نشرت مجلة "فورين بوليسي" تقريرا للكاتب بول ماكليري، يقول فيه إن المناورات العسكرية المشتركة بين الولايات المتحدة ومصر ستستأنف، وتركز على أساليب مكافحة الإرهاب، بشكل يتناسب مع الحرب التي يخوضها الجيش
المصري ضد متمردي تنظيم الدولة في "ولاية سيناء".
ويقول ماكليري: "في آخر الملامح التي تظهر أن إدارة دونالد
ترامب تعمل على إلغاء السياسات التي تبنتها إدارة باراك
أوباما في الداخل والخارج، فإن الجيش الأمريكي يقوم بالتحضير لاستئناف المناورات التي كانت تجري منذ وقت طويل، بعد أن ألغاها الرئيس أوباما عقب الاحتجاجات في عام 2013، التي قتل فيها مئات المتظاهرين في القاهرة".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن المناورات المشتركة "النجم الساطع" ستبدأ في الشهر المقبل، حيث سيتم التركيز على قضايا مكافحة الإرهاب، والمساعدة على احتواء تمرد قوي في شبه جزيرة سيناء.
وتنقل المجلة عن مسؤولين أمريكيين، قولهم إن مصر قد توجه الدعوة إلى دول أخرى، مثل السودان، للمراقبة، إلا أن القوات المصرية والأمريكية هي التي ستشارك في التمرينات العسكرية.
ويلفت الكاتب إلى أن الإعلان عن المناورات العسكرية يأتي بعد أشهر من استقبال الرئيس ترامب للرئيس المصري عبد الفتاح
السيسي في شهر نيسان/ أبريل في واشنطن، حيث كال له المديح الكبير، وقال إنه يقوم بكفاح المتطرفين في داخل مصر ومنطقة شمال أفريقيا.
ويفيد التقرير بأن إدارة أوباما كافحت من أجل تأكيد استراتيجية متماسكة تجاه مصر بعد ثورات الربيع العربي عام 2011، حيث تخلت عن حليفها القديم حسني مبارك، وقامت بالتعامل بتردد مع حكومة الإسلاميين التي لم تعمر طويلا، حيث أطاح الجيش بالرئيس محمد مرسي، ومن ثم تعاملت ببرود تام في العلاقات بعد سيطرة السيسي على السلطة وقمعه للمعارضة.
وتكشف المجلة عن أنه على خلاف المناورات السابقة، فإن بصمات الولايات المتحدة في التمرين المقبل ستكون قليلة، مشيرة إلى قول مسؤولين للمجلة إن عدد الجنود والأفراد المشاركين فيها لن يتعدى المئات، خلافا لما كان عليه الحال، حيث كان يشارك آلاف الأفراد في العمليات التي بدأت في عقد الثمانينيات من القرن الماضي حتى توقفها، وكان يتم إنزال مئات الجنود الأمريكيين في الصحراء المصرية في السنوات الماضية، فكان جنود المارينز يقومون بهجمات على الشواطئ، وكانت أكبر مناورة للنجم الساطع هي تلك التي نفذت في عام 1999، وشارك فيها حوالي 70 ألف جندي من 11 دولة.
وينقل ماكليري عن مدير برنامج السياسة العربية في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى ديفيد شينكر، قوله إنه لا حاجة اليوم لمثل هذا العدد الكبير، فمصر لا تواجه تهديدات على مستواها في المنطقة، إلا أن حدودها مع ليبيا والسودان مثيرة للقلق المستمر، ولهذا فإن مواجهة الإرهابيين "الإسلاميين"، الذين سيطروا على مناطق واسعة في سيناء، هو مظهر القلق الأكبر للقاهرة، مستدركا بأن مكافحة الإرهاب وتمريناته ستكون صعبة وتحديا للجيش المصري، الذي تلقى تدريباته على خوض الحروب التقليدية، وعليه فسيتم إجراء مناورات على كيفية التخلص من القنابل المزروعة على الطرقات وعمليات تأمين الحدود، وكل أسلوب يتعلق بإنهاء التمرد المستمر في سيناء منذ سنوات.
وينوه التقرير إلى أن جماعة أنصار بيت المقدس تعد من أكبر الجماعات الجهادية في سيناء، وهي مسؤولة عن تفجيرات على الطرق وهجمات على مراكز الجيش المصري، وأعلنت البيعة لتنظيم الدولة في عام 2014، لافتا إلى أن الجماعة تسيطر في الوقت الحالي على مناطق شاسعة من صحراء سيناء.
ويقول شينكر للمجلة: "يقاتل الجيش المصري ويخسر الحرب في سيناء منذ عدة سنوات"، حيث لم تظهر المؤسسة العسكرية أي اهتمام بإعادة تشكيل العقيدة القتالية للجيش المصري من الحروب التقليدية إلى مكافحة الإرهاب، ويعلق شينكر قائلا: "إن مناورة عسكرية صغيرة تركز على هذه الأمور التقنية العالية هي أفضل ما تحصل عليه مصر".
وبحسب المجلة، فإن آخر مناورة عقدت في عام 2009 في القاهرة، وألغيت المناورات في عام 2011؛ بسبب الثورة التي أطاحت في النهاية بمبارك، وحد أوباما من النشاطات بعدما قتلت قوات الأمن مئات المعتصمين في ميدان رابعة عام 2013.
وتختم "فورين بوليسي" تقريرها بالإشارة إلى أن أوباما ظل يتعامل مع السيسي ببرود، مع أن الإدارة السابقة بدأت بإلغاء الكثير من العقوبات والقيود التي فرضتها قبل تركها السلطة بداية العام الحالي، ففي آذار/ مارس 2015 قامت بإلغاء تعليق مساعدات عسكرية بقيمة 1.3 مليار دولار، وتم استئناف إرسال طائرات "أف-16" وعربات همفي وهاربون وغيرها من المعدات العسكرية.