صحافة دولية

صحيفة روسية: نفوذ واشنطن يتراجع عربيا لصالح موسكو

فايني آبازريني: الولايات المتحدة تسعى للتصدي لنفوذ إيران وروسيا بالشرق الأوسط- جيتي

تحدثت صحيفة "فايني آبازريني" الروسية عن مكانة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وأوراسيا، وسعيها المستميت للتصدي لنفوذ كل من إيران وروسيا، في تقرير لها.

وقالت إن الولايات المتحدة في حال أخفقت محاولاتها، ستجد نفسها مضطرة للانسحاب من كلا المنطقتين في السنوات القليلة المقبلة.
 
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن سنة 2015 مثلت نقطة تحول في سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، نظرا لأن روسيا قد عادت بقوة إلى الساحة وأظهرت استعدادها لمواصلة الدفاع عن مصالحها في المنطقة.

 

وبينت الصحيفة أن بوتين خلال السنوات الأخيرة لم ينجح فقط في تعزيز مكانته في سوريا، بل تمكن أيضا من خلق سياسة جديدة أنهت عهد احتكار الولايات المتحدة للشرق الأوسط. في المقابل، لم تبق الولايات المتحدة مكتوفة الأيدي، بل حاولت أن تقلب الوضع لصالحها، وخير دليل على ذلك أنها كانت تقف وراء إسقاط الطائرة الروسية "سو24".
 

وأشارت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة استخدمت الهجمات الكيماوية في سوريا ضد دمشق وغيرها من أساليب الاستفزاز الأخرى. ومع ذلك، تمكن العسكريون والدبلوماسيون الروس من عرقلة جميع محاولاتها، ما دفع بعض حلفاء الولايات المتحدة إلى الالتحاق بروسيا على غرار تركيا.
 
وأضافت الصحيفة أن مشكلة واشنطن اليوم تتجلى في إظهار المملكة العربية السعودية أيضا استعدادها للتعاون مع الطرف الفائز في الشرق الأوسط، حتى لو كانت روسيا. ولقد لخصت زيارة الملك سلمان التاريخية إلى موسكو عقودا من المواجهة المتشددة بين البلدين، وفتحت مرحلة جديدة في العلاقات الثنائية بينهما.
 
وأشارت الصحيفة إلى أن الخطط الأمريكية لإعادة تهيئة المنطقة باءت بالفشل، إذ يبدو ذلك واضحا في تحول كردستان التي أنشأها الأمريكيون منذ فترة إلى مكان محاصر تعمه الفوضى. لكن، في الوقت الراهن لم يعد لدى الولايات المتحدة سوى الأكراد لتستخدمهم كورقة الضغط الأخيرة لاستعادة مكانتها في الشرق الأوسط.
 
وذكرت الصحيفة أنه من بين أسباب تراجع نفوذ وتأثير الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، تناقض سياستها الخارجية. ففي المقام الأول، ساهم "الربيع العربي" سنة 2011 في إبعاد العديد من الشركاء ذوي الخبرة عن واشنطن. ويكفي التذكير بمصير الرئيس المصري السابق حسني مبارك، الذي وجد نفسه في السجن بسبب الحلفاء الأمريكيين.
 
وأوردت الصحيفة أن وزارة الخارجية الأمريكية باركت هجمات الراديكاليين الإسلاميين لتحطيم مصر، وليبيا، والعراق، وسوريا، والذين نجحوا تقريبا في إنجاز المهام الموكلة إليهم. وتهدف هذه الخطة الأمريكية لإعادة رسم الحدود الإقليمية، وتفكيك العديد من البلدان في المنطقة، بما في ذلك المملكة العربية السعودية وتركيا وإيران.
 
وأفادت الصحيفة بأن موسكو تؤيد حرمة الحدود الإقليمية، وتحاول إعادة السلام والاستقرار إلى منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة إلى رغبتها في حماية حدودها الجنوبية، وأضافت: "على النقيض، إن سياسة واشنطن ومصالحها المتغيرة دفعت بحلفائها في المنطقة إلى التعاون مع موسكو. وفي هذا الإطار، عادت روسيا إلى المنطقة كقوة كبرى، بينما لم يعد أمام الولايات الأمريكية سوى خيارين لا ثالث لهما؛ إما المغادرة أو التعامل مع الوضع بطريقة أكثر فعالية".
 
في ظل هذا الوضع، يبدو نداء إيلين ديوك، القائمة بأعمال وزير الأمن الداخلي الأمريكي، ضربا من ضروب اليأس، حيث حذرت من أن "تنظيم الدولة وجماعات إرهابية أخرى تخطط لاستهداف طائرة أمريكية في محاولة منها لتنفيذ هجمات ضخمة مشابهة لما حدث في 11 أيلول/  سبتمبر سنة 2001".
  
وبينت الصحيفة أن الأوساط السياسية تتساءل حول ماهية رسالة ديوك، إذ ليس من عادة الديبلوماسيين التنبيه من الهجمات الإرهابية المستقبلية، لأنه في العادة توكل هذه المهام لقنوات الاتصال السرية. عموما، يمكن أن يكون هذا النداء موجها لطهران، فإذا لم ترضخ للسياسة الأمريكية سيتم اتهامها ببعض القضايا كما حدث مع أفغانستان سنة 2001.
 
وأشارت الصحيفة إلى أن الأحداث الأخيرة لا تثير قلق موسكو، وطهران، وأنقرة فقط، بل أيضا البلدان الأوروبية، وممالك الشرق الأوسط. فالعواصم الأوروبية، وعلى وجه الخصوص برلين وباريس، لا تحتاج إلى الملايين من اللاجئين الجدد. كما تعد قطر والسعودية في غنى عن المتاعب التي يمكن أن تتعرض لها ناقلات النفط والغاز في الخليج العربي.
 
وأوضحت الصحيفة بأن مواصلة الولايات المتحدة توخي سياسة إشعال الحرب قد يكون له تأثير معاكس، فبدلا من استعادة نفوذها في المنطقة يمكنها من تعزيز علاقاتها بروسيا وبلدان الشرق الأوسط. ولكن في حال واصلت على نفس المنوال، لن يكون أمام أوروبا والشرق الأوسط خيار آخر سوى الدخول في تحالف أوثق مع موسكو وبكين لحماية "أوراسيا الجديدة"، ما سيضع الولايات المتحدة في مأزق آخر.