قضايا وآراء

لا صوت يعلو فوق صوت المارشال!!

1300x600

يفرض الأمر الواقع على المصريين جميعا معادلة جديدة قديمة؛ مفادها أنه لا صوت يعلو على صوت المشير السيسي.. فانتخاباته الرئاسية التي باتت على الأبواب لا تشغل المصريين حقيقة، في ظل تأكيده رسميا بأنه لا يرغب في فتره رئاسية ثالثة، كما لا يرغب في تعديل الدستور، ما فهمه المصريون بأنه يتعامل مع الانتخابات باعتباره طقسا شكليا سيقود فى النهاية الى تأبيد شرعية الأمر الواقع، وتأكيد أنه البطل الوحيد لذلك المشهد.

بمنطق السيسي وحده لا شريك له؛ يفكر الرجل وأجهزته التي لم تلق بال حتى الآن لإعلان المنافس المحتمل، السيد خالد علي، المحامي الحقوقي، الترشح، في مشهد تكميلي للموسم الانتخابي، إلا من حملات محدوده لمهاجمة الرجل والتشكيك في نزاهته، واتهامات من صحف قوميه وإعلام حكومي وشبه حكومي بأنه ممول أجنبيا، هو وفريقه الانتخابي، فيما بات الشغل الشاغل لأجهزة الدولة دعم الحملات الشعبية لدعم وتأييد المارشال السيسي؛ في معركته الوهمية، عبر إكراه العاملين بالدولة بالعصا والجزرة للتوقيع لتأييد ترشحه، في حملات "علشان يبنيها"، خوفا وطمعا في مزيد من الدعم الشعبي الوهمي.

 

بات الشغل الشاغل لأجهزة الدولة دعم الحملات الشعبية لدعم وتأييد المارشال السيسي؛ في معركته الوهمية


 

 

المعارضة في خبر كان

على الجانب الآخر، لا صوت حقيقيا للمعارضة المنقسمة على نفسها، بين مؤيدين لخالد علي، أو داعين للمقاطعة، أو منتظرين حتى ينجلي الغبار عن منقذ جديد "حقيقي" يمكن أن يصنع معركة مع السيسي، رغم أن أغلب المعارضين يؤمنون حقيقة بأن المشهد القادم هو مشهد تمثيلي، يؤدي فيه السيسي مشهد البطولة المطلقة، فيما يؤدي الباقون، إن سُمح لهم، دور الكومبارس.. وإذا سُمح لهم، فالشروط التعجيزية ستحرم قطعا أي معارض من المنافسة، في ظل مشهد خانق لا يسمح حتى بالتواصل بين المرشحين وناخبيهم، في ظل فرض الطوارئ، وجعله سيفا مسلطا فوق رقاب الجميع.

وفي المقابل، يرد تيار المشاركين بأن الانتخابات فرصة للتواصل مع الجمهور. لكن باتت كل منابر التواصل مؤممة، فـ400 موقع إخباري قيد الحجب، ولا تملك المعارضة أي نافذة تعبر فيها عن رأيها، حيث الصحافة الورقية تحمل لونا واحدا يعبر عن وجهة نظر المارشال فقط، فيما باتت قنوات المعارضة المهاجرة والقنوات الدولية هي المنفذ الوحيد للمرشحين المنافسين للسيسي، رغم تحرج المنافسين من الظهور على "قنوات الإخوان"؛ خوفا من اتهامهم بالإرهاب، ما يشكل سيفا على رقبة أي حملة انتخابية جادة لمنافسة السيسي.

الشارع ضجر

 

معركة الضمانات التي ينادي بها المشاركون من شباب ثورة 25 يناير؛ باتت عبثية


الشارع أيضا تم تأميمه لصالح المارشال. فحملات الدعاية والتأييد بالإكراه قائمة، عبر ضغوط على رجال الأعمال وصغار التجار؛ لإنشاء سُرادقات ونشر لافتات لتاييده، فيما التهديد والوعيد ينتظر كل من يعلن دعمه للمرشحين المنافسين أو يشارك في حملاتهم الانتخابية، بل لا أكون متجاوزا حين أقول إن الدولة ستعاقب من يصوت للمنافسين، أو من يمتنع عن التصويت إيمانا بضرورة مقاطعة هذا المشهد العبثي.

حتى معركة الضمانات التي ينادي بها المشاركون من شباب ثورة 25 يناير؛ باتت عبثية، في ظل الدعم والتأييد المطلق من كل من أمريكا ودول الاتحاد الأوربي للنظام، وصمتها على جرائم السيسي في ملف حقوق الإنسان وتوسعها في دعمه بالسلاح في صفقات مشبوهه لتأييد النظم الديكتاتورية على المستوى العربي ،ما يؤشر لتخلي النظام الدولي عن إلزام السيسي بأي ضمانات للعملية الانتخابية في ظل تشابك المصالح القائم تحت وطأة ذرائع التطبيع ومقاومة الإرهاب، والحفاظ على استقرار المنطقة، ما بات معضلة حقيقية لتيار المشاركة في الانتخابات.

 

المشهد الانتخابي الغامض الذي لم يبن بعد في ظل عدم وجود أي منافس حقيقي من المؤسسة العسكرية


 

غموض وارتباك

ومن نافلة القول؛ أن المشهد الانتخابي الغامض الذي لم يبن بعد في ظل عدم وجود أي منافس حقيقي من المؤسسة العسكرية، "الحزب السياسي الأكبر" في مصر، والأكثر تأثيرا في الساحة السياسية، وفي ظل غياب الإخوان، وعدم وجود بديل معارض حقيقي، وعدم إعلان أي من المحسوبين عليه، مثل أحمد شفيق أو سامي عنان، أو أي وجه عسكري جديد؛ المنافسة، يضعنا أمام مشهد ملتبس، ويحول المشهد إلى استفتاء ثان لتجديد الثقة في رأس الانقلاب، بعد استفتاء 2014 الذي أدي فيه حمدين صباحي مشهد المنافس، فجاءت الأصوات الباطلة أعلى من أصواته، ما كشف حقيقة استفتاء عسكري بنكهة تعددية.

أما تيار المقاطعة، فإن أزمته الأساسية هي في تنظيم صفوفه، وبناء شرعيته في ظل إحجام شعبي حقيقي عن الانتخابات، والتي كشفتها الانتخابات الرئاسية والبرلمانية خلال السنوات الأربع الماضية، منذ الانقلاب، ما يحتاج من دعاة المقاطعة إلى تنظيم صفوفهم، وتحويل المقاطعة إلى حالة إيجابية تثبت حضورها فى الساحة الانتخابية.