ملفات وتقارير

إلى متى يدفع أقباط مصر ضريبة تأييدهم للسيسي؟

وقع عدد من القساوسة علنا أمام الكاميرات وظهروا بالصحف يحملون استمارة "علشان تبنيها"- جيتي

 كشف الصحفي والباحث القبطي، إسحاق إبراهيم، عن ضغوط يتعرض لها الأقباط من النظام، مؤكدا أن جهات سيادية تجبر الكهنة على جمع توقيعات الأقباط داخل الكنائس الأرثوذوكسية على استمارة تأييد قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي، "علشان تبنيها".
 
‏الباحث في المبادرة الشخصية للحقوق والحريات إسحق إبراهيم، قال عبر صفحته بـ"فيسبوك": "ماذا تفعل إذا كنت كاهنا بإحدى كنائس القاهرة وجاء مسؤول بجهة سيادية يأمرك بنبرة بها تهديد مبطن أن تسلمه بعد يومين ألف استمارة (عشان تبنيها) موقعه من المصلين؟".
 
توقيع علني

 
وبالفعل وقع عدد من القساوسة علنا أمام الكاميرات وظهروا بالصحف يحملون ويوقعون استمارة "علشان تبنيها"، بينهم راعاة كنائس "العذراء" بالسويس، و"مريم العذراء" و"مار جرجس" و"حوض نجيح" و"القديس يوسف" بالشرقية، و"ماري جرجس" بالواسطى ببني سويف، وقساوسة بكنائس أسيوط، وغيرها.
 
وطالب بعض النشطاء الأقباط بعقاب الكهنة الموقعين على استمارة "علشان تبنيها"، وقال الناشط القبطى أمير عياد، في تصريح صحفي، إنه "سيطلق حملة توقيعات لمحاسبة كل الكهنة المشاركين في التوقيع على الاستمارات السياسية، داعيا لفصل الدين عن السياسة".

 

اقرأ أيضا : إثر مقتل الكاهن بالقاهرة.. غضب قبطي وتهديدات للسيسي


ويتداول في صفحات الأقباط تدوينة تطالب السيسي بعدة أمور للموافقة على التوقيع، وتقول التدوينة التي لم يعرف كاتبها الأصلي: "علشان تبنيها لازم نصلي فيها، علشان تبنيها تفتح الكنائس المغلقة، علشان تبنيها يخرس مروجو الكراهية والإرهاب، علشان تبنيها يُفعَل القانون بحزم وسرعة على الجميع ولايفرق بين أحد، علشان تبنيها الإهتمام بالتعليم وإيجاد فرص عمل للشباب، علشان تبنيها يعمل على أرض الواقع المجلس القومي لمواجهة الإرهاب والتطرف".
 
ضريبة التأييد

 
المخرج في ماسبيرو عادل معوض، أكد أنه كمواطن قبطي يرفض تماما مثل هذا التوجه، وما يحدث من توجيه لبعض المصريين للتوقيع على مثل تلك الاستمارات، معتقدا أن الأقباط يدفون ضريبة تأييد النظام.
 
وحول ما يتعرض له الكهنة من ضغوط لجمع توقيعات الأقباط في الكنائس، قال معوض، لـ"عربي21"، إنه شخصيا لم يتعرض لهذا العرض من الكهنة، مضيفا أن "كل شيء وارد، كما أنه ممكن أن يكون قد جانب الصواب إسحق".
 
وأكد معوض أنه إذا ما كان يتعرض له الكهنة من ضغوط لجمع التوقيعات أمرا حقيقيا، فإنه يأتي ضمن فاتورة وضريبة يدفعها الأقباط لتأييدهم النظام، إلى جانب ما وقع من تفجيرات بالكنائس ومنع بناء بعضها وغلق الآخر.


أين المستندات؟

 
من جانبها ترى الكاتبة الصحفية شيري مرقص، أن "ما يحدث في بلادنا الآن هو أن الكل يواصل الحديث بدون أي دليل والإدلاء بتصريحات دون مستندات"، مطالبة الكاتب الصحفي إسحق إبراهيم، "بنشر ما لديه من صور ومستندات تأكيدا على كلامه".
 
مرقص في حديثها لـ"عربي21"، أكدت أنه "ليس معنى أن يحدث جمع توقيعات (علشان تبنيها) في مؤسسات حكومية ووزارات ومؤسسات صحفية حكومية بإشراف المسؤولين؛ أو أن يظهر قس موقعا، أنه يحصل أيضا في الكنائس جمع للتوقيع ولو كان بدافع الحرص على الوطن".


اقرأ أيضا : تواضروس يدعو أستراليا لمنح اللجوء لـ20 أسرة مسيحية


وأضافت: "نزلت الكنيسة يوم الثلاثاء الماضي، ومكثت بها أكثر من ساعتين، ولم يحدث أن عرض علي أحد الكهنة مثل تلك الاستمارة".
 
وأكدت مرقص، أنه بغض النظر عن صدق الواقعة أم لا "إلا أن الإحساس العام لدى المصريين هو أن البلد كلها تدفع ثمن تأييد النظام الحالي وليس الأقباط فقط"، مشيرة إلى أن الأقباط يتم تدفيعهم ثمن تأييد النظام في بداياته كما دفع تلك الضريبة شباب ومعارضين وإعلاميين ورجال أعمال ومشايخ وغيرهم الكثير ممن أيدوا النظام.
 
مثل عبدالناصر وأفضل من الإخوان

 
وأثارت تدوينة إسحق، حالة من الجدل والسخرية وانتقاد النظام ودور الأجهزة السيادية في العمل للحكام، وضعف الكهنة أمام الضغوط الأمنية، بينما رأى آخرون أن النظام رغم ذلك أفضل من الإخوان المسلمين.
 
ورد ساخرا صاحب حساب "Bermalion El-Begmawy"، على سؤال إسحق، بقوله: "الإجابة السائدة: هاسمع الكلام طبعا وأنا مالي بشؤون قيصر؟"، مضيفا أن "الإجابة النموذجية: هاسلمه المصلين أنفسهم"، مؤكدا أن "الإجابة المبدعة: أن أوقع طوال الليل استمارات بنفسي وأسلمه ألفين استمارة".
 
وانتقد هاني الحسيني، دور الأجهزة السيادية في العمل لصالح الحكام، منتقدا صمت السيسي عليها، وقال متسائلا: "هل جمال عبدالناصر لم يعرف أن أجهزة الدولة تخرج العمال يهتفون له بالأمر (أو بعلبة سجاير)؟، وهل السيسي لا يعرف ما كان يحدث أيام عبدالناصر؟ وما الذي جعله يتوقع أن أجهزة الدولة غيرت أسلوبها؟".


اقرأ أيضا : التحقيق مع أقباط بمصر بتهمة "الصلاة دون ترخيص"


وذكّر مكرم يوسف، الأقباط بما يتردد كثيرا أمام المصريين مقابل أخطاء وجرائم النظام، حيث قال: "ديكتاتورية دول (السيسي ونظامه) أفضل من الإخوان"، فيما يرى عمرو صيام، أن النظام يعرف أن المسلمين والمسيحيين لا يريدونه، ولذا يقوم بإرهاب الجميع.
 
الأقباط في عهد الانقلاب

 
ورغم أن الأقباط كانوا من أوائل المؤيدين لانقلاب قائد الجيش عبدالفتاح السيسي على الرئيس محمد مرسي منتصف 2013، إلا أنه ومنذ ذلك الحين وقعت عدة أحداث تفجير للكنائس بالقاهرة والمحافظات سقط على إثرها عشرات الضحايا، فيما استخدم النظام تلك الجرائم للترويج لنفسه دوليا لكسب الشرعية لنفسه والظهور أمام العالم كمحارب للإرهاب، وفقا لمحللين.
 
وفي 9 نيسان/أبريل الماضي، وقع انفجار بكنيسة ماري جرجس في مدينة طنطا (الدلتا)، أسفر عن وفاة 21 وإصابة 59 آخرين، فيما وقع إنفجار آخر بنفس التوقيت داخل الكنيسة المرقسية في الإسكندرية.
 
وفي 11 كانون الأول/ديسمبر 2016، وقع انفجار بالكنيسة البطرسية بالعباسية المجاورة للكاتدرائية المرقسية بالقاهرة، أسفر عن مقتل 26 وإصابة 49 قبطيا.
 
وفي20 تشرين الأول/أكتوبر 2013، سقط 3 قتلى، وأصيب 18 آخرون، في إطلاق نار على كنيسة السيدة العذراء بالوراق غرب القاهرة.