صحافة دولية

ريتز كارلتون.. زنزانة ذهبية للمسؤولين السعوديين المعتقلين

فندق ريتز كارلتون في الرياض قد تحول إلى سجن فاخر للأمراء وكبار المسؤولين- ا ف ب
 نشرت صحيفة "الموندو" الإسبانية تقريرا، سلطت من خلاله الضوء على مركز إقامة الأمراء والمسؤولين الذين اعتقلهم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في إطار حملته ضد الفساد.
 
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن فندق ريتز كارلتون في الرياض قد تحول إلى سجن فاخر للأمراء وكبار المسؤولين الذين تم اعتقالهم بأمر من ولي العهد محمد بن سلمان. ويعد هذا الفندق واحدا من أفخم الفنادق في المملكة السعودية، وتصل مساحته إلى حوالي 210 ألف متر مربع، حيث يشمل غرف فخمة ومطاعم رائعة في حين يتميز بجدرانه المزخرفة. لكن، منذ أسبوع، تحول هذا المكان إلى سجن للأمراء والأقطاب التجارية والوزراء والمسؤولين السعوديين الذين اعتقلوا بتهمة الفساد، في إطار عملية تطهير لم يسبق لها مثيل في صلب العائلة المالكة السعودية، التي اعتادت تسوية نزاعاتها من أجل السلطة في السر.
 
وأوردت الصحيفة أن هذه العملية، التي يسعى من خلالها بن سلمان إلى تعزيز مكانته في السلطة، قد حولت الريتز كارلتون إلى ثكنة للاستجواب والتحقيق، فيما يشوب الأمر الكثير من الغموض والشكوك. من جهته، صرح أحد المسؤولين في شركة ماريوت الدولية، العملاق الفندقي الذي يدير فندق ريتز، أن "سياستنا تحتم علينا أن لا نتحدث عن الضيوف أو المجموعات التي نتعامل معها، كما لا يسعنا التطرق إلى الأشخاص الموجودين في فندق ريتز كارلتون الآن".
 
وأضافت الصحيفة أن كل المحاولات الرامية للتواصل مع الفندق منذ السبت الماضي قد باءت بالفشل. فقد تم وضع خط هاتف الفندق خارج الخدمة، في حين تجاهل المسؤول عن إدارة الفندق الرد عن الطلبات الوافدة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي. فضلا عن ذلك، طال التعتيم صفحة الحجوزات، التي لا تسمح بتسجيل أي طلب في الغرض إلى غاية الأول من شهر شباط/ فبراير.
 
والجدير بالذكر أن تأجيل الحجوزات إلى هذا التاريخ ساهم في تسليط الضوء على نوايا النظام السعودي والأجل غير المسمّى لإقامة المعتقلين، بما في ذلك الوليد بن طلال، ووزير الحرس الوطني السعودي السابق متعب بن عبد الله، ابن الملك الراحل عبد الله والمرشح السابق للتربع على العرش.
 
وذكرت الصحيفة أن مدة اعتقال هذا الوفد الموقّر، الذي كان يزور فندق ريتز كارلتون لحضور المؤتمرات والمنتديات، لا تزال أمرا مجهولا. ولعل الدليل الوحيد على التحول الجذري الذي طرأ على حياة هؤلاء الشخصيات، الثواني المعدودات لمقطع فيديو صور حالة الأمراء وهم مستلقون على أفرشة ملقاة على أرضية إحدى صالونات الفندق في ظل حراسة مكثفة. وقد ظهر في إحدى الصور سلاح أمريكي الصنع من طراز بندقية إم-4 لدى أحد أعوان الأمن. وعلى ما يبدو أن المكان ليس بعيدا جدا عن بهو الفندق.
 
وأبرزت الصحيفة أن الصحف المحلية لم تجرؤ حتى على الحديث عن التحول والظروف التي يعيش في ظلها أبرز أمراء العائلة المالكة السعودية في زنزاناتهم الفاخرة. وفي هذا السياق، صرح المحلل الصحفي السعودي، خالد باطرفي، أن "كل ما نعرفه، في الحقيقة، ما ورد من خلال التسريبات. لا نعرف ما الذي يحدث بالتحديد، لكن من المؤكد أن عدد المعتقلين سيرتفع، فهناك أخبار مستمرة تنذر باعتقالات جديدة".

وأفادت الصحيفة أن عملية التطهير ضد العائلة المالكة الموسعة ستمهد للأمير محمد بن سلمان، البالغ من العمر 32 سنة، الطريق للاستيلاء على العرش الذي يعتليه حاليا والده سلمان. ولتفنيد الشائعات التي تحوم حول صحته، ظهر الملك في نهاية هذا الأسبوع في المدينة المنورة بهدف إطلاق حوالي 20 مشروعا يتعلق بالمدينة المقدسة.
 
ونقلت الصحيفة على لسان الناشطة الحقوقية السعودية، نسيمة السادة، أن "المجتمع السعودي يعيش انقساما واضحا. ففي الواقع، يدعم البعض هذه الإصلاحات على اعتبار أنها تهدف إلى محاربة رموز الفساد في المملكة في حين يرى البعض الآخر أنها تندرج ضمن صراع داخلي بين الأمراء من أجل السلطة". وأكدت "السادة" أن "مكافحة الفساد يجب أن تتم بالاعتماد على مبدأ العدل والشفافية".
 
وتجدر الإشارة إلى أن لجنة مكافحة الفساد التي تم إقرارها بموجب مرسوم ملكي، قد اتهمت المعتقلين بسرقة حوالي 100 ألف مليون دولار خلال العقود الأخيرة، فضلا عن حشد ثروة طائلة على حساب مصلحة البلاد، وذلك قبيل ساعات من شن موجة الاعتقالات.
 
وأفادت الصحيفة أن دونالد ترامب عبّر من جهته عن دعمه للحملة المفاجئة ضد بعض الشخصيات التي تنتمي إلى نخبة آل سعود، السلالة التي أسست المملكة السعودية منذ سنة 1932. وقد عكست الزيارات التي أداها كل من ترامب وصهره جاريد كوشنر للمملكة على مدى الأشهر القليلة الماضية الصداقة غير المشروطة التي تجمعهما بالأمير الشاب.
 
وفي الختام، أكدت الصحيفة أن إزاحة ولي العهد السابق، بن نايف من قبل الملك سلمان وتعيين ابنه محمد بن سلمان عوضا عنه تؤكد تنازله الوشيك من دفة الحكم. وبالتالي، بات محمد بن سلمان أقرب ما يكون إلى هدفه التاريخي، الذي من شأنه أن يزعزع قوانين الخلافة الحالية، وهو ما يعتبره الكثيرون انقلابا في صلب الحكم الملكي الذي تم التخطيط له وفقا لتسلسل دقيق.