سياسة دولية

أحمد طعمة: لا حل حقيقي بسوريا قبل مطلع عام 2019

طعمة: الروس يرغبون بتأجيل بداية المرحلة الانتقالية حتى أوائل عام 2019

أكد الرئيس السابق للحكومة السورية المؤقتة، أحمد طعمة، أن مؤتمر "الرياض 2" (خاص بالمعارضة السورية)، سينعقد على الأرجح بالمملكة العربية السعودية خلال يومي 10 و11 من الشهر المقبل.

ولفت – في مقابلة مع "عربي21"- إلى أنه لم يتم بعد توجيه دعوات رسمية من السعودية إلى الأطراف المعنية، مرجعا ذلك إلى ترتيبات تخص السعودية، وقد تنتهي منها خلال الأيام القليلة المقبلة، خاصة أنه لم يُعلن رسميا عن مؤتمر (الرياض 2) حتى الآن، ولم يتم تداول الموضوع في الأوساط الخاصة المعنية إلا مؤخرا.

وأشار مرجحا إلى أن الأطراف التي سيتم توجيه دعوات رسمية لها من أجل المشاركة في اجتماعات "الرياض 2"، هي الهيئة العليا للمفاوضات، والائتلاف الوطني السوري، ومنصة موسكو، ومنصة القاهرة، بالإضافة إلى شخصيات وطنية عامة من أطياف مختلفة، ومن بينها شخصيات كردية سوف تدعوها السعودية بشكل مباشر للحضور والمشاركة في هذه الاجتماعات.

ونوه "طعمة" إلى احتمالية قيام السعودية بتوجيه دعوة لشخصيات ليس بالضرورة أن يكون لديها موقف حاسم من بقاء "الأسد" على رأس السلطة في المرحلة الانتقالية، مؤكدا أن إجمالي الحضور قد يصل لـ 120 شخصية معارضة أو قريبة من المعارضة.

 

وأوضح، بحسب تقديره، أن مؤتمر "الرياض 2" سوف يناقش 3 قضايا رئيسية؛ أولها تشكيل وفد موحد من المنصات الثلاث (الرياض والقاهرة وموسكو)، وشخصيات وطنية أخرى، مشدّدا على أن المشهد السابق بوجود 3 منصات تتفاوض في مقابل وفد موحد للنظام لم يعد مقبولا.

 

أما القضية الثانية التي سيتطرق لها "الرياض 2"، بحسب "طعمة"، هي العمل على صياغة بيان جديد يتضمن رؤية المعارضة المستقبلية بالنسبة للحل السياسي القادم في سوريا.

والثالثة: مناقشة أهم المصاعب التي تواجه واقع الثورة السورية حاليا، وما الذي ينبغي فعله من قبل المعارضة تجاه تطورات الأوضاع الحالية والمقبلة، وهل بالإمكان إبداء مرونة ما في بعض القضايا دون المس بجوهر مطالب الشعب السوري في تحقيق الانتقال السياسي.

 

وبشأن الترتيبات التي سبقت التحضير لمؤتمر "الرياض 2"، أشار إلى أنه "تم التلميح لهذا المؤتمر منذ

نحو شهرين ونصف، وكان التحضير له يأخذ أبعادا جدية، لكن واجهته بعض الصعوبات بسبب اختلاف وجهات النظر بين الأطراف السورية المعارضة، ونعتقد أنه تم تذليل هذه العقبات داخل المعارضة".

 

وأردف: "كذلك، تم تقليص الخلافات بين الدول المهتمة بالشأن السوري، بحيث إننا لن نشهد مفاجأة غير سارة تشبه المفاجأة الروسية، من خلال قرار مجلس الأمن 2254، الذي أقر في ثناياه إضافة منصات جديدة للمعارضة السورية، ونزع عن الهيئة العليا للمفاوضات التي نجمت عن مؤتمر (الرياض 1) صفة الممثل الشرعي والوحيد للمعارضة السورية".

 

وتوقع "طعمة" نجاح مؤتمر "الرياض 2"، وتحقيقه أهدافه المرجوة، نظرا لرغبة المعارضة السورية المشاركة في "إيجاد حل للأزمة الراهنة، مع اقتراب المجتمع الدولي من الإجهاز على الإرهاب في سوريا، وقناعته الكبيرة بأهمية المفاوضات لإتمام الانتقال السياسي الكامل المأمول. لقد أصبح الجميع يدرك أنه لن يتم تحقيق مطالب الشعب السوري، ولن يتم الاستقرار دون انتقال سياسي حقيقي".

 

وأرجع عدم وحدة المعارضة بشكل حقيقي حتى الآن إلى "عوامل داخلية وخارجية كثيرة، أهمها أنه تم إبعاد الشعب السوري عن الهم العام والشأن السياسي لأكثر من 50 عاما، وهو أمر جعلها ليست ذات خبرة كبيرة في مثل هذه القضايا، ولأول مرة تواجه مشاكل بهذا الحجم والقدر الكبير من المسؤولية".

 

وتابع:" أما خارجيا، فالمجتمع الدولي أخطأ بحق المعارضة السورية مرتين؛ الأولى عندما لم يدعم تشكيل قيادة عسكرية موحدة تخضع للقيادة السياسية، وترك هذا الدعم مفرقا ومشتتا، والثانية أن هذا المجتمع الدولي بالرغم من تقديمه دعما لوجستيا، لكنه لم يُقدم أبدا دعما من الناحية الإدارية، في وقت كانت المعارضة بأمس الحاجة للدعم الإداري، ولتلقي تدريبات عملية على إدارة الدولة".

 

وردا على تخوفات البعض باتجاه البوصلة لمحاربة المعارضة خلال الفترة المقبلة بعد القضاء على "داعش"، قال إنه يستبعد تماما هذا الأمر، لأن "هناك توجها عاما دوليا - بما في ذلك الروس- باتجاه الانتقال السياسي، وهذا لن يتم على الإطلاق دون وجود المعارضة".

 

وبشأن توقع المبعوث الدولي إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، بأن تشهد الأزمة السورية تحولات نوعية في الأشهر المقبلة، قال:" لن تحدث تحولات حقيقية قبل بداية عام 2019، حيث من المتوقع عندها أن تبدأ المرحلة الانتقالية، كما أن مشروع القضاء على المنظمات الإرهابية حُددت مدته سابقا بـ 5 سنوات، ولا نعتقد أن مدته ستقلص، وكانت بدايته عام 2014 عقب سقوط مدينة الموصل العراقية بيد تنظيم داعش".

 

وأكد الرئيس السابق للحكومة السورية المؤقتة أن "الروس يرغبون بتأجيل بداية المرحلة الانتقالية حتى أوائل عام 2019، لتستمر الأزمة ما يقرب من عامين إضافيين، حتى انتهاء الفترة الثالثة لحكم بشار الأسد، وفي أثناء ذلك سيكون قد تم إنجاز الدستور الجديد لسوريا في، وكذلك قانون الانتخابات الجديد، وعندها يتم إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في سوريا برعاية دولية وأممية".

 

واستطرد "طعمة" قائلا:" الروس يعدون أن هذه هي الطريقة الوحيدة المقبولة من قبلهم، وأن أي تغيير وانتقال سياسي في سوريا ينبغي أن يكون دستوريا وليس ثوريا".

 

وشدّد على أن "الحل الحقيقي للأزمة السورية لن يبدأ إلا في مطلع عام 2019، ذلك لأنه لم يتم القضاء التام حتى الآن على المنظمات المتطرفة الموصوفة بقرارات الأمم المتحدة بالإرهاب، ولأنه لم يتم إنهاء واكتمال خطوات خفض التصعيد ووقف إطلاق النار بين النظام والمعارضة من خلال تفاهمات الأستانة إلى الآن".

 

وأشار إلى أن "مفاوضات الأستانة تركز على نقطة جوهرية تسبق الانتقال السياسي، وهي تخفيض التصعيد وصولا إلى وقف إطلاق النار بين النظام والمعارضة، إلا أن تلك المفاوضات تسير بشكل بطيء، لكن من المتوقع إنجازها خلال العام القادم".

 

وذكر أن مفاوضات أستانة 6 التي تُجرى نهاية الشهر الجاري، ستركز على "خطوات التهدئة في إدلب بعد التطورات التي جرت لتخفيض التصعيد هناك، وكذلك بقية المناطق الأخرى المشمولة بخفض التصعيد، وصولا إلى إمكانية إدخال مناطق إضافية من سوريا لمناطق خفض التصعيد في ظل الهزائم المتتالية لتنظيم داعش".

 

وأكد المعارض السوري أن "مفاوضات جنيف الحالية لا تزال في مرحلة إدارة الأزمة وليس حلها"، متوقعا اتجاه المعارضة السورية نحو "تشكيل وفد مفاوض واحد يمثل المعارضة، والأمل أن تكون برؤية واحدة".
وبسؤاله عن موقفهم من دعوات القبول ببقاء بشار الأسد على رأس السلطة أو الدخول في مفاوضات مباشرة معه، أجاب:" لا يوجد خلاف على الدخول في مفاوضات مباشرة مع الأسد ونظامه، وقد حدث ذلك بالفعل خلال مؤتمر جنيف عام 2014"، منوها إلى أن الإشكالية الرئيسية تتمثل في قبول "بشار" بالبقاء خلال المرحلة الانتقالية.

 

وأوضح أن "أصدقاء الشعب السوري يقولون إنه لا بأس بوجود بشار في بداية المرحلة الانتقالية مع تقليل صلاحياته، بينما ترى المعارضة – ومن بينها الهيئة العليا للمفاوضات والائتلاف الوطني السوري- أنه لابد من رحيله قبل بداية المرحلة الانتقالية وعدم ترشحه للانتخابات القادمة، فلا يمكن لمجرم قتل شعبه بهذه الصورة أن يشارك في انتقال سياسي وانتخابات شرعية وبرعاية الأمم المتحدة".