ملفات وتقارير

بعد دخول الحشد العراقي لسوريا.. هل من صدام قادم مع "قسد"؟

تنظيم الدولة غادر آخر معاقله في البوكمال- أ ف ب (أرشيفية)

أضفى دخول الحشد الشعبي العراقي إلى داخل الأراضي السورية مزيدا من الضبابية، وبدا واضحا أن الإعلان عن مشاركة الحشد للمرة الأولى في معارك شرق دير الزور إلى جانب قوات النظام وحزب الله والمليشيات الإيرانية في البوكمال ضد تنظيم الدولة، عقّد المشهد السوري، وجعل مستقبله أكثر غموضا.


ويأتي ذلك، في الوقت الذي يتكبد فيه تنظيم الدولة خسائر متتالية، أدت إلى تقلص سيطرته إلى نحو 30 بالمئة من مساحة دير الزور، وانحسارها في بلدات وقرى على ضفتي نهر الفرات، بعد خسارته البوكمال آخر معاقله في سوريا، ما فتح باب التساؤلات واسعا عن مستقبل وجود الحشد وعن وجهته القادمة إلى جانب النظام.


وانطلاقا من حالة الصراع بين الحشد الشعبي والأكراد في إقليم كردستان، وبالنظر إلى حالة التصعيد الإقليمي، لا يستبعد مراقبون حدوث تصادم بين النظام المدعوم بالمليشيات الإيرانية واللبنانية والحشد، وقوات سوريا الديمقراطية التي تشكل الوحدات الكردية عمودها الفقري، التي تتقاسم دير الزور مع النظام.


غير أن هذا الصدام مرهون باعتبارات عدة، من أهمها التفاهمات بين روسيا الراعية للنظام والولايات المتحدة الراعية لقسد، بحسب الكاتب الصحفي عدنان علي، الذي أشار إلى وجود هذه التفاهمات فيما بين الجانبين، لكن بالحد الأدنى.


وفي حديثه لـ"عربي21"، رجح أن تعمد إيران إلى توسيع الجبهات عبر أداتها الجديدة في سوريا أي الحشد الشعبي، بهدف إزعاج الولايات المتحدة التي تتوعد حزب الله وإيران، للتصعيد في مكان من جهة، وللمساومة على التهدئة في وقت لاحق.


وأضاف علي، "قد تكون هناك مواجهة مع قسد في المرحلة المقبلة، لكنها على الأرجح لن تتطور إلى صراع أو مواجهة شاملة".


ومثل علي، ذهب المحلل السياسي نواف الركاد، إلى ترجيح حدوث مواجهات محدودة قادمة بين الحشد الشعبي وقسد، في المرحلة المقبلة.


وقال لـ"عربي21"، إن تصاعد التوتر في كامل المنطقة، ومشاركة قسد إلى جانب البشمركة في معارك ربحها الحشد في سنجار ومغمور وربيعة وغيرها من المناطق العراقية، قد تجعل من المواجهة أمرا محتما.
 
وأضاف الركاد، لكن هذا لا يعني أن دخول الحشد رغم وجود مليشياته بشكل منفرد في سوريا سابقا، هو بهدف استكمال سيطرة إيران على الأراضي السورية.


 بالمقابل، رأى الباحث والمحلل السياسي خليل المقداد أن اختلاف الانتماء السياسي لأكراد العراق عن أكراد سوريا، يقلل إلى حد بعيد من احتمال حدوث تصادم بين الحشد وقسد في سوريا.


وقال موضحا: "حتى في كردستان العراق لم يتواجه الحشد مع كل التيارات الكردية، وإنما مع جناح واحد "البيمشركة"، بل على العكس من ذلك، كان دخوله إلى كركوك بتسهيل وبتوافق مع جماعة الطالباني".


وأضاف لـ"عربي21"، أنه "في الحالة الكردية السورية، نحن أمام جماعة تلقت دعما -ولا زالت- من إيران، بتنسيق عراقي لقتال الجيش الحر، أي وحدات حماية الشعب، بالتالي هذا يقلل من احتمال نشوب صراع بين الجانبين".


واستطرد المقداد: "ثم إن الحجم الحقيقي لقسد، لا يساعدها على فتح معركة بهذا الحجم مع النظام والحشد والمليشيات الأخرى".


وإذا كانت حظوظ حدوث مواجهة بين الحشد مع قسد ضئيلة في سوريا، فما هي أهداف هذه الخطوة، والتنظيم يتداعى أصلا؟ يرد المقداد: "الحشد دخل بطلب من إيران للسيطرة على مدينة البوكمال، التي كانت تشكل المرحلة الأخيرة للمشروع الإيراني، أي الممر البري الذي يربط طهران ببيروت".