ملفات وتقارير

ما الذي يسعى إليه الأسد بعد اتهامه الأكراد بالخيانة؟

عناصر من القوات الكردية المدعومة أمريكيا شمال سوريا- جيتي

قال محللون وكتاب سوريون إن هجوم رئيس النظام السوري بشار الأسد على الفصائل الكردية واتهامها بـ"الخيانة" يشير إلى بدء انقلابه على المجموعات التي ساعدته في إفشال الثورة بطريقة غير مباشرة.

وكان الأسد قال الأسد في تصريحات صحفية عقب استقباله وفدا حكوميا اقتصاديا روسيا أمس: "إننا حين نتحدث عن تسمية الأكراد ففي الواقع هم ليسوا أكرادا فقط بل مختلف الشرائح في المنطقة الشرقية المساهمة معهم".

وأضاف: "وبغض النظر عن التسمية فكل من يعمل لصالح الأجنبي خصوصا القيادة الأمريكية ضد جيشه وشعبه هو خائن بكل بساطة".

وأضاف: "هذا هو تقييمنا لتلك المجموعات التي تعمل لصالح الأميركيين".

وعلى الرغم من تصريحات سابقة لوزير خارجية النظام وليد المعلم بشأن إمكانية التفاوض مع الأكراد من أجل إنشاء منطقة إدارة ذاتية في إطار الدولة إلا أن تصريحات الأسد جاءت لتنسف هذا الحديث.

وقال المعلم في أيلول/ سبتمبر الماضي: "إنهم في سوريا يريدون شكلا من أشكال الإدارة الذاتية في إطار حدود الجمهورية وهذا أمر قابل للتفاوض والحوار".

 

شعور الانتصار


ورأى مراقبون أن الأسد يعيش "دور المنتصر" بعد الفتك بالثورة السورية ويريد التفرغ لباقي المكونات التي ساعدته في لحظة من اللحظات وبأشكال متعددة في "إفشال الثورة" وتنفيذ أجندته بطريقة غير مباشرة والتخلص منها ليبقى القوة الوحيدة داخليا.

وقال الكاتب السوري سعد وفائي إن النظام السوري منذ زمن بعيد وهو يمارس "التدليس والخداع ويصف الآخرين بالخيانة على الرغم من أنه أكثر شخصية تستحق هذا اللقب بعد أن جاء بكل الجنسيات الأجنبية للقتال معه في سوريا".

وأوضح وفائي لـ"عربي21" أن نظام الأسد سعى لتحييد كافة الجهات التي ترتبط وتتلقى تمويلا خارجيا مثل المليشيات الكردية وقام بتسليمهم مناطق واسعة للسيطرة عليها بالإضافة إلى أحياء كبيرة في حلب مثل الشيخ مقصود والأشرفية رغم معاركه الطاحنة مع الثوار.

ولفت إلى أنه قام بالانسحاب من حواجز عسكرية وسلمها لتلك المليشيات للإشراف المباشر عليها رغم ملاحقته لها قبل الثورة والزج بقادتها في السجون.

وأضاف وفائي: "بهذا الأسلوب حيد النظام الأطراف الفاعلة على الأرض بغض النظر عن نظرتها السلبية للثورة وطرحها وأجنداتها الخاصة لكنه في المحصلة سلم بعض المناطق لجهات تديرها وتحرسها لصالحه".

وشدد على أن الأسد يرى أنه المنتصر وعليه تصفية أعدائه والانقلاب على كل من حيدهم منذ بداية الثورة لأن الوقت حان بعد التخلص من السوريين الذين خرجوا على نظامه.

وأشار إلى أن معارك وقعت بين الطرفين منذ أشهر قليلة لكن "سرعان ما تم تطويقها بقرار دولي"، موضحا أن "تصريحات ماكرون بشأن التحاور مع الأسد لا تنفصل تصريحات عن الأخير بشأن الأكراد وتخوينهم لأن إغلاق هذا الملف سيكون بفعل دولي".

وعلى صعيد ردة فعل المليشيات الكردية قال وفائي: "هذه الجماعات تعلمت التعايش مع الظروف القاسية سواء في إيران أو تركيا وحتى في سوريا وفي بعض المراحل تنشط وتخمد في أخرى"، وتابع: "لكنها تبقى في النهاية أجندة خارجية تستخدم دوليا للمساومة والضغط".

ولفت إلى أن هذه الورقة أكثر من يمسك بها "الروس لإبقائها ورقة ضد تركيا وإيران في الإقليم"، وقال إن "من يريد التخلص من هذه الجماعات فعليه دفع الثمن لصاحب الورقة".

ورأى وفائي أن المليشيات الكردية في سوريا لو توقف عنها الدعم الخارجي أو حتى الرواتب شهرا واحدا فستنهار ولن يبقى منها سوى 50 بالمئة من قوتها على الأرض.

بدوره قال الباحث محمد حاج إبراهيم إن النظام السوري خلق هذه التنظيمات منذ السبيعنات وعمل على تغذيتها وتدريبها عسكريا لخدمة مصالحه في اللحظة المناسبة.

 

براغماتية واشنطن

وأوضح حاج إبراهيم لـ"عربي21" أن هذه المليشيات أسهمت في تهجير وترحيل السوريين من أراضيهم خدمة للنظام والآن انتهت مهمتها.

ورأى أن النظام والمليشيات "وجهان لعملة واحدة وكل طرف يسعى للحصول على امتيازات ومكتسبات على أنقاض الثورة".

وبشأن الدعم الأمريكي والدولي لهذه المليشيات أشار حاج إبراهيم إلى أن البراغماتية الأمريكية تتحرك وفق مصالحها والدول العظمى لا تهتم بكل الأحلام الانفصالية لهذه الجماعات.

وشدد على أن "تنفيذ المشروع الانفصالي في سوريا الآن ليس بالأمر السهل خاصة أن هناك مصالح أمن قومي لدول إقليمية ستتأثر من هذه الفكرة الأمر الذي سيعود على الولايات المتحدة بالسلب في علاقاتها مع تلك الدول خاصة تركيا.

 

وحول مصير تلك الجماعات قال حاج إبراهيم: "الجهة التي أحضرتها إلى سوريا تعيدها من حيث أتت خاصة أنها كانت تقيم في جبل قنديل وبعض المناطق الحدودية في الإقليم وستبقى هناك في حالة خمود لحين استدعائها لمهمة أخرى".