سياسة عربية

"الإيكونوميست": هذا سبب تزايد أزمة المياه في الأردن

الأردن لا يوفر سوى 15 بالمائة من حاجات شعبه من الماء أو أقل من ذلك- أرشيفية

نشرت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية تقريرا تحدثت فيه عن أزمة المياه في الأردن، التي تزداد سوءا بسبب خلافه مع إسرائيل، المتاخمة لحدوده الشرقية.


وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن البحر الميت في طريقه إلى الجفاف. فقبل نصف قرن من الآن، كان الماء المالح اللاذع جدا الميز للبحر الميت يمتد على طول 80 كيلومترا من الشمال إلى الجنوب، إلا أنه تراجع اليوم ليمتد على مسافة 48 كيلومترا فقط.


وأوضحت المجلة أن مستوى المياه في البحر الميت في تراجع مستمر، بمعدل متر واحد كل سنة. ويعود سبب ذلك إلى أن نهر الأردن، المصدر الأول لمياه هذا البحر، يقع استنفاد مياهه قبل أن تصب في البحر. وفي هذا السياق، قال المهندس منقذ مهيار، الناشط في منظمة الإيكوبيس: "لن يختفي البحر الميت أبدا بسبب إمداداته من المياه الجوفية، ولكنه سيكون أشبه ببحيرة صغيرة في حفرة كبيرة".


وذكرت المجلة أن الأردن وإسرائيل، البلدين الواقعين على ضفاف البحر الميت، قد حاولتا وضع حلول لهذا الخطر الداهم حتى الصيف الماضي، من خلال العمل على مشروع "الأحمر/ الميت". ويتمثل هذا المشروع في تحلية مياه البحر في ميناء العقبة الأردني، وضخ 200 متر مكعب من المياه المالحة المتبقية في البحر الميت كل سنة، على الرغم من أن هذه الكمية لن تكون كافية لضمان بقاء البحر الميت، الذي يحتاج إلى 800 متر مكعب ليحافظ على مستواه الحالي.


ونقلت المجلة عن البنك الدولي تصريحا بين فيه أن حاجة الشخص من المياه تعادل ألف متر مكعب في السنة، في حين لا يوفر الأردن إلا 15 بالمائة من حاجات شعبه أو أقل من ذلك. وكان من المتوقع أن تزود منشأة تحلية المياه في العقبة سكان المنطقة الجنوبية في الأردن وإسرائيل بالمياه الصالحة للشراب. في المقابل، يضخ الكيان الغاصب الكمية نفسها من المياه للمدن العطشى في شمال الأردن المكتظ بالسكان.


وأفادت المجلة بأن المشروع قد علق الآن، بسبب تلك الحادثة التي وقعت بتاريخ 23 تموز/ يوليو الماضي عندما قام شاب أردني، يعمل في تزويد السفارة الإسرائيلية بالأثاث، بطعن رجل أمن يعمل هناك. فقام الحارس بدوره بإطلاق النار على الشاب المعتدي ما أدى إلى مقتله ومقتل أردني آخر كان بالقرب من الحادثة.


من جهتها، سمحت الحكومة الأردنية لرجل الأمن وبقية الطاقم الدبلوماسي بمغادرة البلاد، قبل أن يلتقي به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مكتبه ويحتضنه، تعبيرا عن دعمه له لما قام به. وقد أثارت هذه الحادثة غضب الأردن فمنع عودة الدبلوماسيين الإسرائيليين حتى يدان الحارس. ومن بين تداعيات هذه الحادثة، توقف المحادثات حول مشاريع المياه بين البلدين، وغيرها من المشاريع الطموحة، على غرار حقل الطاقة الشمسية.


وذكرت المجلة أنه في ظل الوضع الراهن سيحاول الأردن مواصلة مسيرة مشروع "الأحمر/ الميت" لوحده، ولكن سيكون الثمن باهظا. فخطوط الأنابيب الموصولة بالبحر الميت ستحتاج إلى صيانة دورية، بسبب المياه المالحة التي تتسبب في تآكلها.


كما أفادت المجلة، نقلا عن مهيار، قولا بين فيه أن تكلفة هذا المشروع ستبلغ مليار دولار، تنقسم بين تكاليف بنائه وصيانته خلال عقد واحد. ولكن، لن تساهم الإجراءات الأحادية في تلبية حاجات عمان من الماء، لأن تكلفة نقل المياه الصالحة للشراب من العقبة ستكون مكلفة جدا.


 كما رأت المجلة أن هناك حلولا أفضل يمكن للأردن اتباعها، خاصة وأن المزارع تشكل أكثر من نصف استهلاكه السنوي من المياه. والجدبر بالذكر أن مردود هذا القطاع لا يتجاوز أربعة بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، خاصة وأن المملكة تستورد غالبية حاجاتها من الغذاء.


 ونظرا لأن الدعم الحكومي للمياه ضعيف جدا، ساهم هذا في حث المزارعين على إنبات الزراعات الأقل استهلاكا للماء؛ على غرار أشجار الموز. كما تخشى الحكومة من الترفيع في أسعار المياه لما قد تسببه هذه الإصلاحات الواسعة من غضب شعبي.

 وأوردت المجلة أن الأردن يعتبر أكثر دول العالم جفافا وقحطا، وستزيد التغييرات المناخية من تعمق أزمته. وقد ذكر أحد العلماء العاملين في جامعة ستانفورد أن الأردن سيشهد ارتفاعا في درجة الحرارة بأربع درجات مع نهاية هذا القرن، وستقل الأمطار فيه بمقدار الثلث.


وأفادت المجلة بأن الأردن سيكون في حاجة ملحة إلى ترشيد استهلاك المياه. فعودة مشاريع المياه بين الأردن وإسرائيل، التي لا ترغب في وجود جارة تعيش وضعا هشا، سيخدم مصلحة الكيان الصهيوني. وحيال هذا الشأن، قال منقذ مهيار: "على إسرائيل أن تفكر بشكل إقليمي أكثر، فقياداتها لم تحمل الأمر على محمل الجد بعد".