هدف تنظيم القاعدة هو السيطرة على الثورة المضادة للأسد، وتحويلها ببطء إلى حركة جهادية ضد إيران والولايات المتحدة وروسيا، وبدلا من تقويض هذه الجهود، فإننا نقوم بمساعدته، والتركيز بشكل مقتصر على تنظيم الدولة، ودفع السكان السنة للتحالف مع تنظيم القاعدة".
ويعلق ثيسيون قائلا: "هذا جنون، ويجب علينا العمل لإبعاد القبائل السنية عن تنظيم القاعدة، ولدى الولايات المتحدة سجل يمكنها الاستفادة منه، ففي أثناء عملية زيادة القوات الأمريكية في العراق عام 2007، قمنا بتعبئة القبائل السنية، التي كانت تقاتل إلى جانب تنظيم القاعدة في العراق، بنجاح، وأقنعنا رجالها بقتال الإرهابيين، وساعدونا على طردهم، وكانت النتيجة هزيمة عسكرية وأيديولوجية لقضية السلفية الجهادية، فلم يتم طرد الإرهابيين من مناطقهم الآمنة فقط، لكنهم عانوا أيضا من رفض مهين من الجماهير السنية التي ادعى التنظيم أنه طليعتها".
ويقول الكاتب: "نريد انتصارا عسكريا وأيديولوجيا في سوريا، والسؤال هو: لماذا لا نقوم بالعمل على تكرار الدرس؟ ونحن بحاجة لإعادة برنامج (سي آي إيه) السري للتدريب والتسليح، ورفع وزارة الدفاع القيود عن المقاتلين السنة، الذين ينضمون لنا من قتال نظام الأسد، ويجب أن نساعد في ظهور قوة سنية شريكة في جنوب سوريا، تقاتل إلى جانب القوات الأمريكية، ليس لطرد تنظيم الدولة فقط، بل تنظيم القاعدة أيضا، وكذلك المساعدة في وقف إيران من فرض سيادتها الفارسية، من خلال الأقلية العلوية ضد الغالبية السنية".
وينوه ثيسيون إلى تقرير معهد دراسات الحرب و"أمريكان إنتربرايز"، الذي ورد فيه أنه "يجب علينا التوقف عن مهاجمة المجتمع العربي السني، من خلال جماعات وكيلة خارجية، بل يجب دمج أنفسنا مع السكان بصفتنا حماة لهم".
ويختم الكاتب بالقول إن "على إدارة ترامب فهم الحقيقة الأساسية الآتية: لن نستطيع هزيمة تنظيم الدولة، أو تنظيم القاعدة، أو الحركة الجهادية الدولية بأنفسنا، ولا نستطيع تحقيق ذلك عبر الجماعات الكردية والإيرانية الوكيلة، فنحن بحاجة للسنة ليقوموا بهذه المهمة".