سياسة دولية

أزمة كتالونيا.. هل يتجه الاتحاد الأوروبي نحو مفترق طرق؟

الاتحاد الأوروبي
نشرت صحيفة "لوبوان" الفرنسية تقريرا ذكرت فيه أن الاتحاد الأوروبي لم يتدخل لحد الآن في أزمة كتالونيا، إذ من المؤكد أنه يعمل على تجنب المواجهة مع دعاة الانفصال المنتشرين في مختلف دول القارة العجوز.
 
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن رئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك، صرح نيابة عن الدول الأعضاء، بعد دقائق من إعلان استقلال البرلمانيين الكتالونيين، بأن "هذا لن يغير شيئا بالنسبة للاتحاد الأوروبي". في المقابل، بدأت الأمور تتضح بالنسبة لبروكسل؛ فقد دعم القادة الأوروبيون مدريد وانحازوا للجانب القانوني، بينما لم تعترف أي دولة عضو في المجلس الأوروبي بهذا البيان.
 
وأفادت الصحيفة بأنه من حيث المبدأ، تبقى كتالونيا في إسبانيا، ما يعني أنها عضو في الاتحاد الأوروبي. لذلك، لا مجال للتدخل في هذا الشأن وإلا سوف يفتح "صندوق باندورا الاستقلال" في أوروبا، ويطعن في السيادة الإسبانية. وقد يصل الأمر إلى حد إحراج رئيس الوزراء المحافظ، ماريانو راخوي، الذي رغم تميزه بأقلية في حكومته، إلا أنه حظي بشعبية كبيرة أثناء الأزمة الكتالونية.
 
وتطرقت الصحيفة لموقف باريس وبرلين الممثلتين لجبهة مشتركة. ورغم التناقض الطفيف الذي سجلته بلجيكا في موقفها، إلا أن رئيس الوزراء البلجيكي، تشارلز ميشيل، قد بدا أقل حزما، وأكثر استيعابا لكتالونيا. ولعل هذا ما أكده من خلال تصريحه، الذي أورد فيه أنه "يجب أن نجد حلا سلميا وفقا للنظام القانوني الوطني والدولي". مما جعل زعيم كتالونيا، كارليس بيغديمونت، يرد عليه مباشرة مؤكدا له "سلمية موقفه".
 
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الموقف الودي من طرف الحكومة البلجيكية لا يعتبر جديدا. فتشارلز ميشيل كان من بين القادة الأوروبيين القلائل الذين أدانوا عنف الشرطة في كتالونيا، في غرة تشرين الأول/ أكتوبر. وقد قوبل موقفه بتوبيخ من قبل حكومة ماريانو راخوي خلال القمة الأوروبية الأخيرة. كما قام أحد الدبلوماسيين الإسبان بتهديد بلجيكا بعدم دعم ترشيحها لقيادات الشرطة الأوروبية، يوروبول؛ وهو موقف رمزي لكنه كان كفيلا بتجميد العلاقات بين بروكسل ومدريد.
 
وأوردت الصحيفة أن تشارلز ميشيل معرّض بدوره لفتح الصندوق الشهير "باندور الاستقلال"، إذ أن ثلاثة وزراء هامين في حكومته هم في الحقيقة أعضاء في حزب التحالف الفلمنكي، أول حزب بلجيكي يدعو إلى استقلال منطقة فلاندرز. ومما لا شك فيه، فإن حزب  التحالف الفلمنكي سيواصل نشاطه في خضم هذه الأزمة، متفحصا أعمال وقرارات القادة الأوروبيين، في محاولة منه للدفع نحو الوساطة الأوروبية للأزمة.
 
وأشارت الصحيفة بأن هذا الموقف لا يقتصر على الانفصاليين الفلمنكيين. ففي بروكسل، ندد الكثيرون بتقاعس القادة الأوروبيين وعدم تفاعلهم. وفي نفس السياق، انتقد المتخصص في العلوم السياسية، البلجيكي باسكال ديلويت، تصريحا أدلى به رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود جونكر، حيث أوضح أن "القومية" تمثل "أكبر تهديد" دون أن يتخيل أنه يمكن أن يكون هناك قوميتان، واحدة كتالونية والأخرى إسبانية. كما أضاف أنه "على السلطات الأوروبية فعل كل ما هو ممكن لوقف ديناميكية الطرد المركزي".
 
وفي الختام، نقلت الصحيفة على لسان زعيم كتلة الخضر، فيليب لامبرتس، أنه سيكون من الخطير اقتصار موقف الاتحاد على هذا الدور السلبي، "فعندما نترك وضعا مماثلا يتفاقم فإن هذا سيضر بمصداقية المشروع الأوروبي. خاصة عندما يبقى الاتحاد الأوروبي بوضع المتفرج". أما في حالة وصول إسبانيا حد مناشدة جيشها لتسوية الوضع في كتالونيا، ستكون هناك أبعاد أخرى للقصة، وسيناريو كارثي للاتحاد الأوروبي، الذي يجب أن نتذكر بأنه قد حصل على جائزة نوبل للسلام في سنة 2012.