ملفات وتقارير

خمسة ملفات شائكة بين القاهرة والخرطوم

لدى السودان شكوك بأن مصر تقف وراء مظاهرات الخبز الأخيرة- أ ف ب

تصاعدت الأزمة بين مصر والسودان خلال الأيام الماضية بشكل متسارع، وفي الوقت الذي زادت فيه وتيرة الحرب الإعلامية بين البلدين، حافظ المسؤولون الرسميون علي إيقاع ضبط الأعصاب، وهو ما تمثل في تصريحات وزير الخارجية المصري سامح شكري خلال لقائه بنظيره التنزاني في القاهرة الخميس بأن بلاده تسعى لعلاقات قوية مع الخرطوم، إلا أنه أعلن بشكل ضمني أن اتفاقية الحريات الأربع بين البلدين تكاد تكون منعدمة، وفي نفس اليوم جاءت تصريحات إبراهيم الغندور وزير الخارجية السوداني لتنفي صحة ما قيل عن غلق المعابر البرية بين البلدين.

وطبقا لمجريات الأحداث فإن خبراء سودانيين ومصريين حددوا عدة ملفات ربما تكون السبب لهذا التسارع في الذهاب لطريق مسدود بين البلدين، منها ما هو متعلق بالقاهرة وأخرى بالخرطوم، وفي كل الملفات هناك عوامل إشعال مشتركة تقف وراءها كل من الإمارات وإسرائيل.

مؤامرات مصرية
وفي مقدمة أسباب التوتر بين البلدين، شكوك سودانية بأن مصر تقف وراء مظاهرات الخبز الأخيرة التي شهدتها العاصمة الخرطوم ومدن أخرى، وطبقا لمسؤول بالخارجية السودانية فإن بلاده لديها أدلة عن تورط القاهرة في إشعال مظاهرات سابقة، ومن أجل الحفاظ علي العلاقة بين البلدين جعلتهم يتعاملون مع هذه الأدلة بحذر.

 

اقرأ أيضا: هذه حقيقة إغلاق السودان معابرها مع مصر

وتساءل المسؤول السوداني خلال حديثه لـ"عربي 21": لماذا هذه المظاهرات كلما توترت العلاقة بين البلدين؟ مشيرا إلى أن عام 2012 ألقت السلطات السودانية القبض علي الصحفية المصرية شيماء عادل، "التي كانت تقوم بمهمة استخباراتية لتدريب شبان وفتيات سودانيين للقيام بالمظاهرات وافتعال الأزمات"، ولكن تدخل الدكتور محمد مرسي الرئيس المصري وقتها منع زيادة الأزمة، وطبقا لتعهد مرسي بالتحقيق في الموضوع سلمت السودان الصحافية للرئيس المصري، موضحا أن الخرطوم لديه أدلة أيضا عن دعم مصر والإمارات لمتمردي دافور وجيش الحركة الشعبية في الجنوب، فضلا عن الشكوك بتورط القاهرة مع الإمارات والسعودية في محاولة الانقلاب الفاشلة ضد الرئيس عمر البشير.

حلايب وشلاتين
ربما تكون حلايب وشلاتين هي السبب الظاهر لهذه الأزمة كما أكد محمد حسن القيادي في حزب المؤتمر الحاكم بالسودان لـ"عربي 21"، موضحا أن مثلت حلايب وشلاتين يأتي ضمن الحرب الدائرة الآن في البحر الأحمر فهذا المثلت يضم ميناءين هامين يساعدان من يتحكم فيهما بوضع قدم ثابتة له في البحر الأحمر، ولذلك تحاول القاهرة "تمصير" المثلث بكل الطرق، ولكن للأسف ليس لصالحها وإنما لصالح الإمارات، التي قامت بالسيطرة خلال مشاركتها في الحرب الدائرة باليمن على عدة جزر بالإضافة لموانئ حضرموت والمكلا وعدن المطلين على البحر الأحمر، كما أنها تسعى الآن لإقامة قاعدة عسكرية في مدينة بربرة بدولة أرض الصومال، بالإضافة لقاعدتها العسكرية في ليبيا.

سد النهضة
أما الملف الثاني طبقا للقيادي السوداني فهو مشروع سد النهضة الذي دخل مراحله النهائية، ولعل الطلب المصري من إثيوبيا باستبعاد السودان من المباحثات يشير إلى غضب القاهرة من تناغم الموقفين السوداني والإثيوبي، موضحا أن القاهرة تغافلت عن أن النيل الأزرق الذي يمر عبر الأراضي السودانية يمثل ما يقرب من 30% من مياه النيل الذي يغذي مصر.

وأشار إلي أن القاهرة أصبحت مرتبكة ومتوترة في ملف سد النهضة ولم يعد لديها أوراق ضغط على إثيوبيا وبالتالي فإن إشعالها للحرب مع السودان عن طريق إرتريا، سوف يجر إثيوبيا بشكل أو بآخر للمواجهة نظرا لتوتر العلاقات الإثيوبية الإرترية، وأرجع ذلك إلى العقلية المخابراتية التآمرية التي يتمتع بها رئيس الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي.

التحالفات الإقليمية
ويأتي ملف التحالفات الإقليمية التي تشهدها المنطقة سببا آخر لهذا التوتر، ففي الوقت الذي شكلت مصر والإمارات والسعودية والبحرين وفي الخلف منهم إسرائيل تحالفهم الإقليمي، قامت تركيا بتوسيع دائرة تحالفاتها بضم السودان إضافة لقطر، كما أكد الكاتب السوداني عبد المجيد البشري. 

 

اقرأ أيضا: في ظل التوتر مع السودان وإثيوبيا.. مباحثات مصرية إريترية

وأضاف البشري لـ"عربي 21" أن بلاده تعاملت في البداية مع نظام عبد الفتاح السيسي بترحيب لما تمثله مصر من أهمية لهم، و"لكن الخرطوم وجدت نفسها أمام تكتلات ومؤامرات إقليمية تستهدف أمنها وللأسف كان النظام المصري شريكا فيها، وهو ما دفع السودان للبحث عن مصالحه سواء مع تركيا وقطر أو حتى مع روسيا، ويبدو أن هذا أقلق القاهرة وأبو ظبي والرياض".

معارضو السيسي 
ولم يستبعد البشري غضب التحالف السابق من احتضان الخرطوم لمعارضي السيسي من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وغيرهم، وهو ما ذهب إليه أيضا عطية العيسوي الخبير في الشؤون الإفريقية بجريدة الأهرام المصرية، والذي أكد في مداخلة له لإذاعة "سبوتنيك" أن القاهرة تتخوف من سماح تركيا لمعارضي السيسي بالتواجد في مدينة سواكن التي حصلت عليها مؤخرا من الخرطوم، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى إثارة القلائل بالنسبة لمصر نظرا لحدودها المفتوحة والممتدة مع السودان.