القدس

إندبندنت: هذا ما أثبته قرار ترامب الأخير بشأن القدس

إندبندنت: قرار القدس أثبت قلة فهم ترامب للشرق الأوسط- أ ف ب

نشرت صحيفة "إندبندنت" مقالا للصحفي دونالد ماكنتاير، يعلق فيه على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخير، بالاعتراف بمدينة القدس عاصمة لإسرائيل.

ويبدأ ماكنتاير مقاله بالقول: "ربما كان من المناسب هطول المطر الغزير لأول مرة، بعد أسابيع من الجفاف على الرصيف خارج محل الصحف والقرطاسية، الذي يملكه عماد منى في شارع صلاح الدين في القدس الشرقية".

 

ويضيف الكاتب: "داخل المحل مالكه وابنه أحمد، البالغ من العمر 27 عاما، وزبون اسمه عدنان عبد الرازق، يبلغ من العمر 70 عاما، وكانوا يتناقشون بماذا سيعني قرار ترامب، الذي سيعلنه في خطاب كانوا ينتظرون مشاهدته بعد عدة ساعات، وأشار عبد الرازق إلى أن مجلس الأمن أعلن في 1980 أن القانون الذي صدر في عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن، الذي يعلن أن القدس بكاملها عاصمة لإسرائيل، لاغ".

 

ويتابع ماكنتاير في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، قائلا: "مع أن أحمد وافق على ذلك، إلا أنه اختلف مع الرجل المسن عندما قال لو أن ترامب حدد القدس الغربية (عاصمة لإسرائيل) فلن يكون قراره بذلك السوء، حيث تبقى القدس الشرقية قابلة لأن تكون عاصمة للدولة الفلسطينية، وهذا التمييز لم يتطرق إليه ترامب على أي حال".

 

وينقل الكاتب عن أحمد قوله إنه يظن أن ترامب يسعى ليستفز حركة حماس لتلغي تصالحها مع حركة فتح، وأضاف: "يجب ألا يتحدث ترامب بهذا الكلام نهائيا، وأنا متأكد أنه ستكون هناك مظاهرات كبيرة"، فيما قال والده إن للفلسطينيين حصة مساوية في القدس، وهذا هو "آخر كلام"، وإن أراد ترامب تحدي ذلك، فإنه يعني انتهاء عملية السلام.

 

ويعلق ماكنتاير قائلا: "إذا ما أخذنا تصريحات الزعماء العرب الغاضبة قبل خطاب ترامب في عين الاعتبار، فإن حوار هؤلاء الثلاثة في القدس يعد واعيا، بل فيه ضبط للنفس، لكن يبدو أن ذلك نابع من عزم قوي على عدم السماح لأي خيانة تضطرهم لقبول الاحتلال الذي دام 50 عاما، حتى لو دعمت الرياض والدول العربية الأخرى قرار ترامب، الذي يبدو أنها لم تفعله بعد أن صدر الإعلان، حيث قال عبد الرازق إنهم لن يستطيعوا أن يبعدوا الفلسطينيين عن حلمهم الوطني". 

 

ويقول الكاتب: "من القدس التي بللتها الأمطار، من الصعب معرفة ما الذي دفع شخص مهووس بإشعال الحرائق -مستخدما التعبير الذي استخدمه عضو الكنيست العربي أيمن عودة- مثل ترامب أن يكسر التوافق الغربي الحساس في أكثر المسائل حساسية بين إسرائيل والفلسطينيين، لا شك أن هناك دوافع معقدة لاتخاذ قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، بالرغم من مخالفة القرارات الدولية منذ عام 1948، فهل كان من تأثير شلدون أديلسون، أكبر داعمي حملة ترامب الانتخابية عام 2016، وهو مؤيد متحمس لليمين القومي الإسرائيلي، وهو أيضا ممول صحيفة (إسرائيل هيوم) المجانية المؤيدة دائما لبنيامين نتانيوهو؟ لكن ما هو واضح إن كان ترامب يحاول التوفيق بين حلمه بالتوصل إلى (أم الصفقات) وبحثه عن وعد انتخابي يحققه بأي ثمن، سيكون هذا الأخير هو الخيار الفائز". 

 

ويشير ماكنتاير إلى أن "بعض هذا قد يكون جمع زخما في الحوار الجاري على (واتساب) بين الشابين الثريين جارد كوشنر، زوج ابنة ترامب، وولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان، ويبدو أن ذلك هو ما ولد فكرة صفقة سلام من تخطيط ترامب -التي نشرت عنها (نيويورك تايمز) أولا- هذه الخطة ستكون عرضت على الفلسطينيين عاصمة بعيدة عن مركز القدس في قرية أبو ديس، وهي فكرة قديمة طرحت أصلا في تسعينيات القرن الماضي". 

ويقول الكاتب: "إن كان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ظن أن بإمكانه إهمال الحد الأخير للفلسطينين، فهذا قد يعني أنه لم يقدر حجم المكانة التي تحتلها القدس في قلوب الفلسطينيين، بل المسلمين في كل مكان، بمن فيهم من هم في بلده، وقد يكون ذلك هو السبب أن ملك السعودية رفض علنا الاتفاقية، التي يدعي أنه تم التوصل إليها مع كوشنر، وبدلا من ذلك أعرب الملك عن دعمه للمبادرة العربية للسلام، التي تعد إسرائيل باعتراف الدول العربية كلها مقابل دولة فلسطينية في الضفة وغزة وعاصمتها في القدس الشرقية، وليس سرا أن السعودية وإسرائيل تحاولان إنشاء تحالف يقف في وجه عدوهما المشترك، إيران، وربما كان البعض في المملكة مستعد للتضحية بالفلسطينيين لتحقيق هذا الهدف، لكن القدس هي لب السبب الذي يمنعهم من فعل ذلك".

 

ويلفت الكاتب إلى أن "المتفائلين جدا يشيرون في إعلان ترامب يوم الأربعاء إلى التزامه بالسلام من خلال المفاوضات إن وافق الطرفان على الشروط، مهملين تماما أن كل تصريح صادر عن أي عضو من حكومة نتنياهو الائتلافية، بل ورئيس الوزراء نفسه، يشير إلى أن إسرائيل غير مستعدة لأي صفقة يستطيع أي زعيم فلسطيني أن يتعايش معها". 

 

ويقول ماكنتاير: "صحيح أنه لم يعد كلام مثل (القدس غير المقسمة عاصمة أبدية لإسرائيل)، لكنه لم يحدد القدس الغربية كما كانت الحكومات كلها، بما فيها حكومته، تعد المكان المناسب لعاصمة إسرائيلية مستقبلية، وكونه لم يحدد يجعل مجالا للاستنتاج بأن قصد (العاصمة غير المقسمة)".

 

ويجد الكاتب أن "منطق ترامب بأن عدم الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وعدم نقل السفارة الأمريكية إليها لم يولد سلاما، منطق أعوج، وكأنه يقول إنه ليس هناك من عقبات أمام السلام إلا ذلك، فهل يعتقد أن الفلسطينيين لن يقبلوا بشروط مذلة لمنع بناء سفارة أمريكية في القدس؟ وإن كان فهمه هو ذلك، فإنه ببساطة لا يفهم الصراع". 

 

ويختم ماكنتاير مقاله يالإشارة إلى أن أحد أحكم الإسرائيليين في القدس، وهو دانيال سيدمان، الذي قدم استشارات لأمريكا والدول الأجنبية فيما يتعلق بقضية القدس، حذر قبل خطاب ترامب بأن ما سيقوله قد يكون السبب في انتهاء الدور الأمريكي بصفته وسيط سلام.