ملفات وتقارير

فاتورة "منتدى السيسي" للشباب بلغت مليار جنيه.. من دفعها؟

مؤتمر
تشهد مدينة شرم الشيخ المصرية على البحر الأحمر فعاليات منتدى شباب العالم، الذي انطلق الأحد الماضي تحت رعاية قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، بحضور عدد من الشخصيات العالمية، وبمشاركة نحو 3 آلاف شاب وفتاة ينتمون إلى أكثر من 100 جنسية من مختلف أنحاء العالم. 
 
ويناقش المنتدى، الذي يستمر حتى الخميس المقبل، قضايا سياسية واجتماعية وثقافية، من بينها الإرهاب والتغير المناخي والهجرة غير الشرعية، ومساهمة الشباب في بناء السلام من أجل التنمية.
 
وفي ظل غياب أي بيانات رسمية حول التكلفة الحقيقية التي تتحملها مصر لانتقالات وإقامة آلاف المدعوين من داخل البلاد وخارجها طوال أيام المنتدى، قدرت تقارير صحفية محلية تلك التكلفة بما يقارب مليار جنيه مصري.
 
وأثارت هذه التكلفة المرتفعة والبذخ الواضح في تنظيم المؤتمر تساؤلات عديدة حول كيفية تدبير هذه المبالغ الباهظة، في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، وسياسة التقشف التي أعلنتها الحكومة، وما هي جدوى إقامة هذه الفاعلية في هذا التوقيت؟
 
من يتحمل الفاتورة؟
 
وكان مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، التابع لمجلس الوزراء، قد أعلن الاثنين أن ظهور منتدى شباب العالم بهذا الشكل المميز هو ما جعل كثيرين يعتقدون أن هناك تكلفة باهظة تحملتها الدولة، موضحا أن موازنة الدولة لم تتحمل أي تكاليف بسبب المنتدى، وأن شباب مصر والشركات الراعية هي التي تحملت التكلفة كاملة.
 
وحاولت وسائل الإعلام المصري المؤيدة للنظام الرد على المنتقدين، الذين أكدوا أن المنتدى كلف الدولة مبالغ طائلة كان من الأولى توجيهها إلى قطاعات أكثر أهمية، مثل التعليم والصحة والإسكان، وقالت إن بعض البنوك والشركات ساهمت في التمويل، وإن ميزانية الدولة لم تتحمل أي تكلفة، مؤكدة أن المنتدى يحسن صورة مصر، بعدما ساءت كثيرا بسبب العمليات الإرهابية الأخيرة.
 
لكن الإعلامي المقرب من دوائر السلطة، عمرو أديب، أكد أن جهات حكومية، مثل صندوق تنمية السياحة ووزارة الشباب، ساهمت في تكلفة منتدى شباب العالم ليظهر بهذا الشكل المميز، مضيفا خلال حلقة الاثنين، من برنامجه على قناة "أون إي"، أنه  لن يستطيع أن يخدع المشاهدين ويقول لهم إن الدولة لم تتحمل تكاليف هذا المنتدى.
 
"بلا عائد"
 
وتعليقا على هذه التقارير، قال الخبير الاقتصادي مصطفى عطوة إنه يعتقد أن تكلفة المؤتمر تحملها رجال أعمال محسوبون على النظام، مشيرا إلى أن هؤلاء الأشخاص يملكون شركات متخصصة في التسويق وتنظيم المؤتمرات وقنوات فضائية وشركات إنتاج فنية وإعلامية، بهدف الترويج للمشروع الذي تتبناه السلطة.
 
وأضاف عطوة، في تصريحات لـ "عربي21"، أنه ليس مع تنظيم هذا المؤتمر الذي يتكلف مئات الملايين من الجنيهات"، موضحا أنه حتى لو كان المؤتمر قد تكفل بتمويله مجموعة من رجال الأعمال، فقد كان من الممكن توجيه هذه المبالغ الطائلة لحل إحدى الأزمات الاقتصادية المتلاحقة التي تعاني منها البلاد، أو  توفير فرص عمل للشباب، أو المساهمة في تحسين جودة التعليم أو الصحة، وهي المجالات التي اعترف السيسي أمام العالم بضعفها، أثناء المؤتمر الصحفي مع الرئيس الفرنسي في باريس، قبل أيام قليلة.
 
وحول المبررات التي يرددها أنصار النظام بأن المؤتمر له عائد اقتصادي كبير، قال مصطفى عطوة إنه لا يوجد أي عائد اقتصادي منظور من وراء هذا المنتدى، مضيفا: "المنظمون يتوهمون بأنه سيجلب السياحة إلى البلاد، لكن الحقيقة أن تبعات حادث تفجير الطائرة الروسية ما زالت تخيم على قطاع السياحة المصري. 
 
الترويج للسيسي
 
من جانبه، أكد الباحث السياسي أحمد رشدي أن الهدف الأول من إقامة هذا المنتدى هو الترويج للنظام المصري عالميا وتجميل صورته.
 
وأضاف رشدي، لـ "عربي21"، أنه لا يعلم على وجه اليقين التكلفة الحقيقية للمنتدى، معربا عن اعتقاده بأن هذا الحدث يحقق العديد من الأهداف، من بينها إظهار قدرة مصر على تنظيم الفعاليات والمؤتمرات العالمية، بالإضافة إلى مشاركة مئات الشخصيات السياسية والدبلوماسية والشباب من مختلف دول العالم.
 
وتابع: "في المقابل، فإن هناك بعض العيوب شابت تنظيم المنتدى، من بينها أنه لم يأخذ الحيز الإعلامي أو السياسي المناسب على مستوى العالم، وظهر كأنه حدث محلي، فلا يوجد غير الإعلام المصري يتحدث عن المنتدي، في حين أن وسائل الإعلام العربية والدولية مشغولة بقضايا إقليمية أخرى، مثل التطورات السياسية في السعودية، واستقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري".
 
وأكد أحمد رشدي أنه على الرغم من أن الهدف الأساسي للمنتدى هو أن يتحدث عنه العالم وشبابه، إلا أنه لم يجذب انتباه أحد له من خارج مصر؛ بسبب فشل النظام في توفير الدعم الكافي للمنتدى، وفشله في توظيفه عالميا كما ينبغي.