سياسة عربية

"ذي إيكونوميست": كيف تضر مقاطعة قطر بمنفذيها؟

الحصار يضعف الدول الستة لمجلس التعاون الخليجي الذي يضم كلا من قطر والسعودية والإمارات - أ ف ب
نشرت مجلة "ذي إيكونوميست" البريطانية تقريرا تطرقت من خلاله إلى وضعية شركة قطر للتأمين، التي تعد أكبر شركة تأمين في الخليج، والتي جمعت خلال السنة المنصرمة، حوالي 110 مليون ريال (أي ما يعادل 30 مليون دولار) من أقساط التأمين من مكتبها في أبو ظبي.
 
وقالت المجلة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الشركة أعلنت، خلال أيلول/ سبتمبر الماضي، أن "الإمارات لن تجدد رخصتها التجارية، بسبب النزاع الدبلوماسي، ما اضطرها إلى إغلاق فرعها في العاصمة الإماراتية. ونتيجة لذلك، انخفض سعر سهم الشركة بنسبة 30 بالمائة منذ بداية الصيف".
 
وأشارت المجلة إلى إغلاق كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر لحدودها، وقطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر منذ أكثر من أربعة أشهر. وفي هذا الإطار، يطالب الرباعي الإمارة الصغيرة والغنية بالنفط بوضع حد للدعم الذي تقدمه للجماعات الإسلامية، بما في ذلك جماعة الإخوان المسلمين، فضلا عن إغلاق قناة الجزيرة، أكثر المنابر الإعلامية شعبية في العالم العربي والتي ترعاها قطر.
 
وفي غضون ذلك، اتخذ النزاع صبغة شخصية مع تبادل الدبلوماسيين للشتائم خلال الشهر الماضي في القاهرة. أما المسؤولون في الدوحة فيتوقعون استمرار الأزمة لعدة سنوات قادمة. وعلى الرغم من قدرة قطر على الصمود أمام هذا الحصار، إلا أن ثمن ذلك سيكون باهظا.
 
وبينت المجلة أن الحكومة القطرية ضخّت حوالي 39 مليار دولار في اقتصادها من احتياطاتها البالغة 340 مليار دولار، وفقا لما توصلت إليه وكالة موديز للتصنيف الائتماني.

من جهة أخرى، مثّل السياح القادمون من الدول الخليجية الأخرى نصف العدد الجملي للسياح الذين حلّوا على قطر خلال السنة الماضية، وهو عدد انخفض بنسبة تخطت 70 بالمائة منذ شهر حزيران/ يونيو الماضي. كما بلغت معدلات إشغال الفنادق حوالي 50 بالمائة خلال هذه الصائفة، أي أقل بعشر نقاط مئوية عن السنة الماضية، فضلا عن التراجع الذي سجلته التجارة.
 
وأوضحت المجلة أن المقاطعة في المقابل تضر بدول خليجية أخرى أيضا، بما في ذلك بعض الدول التي قامت بفرضها، حيث تلقت دبي، التي تعتبر مركز الخدمات في المنطقة، ضربة موجعة جراء ذلك. وتجدر الإشارة إلى أن الشركات القطرية التي تقوم بالأعمال التجارية داخل الإمارات تعتمد جميعها على شركاء محليين، الذين عادت المقاطعة على الكثيرين منهم بالضرر.
 
وفي هذا السياق، أفادت مسؤولة تنفيذية في إحدى شركات العلاقات العامة أن شركتها بصدد مناقشة تسريح موظفيها بعد خسارتها لعقد قطري. ومن جانبهم، قال وكلاء العقارات إن "الأزمة ستضرب أيضا سوق العقارات في دبي، حيث إن القطريين اشتروا خلال السنة الماضية فقط عقارات تبلغ قيمتها حوالي 500 مليون دولار".
 
وأضافت المجلة أن منطقة جبل علي، جنوب دبي، تمثل أكثر الموانئ ازدحاما في المنطقة، حيث إن أكثر من ثلث الشحنات في الخليج تمر منه. وقبل المقاطعة، مثلت 85 بالمائة من هذه الشحنات البضائع المنقولة نحو قطر. وخلال أيلول/ سبتمبر الماضي، افتتحت قطر ميناء جديدا بلغت تكلفته 7.4 مليار دولار، استغرق إنشاؤه سنوات عديدة، وهو ما سمح لأصحاب الشحنات بتجاوز الإمارات تماما.
 
وأوردت المجلة أن السعودية تعمل حاليا على إنشاء ميناء على ساحلها الغربي، بالقرب من جدة وجنوب قناة السويس. ومن هذا المنطلق، سيسرع الحصار عملية التحول من دبي. وفي الوقت الراهن، تقوم شركة الملاحة القطرية بنقل مركزها الإقليمي من الإمارات إلى سلطة عمان، التي لم تنضم إلى حملة المقاطعة. وفي هذا الصدد، سجلت معاملات السلطنة التجارية مع قطر نموا بنسبة 2.000 بالمائة خلال الصيف، فيما ارتفعت نسبة حركة المرور في ميناء صلالة بحوالي 29 بالمائة.        
 
ونوهت المجلة بأن الحصار يضعف أيضا الدول الستة لمجلس التعاون الخليجي الذي يضم كلا من قطر والسعودية والإمارات. وعلى الرغم من أن المجلس لم يمثل قط اتحادا سياسيا، بيد أنه سمح على الأقل بانتقال الأشخاص والسلع بحرية عبر الحدود، وهو ما وضعت له المقاطعة حدا.
 
ومن المفارقات أيضا أن هذه المقاطعة تخدم مصالح أكبر منافسي مجلس التعاون الخليجي، ذلك أن التجارة بين قطر وإيران بلغت قيمتها 98 مليون دولار خلال السنة الماضية، فيما ارتفعت نسبة الصادرات الإيرانية إلى قطر بنحو 60 بالمائة خلال الصيف. ومع إغلاق المجال الجوي السعودي، أصبحت رحلات الخطوط الجوية القطرية في الوقت الحالي تمر كل يوم فوق الأراضي الإيرانية، كما تدفع شركة الطيران القطرية رسوم تحليق ضخمة مقابل كل رحلة.
 
وفي الختام، نقلت المجلة رأي خبير اقتصادي في دبي، قال إن "طهران ستحقق عائدات جديدة تقدر بمئات الملايين من الدولارات في حال استمرت الأزمة لسنوات قادمة".