اقتصاد دولي

هذا ما ينتظر اقتصاد السعودية بعد "اعتقالات القصور"

خبراء أكدوا أن مصيرا مجهولا ينتظر المملكة- أرشيفية

شهدت المملكة العربية السعودية أمس السبت، حملة اعتقالات واسعة شملت أمراء ووزراء حاليين وسابقين، ورجال أعمال ورؤساء شركات، في إطار تحقيقات تتعلق بقضايا فساد، ما يبعث على التساؤل حول تأثير ذلك اقتصاديا على المملكة.


من جهته، قال مسؤول سعودي كبير، إن أحد أبرز رجال الأعمال ووزير مالية سابقا في السعودية كانا ضمن عشرات المحتجزين الذين يخضعون لتحقيق تجريه لجنة سعودية جديدة لمكافحة الفساد.


وأضاف المسؤول وفق ما نقلته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" طالبا عدم نشر اسمه، أن الوليد بن طلال، الذي يملك فندق سافوي في لندن، من أغنى أغنياء العالم، بثروة تقدر بـ 17 مليار دولار، وذلك وفق أرقام مجلة "فوربس" من بين المعتقلين، وأيضا وزير المالية السابق إبراهيم العساف.


وصباح الأحد، انخفضت أسهم شركة "المملكة القابضة"، التي يملكها الأمير الوليد بن طلال، بنسبة 9.9 في المئة في سوق المال السعودي عقب الإعلان عن احتجاز مالكها.


وتعدّ الشركة من أهم المؤسسات الاستثمارية في المملكة، وتملك استثمارات في شركات عالمية كبرى مثل "نيوز كوربوريشن"، وبنك "سيتي غروب"، وسلسلة فنادق "فور سيزونز"، وخدمة "ليفت" لسيارات الأجرة.


وهبط المؤشر السعودي واحدا في المئة بعد 25 دقيقة من بدء التعاملات وتراجع 155 سهما مقابل ارتفاع 15 فقط، ليعلق محللون بأن الأنباء أثارت قلقا في البورصة لأن رجال الأعمال الذين تشملهم التحقيقات قد يضطرون في نهاية المطاف لبيع ما بحوزتهم من أسهم ما سيقود لهبوط الأسعار مؤقتا على الأقل، وقد تقل الاستثمارات الجديدة لرجال الأعمال في السوق.


وتحدثت "عربي21" مع خبراء اقتصاديين حول تداعيات قرارات الأمس، وأثر ذلك على الاستثمار في المملكة، وعلاقة حملة اعتقالات رجال الأعمال بالمشروعات التي أعلنت المملكة عن بدءها مثل (نيوم- والبحر الأحمر)، إلى جانب الحالة الاقتصادية التي تعيشها المملكة بسبب حربها في اليمن.

 

من جانبه، قال أستاذ الاقتصاد بكلية أوكلاند الأمريكية، الدكتور مصطفى شاهين، إن هناك جزءا من الغموض يحيط بهذه المرحلة في المملكة العربية السعودية، وسيحدث ترقب لما ستؤول إليه الأمور، وربما هذا يجر عدم استقرار داخل المملكة، ويؤثر عليها كثيرا.

 

وأكد شاهين لـ"عربي21" أن هناك "لاعبين كبار" في دول أخرى يهمها أن تكون السعودية مستقرة، لأنها تملك ثلثي الاحتياطي من النفط، وأي اهتزاز داخلها سيؤثر على صادرات النفط في المقام الأول.

ولفت إلى أن المملكة ستعمل في الفترة الحالية على تأمين الريال السعودي، بحيث أن لا ينخفض، لأنه هذه الظروف إذا أقبل المقيمون والمواطنون على تحويل الريال للدولار سيحدث هجوم على الدولار، وينهار الريال، وهذه بداية فقط إن حدث صراع على العرش.

وأكد أن البنك المركزي السعودي سيضخ من الاحتياطي النقدي من الدولار لتأمين تثبيت عملته، حتى لا يحدث ارتفاع في الأسعار والسلع داخل المملكة، فينهار الحكم.


وأشار إلى أن ما يحدث الآن أمر سياسي، وسحب الاقتصاد هو ذريعة فقط، لأن الفساد موجودة منذ فترات طويلة، وتم اغماض الطرف عنه، مبينا أن من تم توقيفهم لهم علاقة بتولي محمد بن سلمان الحكم من عدمه.

 

ولفت إلى أن الاستثمارات في المملكة حكومية وليست خاصة، وإذا كان هناك استثمار خاص فهو يتم عن طريق الأسرة المالكة.


وعن علاقة المشروعات بقضايا الفساد استبعد أن يكون هذا هو السبب لأن السعودية لديها احتياطات ضخمة جدا، لكن ايراداته من النفط بدأت تقل، وهمه الآن تعويض هذه الإيرادات عن طريق هذه المشروعات المستهدف بها الغرب وتوصيل رسالة لهم بأنه جزء منهم ويدعمهم في المنطقة.


وأشار إلى أن اتهامات "الفساد" هي حجة فقط من "ابن سلمان" حتى تثبيت حكمه، وبعدها يتم إطلاق سراح هؤلاء المعارضين لتوليه العرش، لافتا إلى أن قضية جدة كشف الفساد فيها منذ 2007، متسائلا: "فلماذا يتحدث عنها الآن؟".


من جهته، قال الدكتور زكريا مطر الخبير الاقتصادي، إن الأموال التي حصل عليها "ابن سلمان" تقدر بـ 2 تريليون دولار، وفق ما أكدته مصادر موثوقة، وهي عملية سطو شبيهة بما فعله السيسي في مصر.

 

وأشار في حديثه لـ"عربي21" إلى أن هذا سيعمل على فقدان الثقة في أي استثمار في المملكة في الفترة المقبلة، وسيكون لها تأثير أيضا على مصر لعلاقتها الاسثمارية بكثير من المعتقلين أمس.


ونوّه إلى أن هذه القرارات ستعمل على توجيه الاستمارات السعودية لمناطق آمنة اقتصاديا مثل (ماليزيا وإندونيسيا)، مستبعدا أن تذهب الاستثمارات لتركيا، في الفترة المقبلة، مستشهدا بأن اعتقال الوليد بن طلال جاء بسبب استثمار في تركيا، وهو عكس رغبة "ابن سلمان".


وبيّن أن "عملية الاعتقال لرجال الأعمال جاءت بعد ضوء أخضر من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وستنتهي أيضا بعد إشارة من ترامب"، وفق قوله.


ولفت إلى أن "المملكة ينتظرها مصير، يدبره لها ولي عهد أبو ظبي"محمد بن زايد" الذي تسبب بدخول المملكة في اليمن، وحصار قطر، وغيرها".

 

وأكد أن "السعودية الآن بدأت في مرحلة تقسيمها، وأن من سيقسمها هم العائلة المالكة"، مبينا أن "ابن سلمان" مضطر الآن لهذه القرارات لأنه يريد تعويض ما دفعه في الحروب وما دفعه لأمريكا عندما ذهب ترامب إليهم.

 

واستطلعت وكالة "بلومبيرج" الأمريكية، آراء محللين ماليين حول الموضوع ذاته، فقال محمد علي ياسين، الرئيس التنفيذي لشركة أبو ظبي للأوراق المالية، إن عملية "التطهير" هذه لم تتم على هذا النطاق أو بهذا الشكل من قبل.

 

ولفت إلى أن هذا سيجعل الجميع يشعرون بالقلق في الفترة المقبلة، وربما يؤثر على المملكة القابضة التي يملكها ابن طلال، وأيضا الخطوط السعودية".

وبحسب تقرير الوكالة الذي ترجمته "عربي21"، فقد أكد مازن السديري، رئيس قسم الأبحاث في شركة الراجحي المالية بالرياض، أن التكهنات الأولية بشكل عام تشير إلى أن هناك قلقا بين الناس، مضيفا: "لكن يجب النظر على المدى البعيد فهو أمر إيجابي وجيد للبلاد والسوق السعودية".

 

وعلقت شركة المملكة القابضة السعودية على الأمر بأنها على اطلاع بالأخبار التي يتم تداولها بشأن رئيس مجلس إدارتها الأمير الوليد بن طلال، وأنها "مستمرة في نشاطها التجاري كالمعتاد".


وقالت الشركة في بيان للبورصة السعودية: "تلقى الرئيس التنفيذي تأكيد دعم حكومة خادم الحرمين الشريفين لشركة المملكة القابضة وكلنا فخر بهذه الثقة والتي نحن بإذن الله أهل لها".


وأضاف البيان أن المملكة القابضة تؤكد "التزامها التام بأعمال الشركة واستمرارها في خدمة مصالح مساهميها وكل من له مصلحة بها".

 

يذكر أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان البالغ من العمر 32 عاما الذي تم تولي منصبه في حزيران/ يونيو الماضي، يقود عملية بيع حصة في أرامكو لتمويل اقتصاد المملكة في مجالات أخرى، والحد من الاعتماد على عائدات النفط.