ملفات وتقارير

هل تمنح ألمانيا المسلمين إجازات خاصة بأعيادهم؟

مسجد كولوينا
يتواصل الجدل في ألمانيا حول تصريح لوزير الداخلية توماس دو مزيير بإمكانية إعطاء المسلمين إجازات خاصة بأعيادهم، فقد تباينت الآراء بين انتقادات واسعة؛ اعتبرت ذلك مخالفا لقيم المجتمع المسيحي، وبين مرحبة بالاقتراح.
 
وكان دو ميزيير اقترح في لقاء خلال حملة انتخاب في ولاية ساكسونيا السفلى جرت الأحد الماضي، تخصيص عطلة للمسلمين في البلاد في مناطق محددة يقطنها المسلمون.
 
واستشهد الوزير بالعيد المسيحي "جميع القديسين"، حيث يكون هناك عطلة عامة في المناطق الكاثوليكية فقط في البلاد.

الاقتراح أشعل جدلا في الوسط السياسي، ورفضا لدى بعض القيادات المحافظة، لاسيما في الحزب المسيحي الديموقراطي، لكن رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي مارتن شولتز رحب بالاقتراح، مطالبا بإجراء مباحثات بهذا الصدد. 

أما الجالية المسلمة فاعتبرت ذلك يأتي ضمن حملة انتخابية، مطالبة بالاعتراف بحقوقهم كطائفة دينية حسب الدستور، معتبرين أن قرارا كهذا، يمكن أن يساهم في تعزيز الأنتماء، والاندماج في المجتمع.

جزء لا يتجزأ

وقال الأمين العام للمجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا عبد الصمد اليزيدي: "نحن وضعنا هذا التصريح في سياقه الطبيعي، فقد كان جوابا للوزير على سؤال لصحفي في أثناء حملة انتخابية له، وقد أثنينا على الفكرة" .
 
وأضاف لـ"عربي21" " سبق لنا وأن طالبنا بذلك لأننا نرى في تلك الخطوة نوعاً من الاعتراف بنا نحن المسلمين كمواطنين ألمان؛ يتجاوز عددنا قرابة الخمسة مليون، ونحن على يقين بأن الاعتراف سيساهم في الإحساس بالانتماء، وسيعزز الاندماج داخل المجتمع" .
 
وأوضح بأنه إذا ما وجدت إرادة سياسية صادقة لاحترام الدستور الذي لا يفرّق بين المواطنين الألمان انطلاقا من معتقداتهم، حينها سيكون للمسلمين أعياد معترف بها، مشيراً إلى أن ذلك سيكون له أثر إيجابي، إذ يسهم في التعايش الإيجابي والاحترام المتبادل بين جميع طوائف المجتمع.  
 
وأكد بأن المسلمين جزء لا يتجزأ من ألمانيا، وأن الأجيال الأولى ساهمت في بناء هذا الوطن بعد تدميره في الحرب العالمية الثانية، وشاركت في ازدهاره، كما أن الأجيال الصاعدة تشارك في نموه على جميع الأصعدة.

وشدد على أن المؤسسات الإسلامية، وعلى رأسها المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا، تستجيب لجميع الشروط الدستورية للاعتراف بها كطائفة دينية طبقا للقانون.
 
وحول ردود الفعل السلبية التي تبعت التصريح لاسيما في الحزب المسيحي الديموقراطي الذي يتبع له الوزير، لفت اليزيدي إلى أن تلك الردود "تظهر الأجواء العدائية إزاء المسلمين نتيجة الحملات الشعوبية والعنصرية التي قادتها تيارات مختلفة بنجاح في السنوات الأخيرة".
 
مطلب بعيد المنال

ويتفق مع ذلك رئيس هيئة العلماء والدعاة بألمانيا، طه عامر، إذ أكد بأن ردود الفعل المنتقدة للاقتراح "مخيبة للآمال"، معتبراً أنها "من آثار حمى الإسلاموفوبيا المتزايدة".
 
واستبعد عامر في حديث لـ"عربي21" أن يتم إعطاء المسلمين إجازات خاصة بأعيادهم، معللا ذلك بأن المتغيرات في الخريطة السياسية الألمانية، وصعود اليمين المتطرف، وتصاعد موجة الكراهية ضد المسلمين، تجعل هذا المطلب بعيد المنال.
 
وأضاف أن القيادة السياسية "أصبحت  لا تقوى على معارضة أعضاء الأحزاب، وأن رفض قطاع كبير من الرأي العام خوفا من التمدد الإسلامي، الذي يضر بقيم المجتمع وهويته كما يرون، كلها عوامل تصعب من ذلك".
 
ولفت عامر إلى أنه بالرغم من ذلك، فإن هناك شوطاً لا بأس به أمامنا في هذا الطريق، لابد من القيام به، داعيا للانفتاح على الآخر وتواصل الحوار بين الأديان.
 
وأكد أن العلاقة بين المسلمين وغيرهم قائمة على الاحترام المتبادل، وأن هناك دعوات ومبادرات عديدة لدعوة المسلمين للتواصل الحقيقي مع الآخرين.
 
وطالب بتقديم المزيد من الجهود في هذا الملف والعمل على إزالة أي حاجز يمنع من التعاون على الخير، وما يفيد المجتمع كله.
 
نموذج مختلف

ويبدو الأمر مختلفا في مدينة هامبورغ، إذ أكد عضو مجلس الشورى الممثل للمسلمين بالولاية، دانييال عابدين، بأن لديهم اتفاقية مع المدينة منذ العام 2012، وتعترف بهم كطائفة دينية ويتضمن ذلك منحهم إجازات خاصة بالعيد. 

وأضاف عابدين لـ"عربي21": هناك قانون ينص على حق المسلمين والاحترام المتبادل، ومساواة الدين الإسلامي ببقية الأديان كونه معترفا به، مقابل أن تقوم الجالية بالاعتراف بالقوانين الدستورية والديمقراطية في ألمانيا".

وأوضح بأنه أصبح هناك تنظيم أكثر للدينة الإسلامي في المدارس، وتنميته مع باقي الأديان، وأصبح للمسلمين معهد في الجامعة، وكذلك هناك تنظيم للدفن والمقابر، وحقوقهم بأراض لبناء مساجد، بالإضافة لثلاثة أيام بالسنة لعطلة تعترف بها المدارس وأرباب العمل.

ولفت إلى أن الأمور بولاية هامبورغ بالنسبة للاعتراف بالدين الإسلامي، وحوار الأديان، وكذلك الحوار بين المؤسسات الإسلامية والدولة أفضل بكثير مما عليه الحال في غيرها من ولايات ألمانيا.

ودعا عابدين أن تحذو الولايات الألمانية الأخرى حذو هامبورغ وبريمن، وأن يتم الاعتراف بالمسلمين، وإعطائهم بالتالي حق الإجازات بالأعياد، مرجعا السبب لعدم تطبيق ذلك؛ لأهداف سياسية محضة.
 
ورأى عابدين أن استمرار الحوار بين الأديان أمر إيجابي، أيا كان، ومهما كانت نتيجته، حسب قوله .