سياسة دولية

اجتماع دولي في باريس لدعم لبنان.. ورسائل لطهران والرياض

تحاول السعودية الحد من نفوذ إيران في لبنان- أ ف ب
تعقد القوى الكبري، الجمعة، بالعاصمة الفرنسية باريس، اجتماعا يخصص لتأكيد دعم لبنان، ومساعدته على تفعيل سياسة النأي بالنفس عن الصراع المحتدم بين إيران والمملكة العربية السعودية.

وقال دبلوماسيون إن القوى الكبرى ستحاول دعم استقرار لبنان اليوم الجمعة، بالضغط على السعودية وإيران للتوقف عن التدخل في سياساته وحث حزب الله على الحد من أنشطته الإقليمية.

وستلتقي المجموعة الدولية لدعم لبنان، التي تشمل بين أعضائها الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وهي الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا وبريطانيا والصين في باريس اليوم الجمعة، في محاولة لدعم الحريري بغية منع تصعيد جديد.

وقال مصدر دبلوماسي فرنسي، الذي أدت بلاده دورا رئيسيا في مساعدة الحريري على العودة إلى لبنان: "في وقت يشهد توترا دوليا كبيرا... يتعين علينا أن نبعث برسالة سيادة واستقرار وأمن لجميع الأطراف اللبنانية ولشركاء ذلك البلد ولمن لديهم نفوذ فيه".

وأضاف: "نحن بحاجة لتهدئة الوضع في المنطقة، ونعتقد أن ذلك المسعى يجب أن يبدأ مع لبنان لأنه بلد يمكن لجميع الأطراف التوصل إلى تسوية، ومن رحمها يخرج مسار للمفاوضات في أماكن أخرى".

وقال دبلوماسي فرنسي ثان: "الكلمة الأساسية في الإعلان النهائي، يفترض أن تكون سياسة النأي بالنفس".

وأضاف أنه في حين أن الصياغة الدبلوماسية للإعلان النهائي لن تخص بالذكر طرفا بعينه، فستكون رسالته أن على السعودية وإيران عدم التأثير على السياسة اللبنانية، وعلى حزب الله الحد من أنشطته الإقليمية، وتابع: "اجتماع الجمعة ليس ضد السعودية أو إيران وإنما لدعم لبنان".

ومن المنتظر أن يؤيد المشاركون في اجتماع الجمعة كذلك تعزيز الجيش اللبناني وإقامة مؤتمر استثماري للبنان، عقب إجراء الانتخابات التشريعية.

وقال الدبلوماسي الثاني: "ثمة حاجة للعمل من أجل تعزيز المؤسسات اللبنانية بدءا بالجيش؛ لأنه لكي تنجح سياسة النأي بالنفس، يتعين على لبنان أن يحمي حدوده وألا يكون لديه مليشيا تفعل ذلك (بدلا منه)".

من جهتها ذكرت مصادر في وزارة الخارجية الفرنسية أن "الأمر يتعلق بتمرير رسالة واضحة إلى كل الذين يمارسون نفوذا في لبنان (...) وتجنب جر هذا البلد إلى الفوضى الإقليمية".

وكانت الرئاسة الفرنسية ذكرت عند الإعلان عن هذا الاجتماع أن "فرنسا ستبقى متيقظة لاحترام الالتزامات التي تعهد بها" الأطراف اللبنانيون، لافتة في هذا الصدد إلى "إعادة تأكيد الحكومة اللبنانية سياسة النأي بلبنان عن أزمات المنطقة".

وقالت الخارجية الفرنسية من جهتها إن هدف الاجتماع "هو دعم العملية السياسية في فترة حساسة (...) سيشكل ذلك رسالة للأطراف اللبنانيين ولدول المنطقة في الوقت نفسه"، وذلك في إشارة إلى السعودية وإيران الضالعتين على الساحة السياسية اللبنانية.

وأضاف المصدر نفسه أن الرسالة هي العمل على "تقوية المؤسسات اللبنانية".
 
وقال مصدر دبلوماسي أوروبي، إن "الرسالة إلى إيران مفادها (لا تدفعوا حزب الله إلى أعمال داخل لبنان وخارجه، يمكن أن تزعزع استقرار لبنان)".

وأوضح المصدر الأوروبي أن "الرسالة إلى السعودية ستكون (افعلوا الأمر الصائب. إذا كنتم تخافون من إيران في لبنان، فيجب تعزيز الدولة اللبنانية بمساعدة اقتصادها وجيشها)".

ويفترض أن يفضي اجتماع باريس في الأشهر المقبلة عن دعم متزايد للجيش اللبناني عماد الوحدة الوطنية وللاقتصاد اللبناني، كما ذكرت مصادر في الخارجية الفرنسية.

وسيعقد اجتماع آخر في 2018 في روما لجمع مساعدات للجيش اللبناني في التأهيل والتجهيز. وكانت السعودية تعهدت بدفع 2,2 مليار يورو لتجهيزات الجيش اللبناني في 2016، قبل أن تتراجع، مشيرة إلى "هيمنة حزب الله" على لبنان.

وأعلن لبنان عام 2012 سياسة "النأي بالنفس" لإبقاء البلد المنقسم بشدة بعيدا عن الصراعات الإقليمية مثل الحرب في سوريا. وعلى الرغم من هذه السياسة يشارك حزب الله بقوة في هذه الحرب، حيث أرسل آلاف المقاتلين لمساعدة الرئيس السوري بشار الأسد.

وينظر على نطاق واسع إلى قلق السعوديين من النفوذ الذي تمارسه إيران الشيعية وحزب الله في الدول العربية الأخرى، على أنه السبب الرئيسي للأزمة التي أثارت مخاوف بشأن استقرار لبنان الاقتصادي والسياسي.

وانزلق لبنان إلى أزمة في الرابع من تشرين الثاني/ نوفمبر عندما استقال رئيس وزرائه سعد الحريري من منصبه خلال وجوده في السعودية، قائلا إنه يخشى الاغتيال وانتقد إيران، المنافس الإقليمي اللدود للسعودية، وحليفها اللبناني حزب الله.

وأوحت الاستقالة ثم بقاء الحريري أسبوعين في الرياض وسط ظروف غامضة بأنه "محتجز" في السعودية، قبل أن تثمر وساطة فرنسية انتقاله إلى باريس، ثم إلى بيروت.

وبعد ضغوط دولية ومفاوضات بين الفصائل السياسية اللبنانية عدل عن استقالته يوم الثلاثاء وأعادت حكومته الائتلافية، التي تضم حزب الله، لتأكيد سياسة الدولة القائمة على النأي عن النفس عن الصراعات في الدول العربية.